Articles in Science and Technology translated from English and French, and published in the Jordanian newspaper AL RAI and several Jordanian and Arabic magazines
الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013
تسمية الشوارع: مبادئ ومسلمات
الثلاثاء، 11 يونيو 2013
تعليقات على المقال: "بورباكي وآينشتاين" الذي نشر في العدد السابق، 64، من صفحتنا هذه، بتاريخ 28 أيار 2013
التعرّق في 20 معلومة طريفة
ماذا تريد من صفحة العلوم؟
فيرما ونظريّته التي عجّزت الرياضيّاتيّين
حسام جميل مدانات، العرب اليوم،11/6/2013
لا أدري لماذا يذكرني اسم فيرما بقول المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الناس جرّاها ويختصمُ.
نعرف جميعنا مبرهنة (نظرية) فيثاغورس فيما يخص العلاقة بين ضلعي المثلث قائم الزاوية ووتره، حيث مجموع مربعي الضلعين يساوي مربع الوتر. مثلا المثلث الذي ضلعاه 3، 4 سم، يكون وتره: 5 سم حيث مربع 3 + مربع 4 = مربع 5.
لكن مبرهنة (نظرية) فيرما الأخيرة (أو حدس فيرما) تنصّ بكل بساطة على استحالة انطباق هذه العلاقة على قوى أكبر من 2 للأعداد الصحيحة. أي أنه يستحيل وجود ثلاثة أعداد صحيحة موجبة، ولنرمز لها أ ، ب ، ج؛ بحيث أن (أ مرفوعة للأس ن + ب مرفوعة للأس ن) يساوي ج مرفوعة للأس ن، حيث ن عدد صحيح أكبر من 2.
كتب فيرما نص هذه النظرية على هامش إحدى صفحات كتاب "الحساب" لمؤلفه المصري الإسكندري اليوناني ديُفَنْتس (325 – 409). وأضاف فيرما أنه توصل إلى إثبات رياضي لها، إلا أن " الهامش لا يتسع لكتابته؟! فهل توصّل فيرما حقا إلى إثبات هذه النظرية التي دوخت الجميع طوال 350 سنة؟
شكل إثبات صحة (أو خطأ) هذه النظرية تحديا للرياضياتيين، حتى تم إثبات صحتها في ختام القرن العشرين. وقد وضع اللبنة الأخيرة في الإثبات البريطاني أندرو وايلز عام 1995. اعتبرت هذه المسألة هي الأشهر في تاريخ الرياضيات، واعتبرها كتاب غينس للأرقام القياسية أصعب مسألة في الرياضيات.
حين يتسلى المحامي
ولد بيير فيرما (Pierre de Fermat) في مطلع القرن السابع عشر؛ درس الحقوق في جامعة أورليَن، وتخرج عام 1626. أتقن اللاتينية واليونانية والإيطالية والإسبانية. وكان يمضي وقت فراغه في دراسة الرياضيات وإجراء بحوث فيها. لم يكن ينشر نتائجه وإنما كان يضمنها في رسائل يبعث بها إلى أصدقائه (ومنهم بليز باسكال). ولهذا السبب أثير جدل حول مدى أسبقيته في بعض المنجزات. مثلا يعتبر أنه سبق ديكارت في وضع أسس الهندسة التحليلية، لكن العالم ينسب الفضل في ذلك لديكارت، ومن هنا جاء تعبير الإحداثيات الكارتيزية. وعمل فيرما في موضوع حساب النهايات الصغرى والعظمى، التي تدخل في مجال حساب التفاضل والتكامل حاليا. وقد اعترف اسحق نيوتن بأنه استمدّ أفكاره الأولى في هذا الموضوع من فيرما.
اهتم فيرما بنظرية الأعداد؛ كما ساهم مع باسكال، عبر الرسائل المتبادلة بينهما، في وضع أسس نظرية الاحتمالات. وضع فيرما أيضا "مبدأ" "أقصر زمن" الذي اشتق منه قانون سْنِل في الضوء عام 1657، وعمل في مجال انكسار الضوء وأجرى أبحاثا لايجاد كتلة الأرض.
لكن لعلّ أفضل إنجازاته هو في مجال نظرية الأعداد، وهو يُعتبر مؤسس هذا العلم في العصر الحديث. ويمكننا القول أن محاولات الرياضياتيين على مدى 350 سنة لإثبات "نظرية فيرما الأخيرة" قد ساهمت مساهمة كبيرة في تقدم نظرية الأعداد والرياضيات عامة.
عام 2020: الجيل الثالث من السيارة الكهربائية
حسام مدانات، العرب اليوم، 6/6/2013
على الرغم من أن السيارة الكهربائية ليست اختراعا حديثا، فأوائل السيارات، قبل أكثر من مئة سنة، كانت كهربائية، إلا أنها عجزت حتى الآن عن منافسة السيارة التي تحرق مشتقات الوقود الأحفوري، كالبنزين والديزل. تُتهم شركات النفط بأنها تحارب السيارة الكهربائية؛ لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فهذه السيارة ما زالت تعاني من مشكلات وسلبيات. وهي ليست صديقة للبيئة بالقدر الذي نتوقعه. صحيح أنها لا تلوث الجو مباشرة بالغازات العادمة، لكن مصدر الكهرباء الذي تستخدمه هو غالبا من محطات تستخدم الوقود الأحفوري. فالنتيجة هي نفسها إذًا.
تسعى معظم الشركات الصانعة للسيارات حاليا لتطوير سيارات كهربائية عملية ومنافسة. وهي ستكون غالبا مخصصة لداخل المدن، بسرعات معتدلة، وذات حجم صغير، وقادرة على الاصطفاف العمودي وعلى شحن نفسها بالكهرباء؛ إضافة إلى أن سعرها لا يفوق سعر السيارات المشابهة التي تعمل على البنزين؛ لكن تخفيض السعر يفرض إنتاجها بأعداد كبيرة، وقد يتطلب هذا في البداية دعم الدولة لها. سيغطى سقف السيارة بألواح كهرشمسية لتفي ببعض حاجتها من الكهرباء. كما أن شحنها من شبكة الكهرباء سيجري بواسطة الحث الكهربائي، دون الحاجة للأسلاك. والفكرة التي يجري بحثها حاليا هي تركيب ملفات كهربائية تحت سطح شوارع المدن، بحيث تشحن السيارة تلقائيا أثناء سيرها.
Science et Vie 1/2013
p 105
الثلاثاء، 28 مايو 2013
بورباكي وآينشتاين
كتب المحرّر العلميّ، العرب اليوم، 28/5/2013
هل تعرف نقولا بورباكي Bourbaki ؟ إذا لم تكن مختصا بالرياضيات. فالأغلب أنك لم تسمع بالاسم. لكن ما يميز هذا الاسم أنه اسم مستعار، ولا يعبر عن شخص طبيعي حقيقي.
في عام 1934 اتفق رياضياتيون فرنسيون على التعاون لوضع أسس الرياضيات المعاصرة، وتأليف كتب مدرسية فيها. وسعوا لبناء هذه الرياضيات على نظرية المجموعات. أطلقوا على فريقهم الاسم "نقولا بورباكي".
كانوا يجتمعون ويناقشون بالتفصيل وبعمق كل ما يكتبونه، ثم تنشر كتبهم تحت الاسم نقولا بورباكي، دون أن ينسبوا الفضل لأي من الأعضاء. وربما لو أنهم اختاروا شخصا طبيعيا حقيقيا لتوقيع اسمه تحت جميع أبحاثهم لاعتبر أعظم رياضياتي في التاريخ.
فهل يمكن أن يكون شيء مشابه قد حصل فيما يخص آينشتاين، وأن تكون "جهة ما" قد رتبت أن تُنشر جميع أبحاث ومنجزات مجموعة باحثين تحت اسم آينشتاين؟ هذا ما كنت أعتقده، لكن يبدو أن الحقيقة أسوأ من ذلك بكثير.
لا يكاد يمر يوم دون أن يصادفك في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ذكر هذا العالم الذي أصبح رمزا للعبقرية والذكاء والعلم والإبداع، فأين الحقيقة من كل هذا؟
صناعة النجم:
كتبتُ على محرك البحث غوغل، الكلمتين: Einstein hoax أي: خدعة، أو أكذوبة، آينشتاين، ففوجئت بوجود مئات المواضيع التي تتحدث عن كيف صنعت الصهيونية هذه الأسطورة. وما زالت تغذيها بزخم هائل.
اخترتُ أول موضوع من هذه القوائم، وترجمة عنوانه:
البرت آينشتاين – هل كان كذابا ولصا انتحل أفكار غيره.
يصفه المقال بأنه تمتع بعبقرية وحيدة: القدرة والجرأة على سرقة أفكار الآخرين وإنجازاتهم ونسبتها لنفسه، ثم تجند وسائل الإعلام العملاقة الواقعة تحت السيطرة اليهودية طاقاتها للدعاية له.
تصفه الموسوعة البريطانية بأنه أظهر قدرات مدرسية محدودة. ترك المدرسة في الخامسة عشرة بعد رسوبه في ثلاث مواد. ثم فشل في امتحان القبول في كلية الهندسة في زيوريخ/سويسرا، فتوظف في مكتب تسجيل البراءات في بيرن، وبقي فيه حتى عام 1909.
في عام 1905، فجأة، ودون أي مقدمات، نشر أربعة أبحاث فيزيائية:
- أسس نظرية الفوتونات في الضوء؛
- تكافؤ المادة والطاقة؛
- شرح الحركة البراونية في السوائل؛
- نظرية النسبية الخاصة.
لنبدأ بالبحث الأخير، فالنسبية قد ارتبطت باسمه باعتباره مبتكرها. ترتبط هذه النظرية بافتراضات منها أن سرعة الضوء ثابتة ومستقلة عن سرعة المصدر الذي يشع الضوء. وهذه الفكرة اقترحها الاسكتلندي جيمس ماكسويل عام 1878. كما تبين من تجارب مورلي ومكلسون عام 1887 أن سرعة الضوء مستقلة عن سرعة المراقب. وفي عام 1904 نشر الهولندي لورنتز ما يسمى بتحويلات لورنتز التي تفسر زيادة الكتلة وتقلص الطول لجسم يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء. أي أن كل ما ورد في مقالة آينشتاين عن النسبية كان قد نشره آخرون. وكان الفرنسي بوانكاريه أبرز المحاضرين عن النسبية، لكنه لم يشر مطلقا إلى آينشتاين. لاحظ أيضا أن نظرية النسبية لم تكن سبب حصوله على جائزة نوبل (بسبب تأخر قبول المجتمع العلمي لها؟). لكن لعله هو أول من استخدم هذا المصطلح: "النسبية"، لوصف هذه النظرية. فهل يبرر هذا نسبتها له؟
نعود إلى البحث الأول: "أسس نظرية الفوتونات في الضوء" وهو الذي منح آينشتاين جائزة نوبل عليه عام 1922. لكن الفضل يعود إلى "ماكس بلانك"، و"فِلهلم فين" اللذين أوضحا، قبل آينشتاين، أن الضوء يُبث ويُمتصّ بحزم محدودة، أطلِق عليها اسم الكمّات (الكوانتا). كما كان لنار، أو لنارد Lenard قد أوضح أن الضوء الساقط على فلز أو شبه موصل يطلق الكترونات تعتمد على تردد الضوء وليس على شدته. وما أورده آينشتاين في بحثه فيما يخص الضوء كان قد قاله بلانك عام 1900 معمما على الأمواج الكهرمغنطيسية كافة.
أما تكافؤ المادة والطاقة، والمعادلة المشهورة التي تنسب إلى آينشتاين (الطاقة = الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء)، فقد ظهرت في بحث نشره الإيطالي أولنتو دي برتو في المجلة Atte عام 1903 ؛ كما أثبتت تجارب تومسون في كيمبرج تكافؤ المادة والطاقة، وعززتها بحوث هازنورت، الذي نشرها عام 1904.
وفيما يتعلق بالحركة البراونية، وهي تتعلق بحركة الجزيئات في السائل، فقد وضع معادلاتها الأمريكي غبز Gibbs والنمساوي بولتزمَن Boltzman قبل آينشتاين. ونشير هنا أيضا إلى ضعف احتمال أن يحقق شخص مثل هذه الإنجازات مجتمعة في سنة واحدة، دون أن يكون موجودا في وسط علمي أكاديمي، ودون مختبرات، ودون خلفية علمية متينة، أوقدرات رياضية كافية.
آلة الدعاية الصهيونية
لم يلتفت أحد لما نشره آينشتاين، في 1905، حتى عام 1909 حين دعمته منظمات صهيونية؛ وعملت على تعيينه في الجامعة، فأصبح له تواصل مباشر مع الباحثين والطلبة، وأتيحت له إمكانية أكبر للاستفادة من جهودهم. في عام 1915 نشر هِلبرْت المعادلات الكاملة للنسبية العامة. وكان قد أرسل نسخة منها إلى آينشتاين، الذي نشر البحث باسمه بعد اسبوع من نشر بحث هلبرت! وتتعلق النسبية العامة بتطبيق مبادئ النسبية الخاصة على الكون، وبحث التجاذب بين الكواكب، وانحناء الضوء حين يمر قرب جرم ثقيل.
في عام 1919 نشرت التايمز اللندنية (مالكوها يهود) مقالة ذات عنوان مثير: ثورة في العلم: نظرية جديدة عن الكون تطيح بأفكار نيوتن.
كانت هذه بداية حملة محمومة لصنع الأسطورة. بدأ الترويج المكثف لأوراقه البحثية الأربع التي نشرت عام 1905 باعتبارها أفكارا أصيلة له. ونجحت الحملة في منحه جائزة نوبل عام 1922.
بعد عام 1919 توقف عن انتحال أفكار غيره، وكرس نفسه للدعاية للصهيونية، ولكن اسمه ظهر على بضع مقالات بحثية قام بها آخرون، وكان غرضهم إعطاء قيمة لأبحاثهم.
في عام 1921 قام بجولة في الولايات المتحدة لجمع تبرعات لبناء الجامعة العبرية في القدس. عُرض عليه أن يكون أول رئيس لإسرائيل لكنه اعتذر. وكانت قمة المهزلة (حسب رأي المقالة التي أشرنا إليها) حين سمّته مجلة تايم (مالكوها يهود أيضا) "شخصية القرن العشرين".
Albert Einstein– was he a thief, a liar and a plagiarist?
شبح المجاعات يلوح في الأفق
المحرر العلمي، العرب اليوم، 28/5/2013
قد يبدو هذا العنوان للبعض غريبا ومبالغا به؛ فنحن نعيش في الأردن، وفي العالم عامة، عصر الوفرة. وفرة في الطعام، وتنوع هائل في اشكاله وأطباقه ومصادره. أصبحنا نتوقع توافر مختلف أصناف الخضار والفواكه واللحوم طوال العام وبأسعار معقولة.
وتبدو بعيدة منسية تلك الأيام حين كان أجدادنا لا يعرفون الخضار إلا في شهر أو اثنين من السنة، وليست جميع الخضار التي نعرفها الآن، وحين كانت الأغلبية لا تتناول اللحم إلا في المناسبات. وكان الطعام اليومي للأغلبية هو الخبز الحاف. وغابت عن الذاكرة المجاعات المتكررة بسبب غزو الجراد أو المحل أو مصادرة السلطنة العثمانية للحبوب والدواب والمواشي، وتسفير الرجال للحرب كما حصل في السفر برلك، الحرب العالمية الأولى، قبل مئة سنة، حين اضطر الناس لأكل الأعشاب وجذورها.
على الرغم من حصول مجاعات محلية أو اقليمية من وقت لآخر (الصومال،...) فإن احتمالات حصول مجاعة لدينا أو لدى غيرنا أصبحت ضئيلة بفضل عوامل عدة: التقدم العلمي والتقني الذي أتاح حراثة الأرض وحصاد المحاصيل بطرق آلية أسرع وأكفأ كثيرا من الطرق اليدوية التقليدية؛ واستخدام السماد الكيميائي، ومبيدات الآفات الزراعية، وتهجين أصناف زراعية أفضل وأغزر انتاجا، واستصلاح أراض زراعية جديدة على حساب البيئة الطبيعية من مستنقعات تجفف، وغابات تقطع. وتحسين الطرق ووسائل المواصلات تحسينا هائلا أتاح النقل السريع للمنتجات الزراعية داخل البلد الواحد وعبر العالم، مع استخدام وسائل الحفظ كالتبريد.
كل ما ذكرنا ساهم في توفير الغذاء لسكان العالم الذين يتزايدون بوتيرة غير مسبوقة. إنه انفجار سكاني؛ وإذا تواصل بالمعدل نفسه فإن احتمالات العوز الغذائي، وحتى المجاعة، في بعض أنحاء العالم واردة لا محالة. لقد تناقص معدل مساحة الأراضي الزارعية للفرد في العالم من 4.5 دونم عام 1960 إلى النصف، أي 2.2 دونم عام 2008.
نذكر مثلا أن عدد سكان شرق الأردن في بداية القرن الماضي لم يتجاوز مئة وخمسين ألفا، وهم الآن أكثر من ستة ملايين. وكان الأردن يصدّر القمح، وهو الآن يستورد 99% من حاجته منه (هل سنصمد لو تعرضنا لحصار اقتصادي كالذي تعرضت له العراق لأكثر مكن 10 سنوات؟). ويجدر بالذكر عامل خطورة يهدد الأمن الغذائي لدينا ولدى غيرنا، ألا وهو التعدّي العمراني على الأراضي الزراعية. وقد ارتكب الأردن جريمة لا يمكن إصلاحها بحق نفسه حين حوّل الأراضي الخصبة إلى غابات اسمنتية؛ وكان الأجدر والأولى أن تبنى المدن شرقا في الأراضي غير الزراعية.
توفر الحبوب نصف مصدر الطاقة التي يحصل عليها البشر من الطعام، ويمثل القمح والرز النسبة الأكبر منها. وإذا حصلت ظروف متطرفة سببت تراجعا كبيرا في انتاج المحاصيل الزراعية، فإن أسعارها ترتفع تلقائيا. لكن رفع اسعار المواد الغذائية الأساسية في الدول الفقيرة يعرضها لاضطرابات وقلاقل شعبية – كما حصل في ثورة الخبز في الأردن قبل ربع قرن. وهذا قد يزيد الأمر سوءا. ولحسن الحظ فإن الكوارث الزراعية لا تصيب جميع الدول في الوقت نفسه، بل قد يترافق نقص إنتاج محصول معيّن في منطقة ما مع زيادته في بلد آخر، ما يساهم في استقرار الأمن الغذائي العالمي.
ولا بد من الإشارة إلى عامل الخطورة الأكبر على الأمن الغذائي، وهو الهدر الذي يمارسه أثرياء العالم وحتى الطبقة المتوسطة التي تقلدهم. فهؤلاء يبذرون ويتلفون نسبة لا بأس بها من الموارد، خاصة الغذائية منها؛ كما أن النهم والإفراط في تناول الطعام غدا ظاهرة عامة؛ ولعلّ من يموتون بسبب التخمة أكثر ممن يقتلهم الجوع.
ويكفي أن تشاهد ما تعرضه مواقع الانترنت من وقت لآخر عن ولائم ومناسبات في دول الخليج مثلا، حين تنحر مئات رؤوس الإبل لتلقى لحومها في حاويات القمامة في الصحراء. ورغم محدودية موارد الأردن، فإن هذه الممارسة شائعة أيضا في مناسباتنا الاجتماعية المختلفة.
الخلاصة أن احتمالات تراجع الإنتاج الزراعي العالمي، أو حتى حصول الكوارث الزراعية، واردة، فانتاج الحبوب مثلا على مستوى العالم بلغ 663 مليون طن عام 2012، متراجعا بنسبة 2.6% عن عام 2011. كما أن دولا مثل أمريكا والبرازيل تحول نسبة من انتاجها من الذرة وقصب السكر إلى وقود للسيارات. لكن على الرغم من كل هذا فإن سهولة النقل والتجارة في العالم، والمبادرات الدولية للإغاثة، تبعد شبح المجاعة عن الدول الفقيرة، ولو إلى حين.
كيف تُصنّف مادّة ما على أنّها مسرطنة؟
المحرر العلميّ، العرب اليوم، 28/5/2013
تطالعنا وسائل الإعلام والإنترنت من وقت لآخر بتحذيرات مفادها أن مادة ما تسبّب السرطان. مثلا أعلن في حزيران 2012 أن نواتج حرق الديزل مسرطنة، وأعلن في أيار 2011 أن موجات الهاتف الخلويّ يمكن أن تسبب السرطان (أنظر مقال "العلم يشكّ والقضاء يبتّ" في صفحتنا هذه بتاريخ 5/3/2013، حين حكمت محكمة ايطالية بتعويض شخص أصيب بسرطان الدماغ "جرّاء" استخدامه الخلوي طوال النهار حسب متطلبات عمله). فكيف يتوصل المختصون إلى هذه الأحكام؟ ومن هي الجهات المخوّلة بإصدار هذه الأحكام؟ وما المقصود بالمادة المسرطنة؟
تقدر مخاطر المواد سرطانيا بإجراء دراسات على الإنسان، وعلى الحيوانات، وعلى خلايا الجسم. وتتضمن الدراسات على الإنسان ملاحظة العادات الغذائية والظروف المعيشية للناس عامة، وللمصابين بالسرطان خاصة. كذلك إذا تبين أن عاملا ما يسبب طفرة جينية، فإنه يعتبر عاملا مسرطنا مرجّحا.
ويقسم المركز الدولي لبحوث السرطان الموادّ بشكل عام إلى خمس مجموعات:
المجموعة 4: عامل يرجح أنه غير مسرطن للإنسان؛
المجموعة 3: عامل "غير مصنف" من حيث تسبيبه السرطان للإنسان وتشمل المجموعة 508 مواد؛
المجموعة 2 ب: عامل يحتمل أنه مسرطن للإنسان، وتشمل 272 مادة؛
المجموعة 2أ: عامل يرجح أنه مسرطن للإنسان، تشمل 64 عاملا منها زيت القلي، واضطراب ساعات النوم (كما يحصل لطياري ومضيفي الخطوط الجوية المدنية)؛
المجموعة 1: عامل مسرطن للإنسان، تشمل 108 عوامل، منها التبغ والبنزين والكحول.
ماذا نعني بالمجموعة 2 أ مثلا: "يرجح أنه مسرطن للإنسان"؟ يقصد بذلك أنه عامل مسرطن لحيوانات التجارب، لكن ذلك لم يثبت قطعيا فيما يخصّ الإنسان. وهذا ما حصل للغازات الناتجة عن حرق الديزل. فقد كانت تصنّف في المجموعة 2 أ حتى عام 2012، حين نشرت نتائج دراسة أجريت على 12000 شخص، وأثبتت أن خطر سرطان الرئة يتضاعف 3 مرات لدى من يتعرضون لهذه الغازات.
يعتمد التشريع في فرنسا بهذا الخصوص على التشريعات الأوروبية المتعلقة بالتصنيف والتسمية والتغليف(CLP)، وأيضا أنظمة التسجيل والتقييم والسماح للمواد الكيميائية (REACH)، وتنصّ على أن يقوم الصناعيون المنتجون أنفسهم بدراسة مخاطر منتجاتهم سرطانيا إذا كان حجم إنتاجهم منها يفوق 1000 طن سنويا.
يجدر بالذكر أخيرا أن دراسات السرطنة طويلة ومكلفة وتضحي بآلاف الحيوانات لإجراء التجارب المخبرية عليها؛ لهذا السبب فإن إجراء هذه الدراسات ليس دائما إلزاميا ولا ضروريا.
Science et Vie, Fev. 2013
p. 125
الثلاثاء، 14 مايو 2013
القضاء والعلم: (1) هل حقا أن القضاء يعيق العلم وتقدمه؟ (2) زلزال أكويلا: القتل بالإهمال، أم الراعي والذئب؟
في مواجهة الغش العلمي
لماذا يتعبنا الوقوف أكثر من المشي؟
سؤال وجواب:
حسام مدانات، العرب اليوم، 14/5/2013
لعلّ كلا منا قد مر بهذه التجربة أكثر من مرة. فالوقوف بانتظار الباص مثلا يتعب أكثر من المشي للفترة نفسها. قد تفسر هذه الظاهرة انطلاقا من الشعور بالملل أثناء الانتظار، مقابل متعة مشاهدة المناظر المتغيرة أثناء المشي والتنزه. هذا صحيح جزئيا؛ لكن الإجهاد الناجم عن الوقوف الطويل صحيح وحقيقي، ويمكن تفسيره جسديا وليس نفسيا فقط.
ليس وضع الوقوف وضعا طبيعيا للجسم. فالضغط يتركز على أخمص القدمين. وإذا طال الوقوف تعاني القدمان من الإنهاك. خاصة بسبب الحاجة لبذل جهد لحفظ التوازن، ويقوم بهذه المهمة باستمرار عضلات في بطة الرجل وفي أعلى الفخذ، لموازنة تأثير الجاذبية الأرضية وتأثير حركة الرياح.
وإذا طال الوقوف، فإن الجاذبية تزيد تركيز الدم في أوردة الساقين فيلجأ الجسم إلى عدة آليات لدفع الدم إلى الأعلى باتجاه القلب، وهذا يشكل عبئا إضافيا على القلب. وفي المقابل، فإن المشي يعتبر رياضة تحرك عضلات الرجلين وتنشطهما، وتفعل فعل المساج المنشط لأخمص القدمين. كما أن المشي يجعل إحدى القدمين في الهواء نصف الوقت. ما يخفف الضغط عليها ويريحها، ويعمل هبوط القدم على الأرض على دفع الدم في الأوردة إلى الأعلى ما يخفف العبء على القلب.
لماذا يفسد السمك سريعا؟
حسام مدانات، العرب اليوم، 14/5/2013
حين تقترب من ثلاجات عرض الأسماك في المخازن الكبرى، غالبا ماتصدمك الرائحة المميزة والمنفرة للسمك غيرالطازج.
نعلم أن الأردن ليس بلدا منتجا للأسماك بمعنى الكلمة (كما أنه غير منتج لمعظم ما يستهلك من طعام). ومعظم ما تجده في السوق من السمك مستورد، مبردا ( تحت تسمية سمك طازج) أو مجمدا، (ولا نتحدث هنا عن أنواع الأسماك المعلبة، ونعني بذلك السردين والطن خاصة). وكثيرا ما تناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء إتلاف سمك مصاب بالديدان أو يحتوي على معادن ثقيلة سامة.
فما الذي يجعل السمك أكثر عرضة من غيره من اللحوم، للفساد والتلف السريع؟
يفسد اللحم (حسب كتاب "الغذاء: تلوثه، سلامته، ثقافته"، تأليف د. هاني مسلم الضمور) لعدة أسباب: أولا التحلل الذاتي لمكوناته الغذائية، خاصة البروتينات، والتحلل أسرع في السمك بسبب نشاط أنزيماته الزائد.
ثانيا، تسرّع الميكروبات إفساده لأن حموضته منخفضة ونسبة الرطوبة فيه عالية، خاصة حين يحدث ما يسمى بالتيبس الرمّي، أي تسرب الماء من الخلايا، فتتوفر بيئة صالحة لنمو الميكروبات، إذا لم يكن التبريد كافيا.
وثالثا، تتأكسد دهون السمك أسرع من غيرها، فتفوح رائحة الزنخة التي تتصف بها عادة الدهون المتأكسدة .
الخلاصة أن تناول الأسماك المعلبة أسلم غالبا لأنها عادة ما تعلب على ظهر السفن فور صيدها. كما أن الأسماك المجمدة قد تكون آمن من المبردة، التي تباع باعتبارها طازجة؛ لأن التبريد أثناء شحنها قد لا يكون كافيا لايقاف نشاط الميكروبات ونموّ الديدان وتكاثرها؛ في حين أن تجميد الأسماك يتم عادة فور صيدها وبوسائل التجميد الصناعي السريع، الذي لا يسمح للميكروبات بالنموّ.
الثلاثاء، 30 أبريل 2013
أخبار علمية: الدنا متين لكنه غير خالد، عبقرية البكتيريا، مغنطيسية من نوع جديد، الذباب يساعد علماء الحيوان
تساؤلات حول توفير وقود السيارة
أوّل خريطة للأفكار
الإلكترونيات تدخل عصر الغرافين
منجزات علمية باختصار
-
حسام مدانات، العرب اليوم، 30/4/2013
- 500 كم/ساعة، هي السرعة القصوى التي سيبلغها قطار ياباني يعتمد على التعليق المغنطيسي، أي أنه يتحرك فوق طبقة من الهواء تفصله عن السكة، بفضل التنافر المغنطيسي. علما أن أقصى سرعة للقطارات حاليا هي 420 كم/ساعة.
- 275: هذا هو أقل عدد لجزيئات الماء حتى تتحول إلى بلورة جليد، حسب ما لاحظه باحثون من جامعة غوتنغن الألمانية. وإذا قل عدد الجزيئات عن ذلك، فلن تتكون بلورة الجليد مهما برد الماء.
- بكتيريا تفرز الذهب: في تجربة أجريت في جامعة مِشِغَن، وضعت بكتيريا معينة في طبق يحوي كلوريد الذهب. وبعد أسبوع لوحظ وجود دقائق نانوية (بالغة الصغر) من الذهب النقي. ويعتقد أن بعض شذرات الذهب في الطبيعة نتجت بهذه الطريقة.
- سرطان القولون يظهر في هواء الزفير. هذا ما لاحظه باحثون طليان في ثلاثة أرباع الحالات المصابة.
- اكتشف جزيء كيميائي متميز في دماغ أشخاص مصابين بمرض فرط النعاس.
- اكتشاف أجزاء من دنا فيروس الجدري في جثث مدفونة في الجليد شمال روسيا. يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عام 1980 أنها قضت عليه نهائيا، ولم يعد فيروسه موجودا إلا لدى الجيشين الأمريكي والروسي.
- توصلت المؤسسة البريطانية REL إلى انتاج صاروخ فضائي (يحمل المركبات إلى الفضاء) يمكنه أن يحلق وأن يهبط مثل الطائرة. أطلقت عليه الإسم Skylon.
- تحويل الهواء إلى وقود: هذا ما تسعى لتحقيقه المؤسسة البريطانية Air Fuel Synthesis، باستخلاص ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الموجودين في الهواء ثم تفاعلهما لإنتاج الميثانول، ومن ثم تحويله إلى بنزين أو ديزل. تخطط المؤسسة لإنشاء مصنع ينتج طنا من الوقود بهذه الطريقة عام 2015 اعتمادا على الطاقة المتجددة (الريح مثلا).
الثلاثاء، 16 أبريل 2013
الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما
القاموس العلمي
الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما
م. سائد مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
عرف الإنسان الرصاص قبل أن يعرف الحديد. فهو فلزّ مطاوع سهل التشكيل والسبك، وينصهر بسهولة.
يقال أن الرومان صنعوا منه الأنابيب التي أمدت قصور أثريائهم وملوكهم بالماء، كما أنهم استخدموا أحد أملاحه، اسيتات الرصاص، لتحلية النبيذ. ولا شك أنهم لم يدركوا أن هذا الفلزّ اللطيف يخرب الجهاز العصبي، ويتلف الدماغ والدم والكلى، ويتراكم في الأنسجة والعظام، ويسبب العقم والإجهاض.
وهكذا بدأ كبار الدولة في روما يعانون من العته والخرف والأمراض.. وبدأ تدهور الامبراطورية التي كانت تحكم أوربا، من انجلترا غربا وحتى أقصى شرقها؛ إضافة إلى شمال إفريقيا، ومنها مصر، وتركيا الحالية وبلاد الشام.
عثر على خرز مصنوع من الرصاص في تركيا يعود إلى 6400 ق.م. ويقدر أن الرومان كانوا يستخرجون ثمانين ألف طن منه سنويا.
اسمه في اللاتينية Plumbum ،ومن هذه الكلمة اشتق رمزه الكيميائي Pb واشتقت منها أيضا كلمات مثل Plumber أي السبّاك في الإنجليزية. عدده الذري، أي عدد البروتونات في نواته، هو 82، وله ثلاثة نظائر غير مشعة، أوزانها 206،207،208 ، وهي أثقل النوى المستقرة في الطبيعة.
الرصاص في عالم اليوم:
بلغ انتاجه العالمي 9,6 مليون طن عام 2010، لكن مصدر نصف هذه الكمية هو التدوير، أي إعادة تصنيع الرصاص من النفايات. والدول الأولى في إنتاجه هي استراليا والصين والولايات المتحدة، وتحل المغرب في المرتبة الثامنة عالميا. يخُشى من نضوب احتياطياته خلال 50 سنة. وأكثر خاماته تعدينا هي الجالينا، أي كبريتيد الرصاص.
لكن ما دام الرصاص ساما، فلماذا لا نستغني عنه؟ الواقع أن الرصاص ما زال فلزا مرغوبا ومفيدا في عدة تطبيقات، ولعل أهمها هي بطاريات السيارات، فنصف إنتاج الولايات المتحدة منه يخصص لهذا الغرض. وهو يستخدم أيضا في البناء، ويساعد في امتصاص الصوت في الاستديوهات الإذاعية مثلا. وتصنع منه رصاصات المسدسات والبنادق لأنه ثقيل وسهل التشكيل. ويدخل في صنع الدهانات والأصباغ، إلا إن هذا الاستخدام يتراجع عالميا بسبب خطورة الدهان الرصاصي داخل المنزل، حيث قد يتساقط عن الجدران مع الزمن، ويضعه الأطفال في فمهم مسببا لهم المرض. يخلط الرصاص بلدائن "بي في سي" المستعملة لتغليف أسلاك الكهرباء. ويخلط بالبنزين لتخفيف قرقعة محرك السيارة. لكن العالم يتوجه حاليا نحو البنزين الخالي من الرصاص، والهدف هو تخفيف تلوث هواء المدن بالرصاص؛ فهو سام للإنسان سواء دخل عن طريق الفم أو الأنف.
يستخدم الرصاص أيضا في اللحام، وفي صنع التماثيل والمنحوتات. وكان يدخل في صناعة طلاء لعب الأطفال، وفي مبيدات الآفات الزراعية، وفي طلاء أواني الطعام المصنوعة من الصيني. لكن هذا انتهى الآن.
تخلط مع الرصاص فلزات أخرى مثل النحاس والانتيمون ليكتسب الصلادة والقساوة. وإذا مزج قليل من الرصاص مع الفولاذ تحسنت لدانته وقابليته للسحب والسبك. وهو ينصهر عند درحة 327 سلسيوس، مقارنة مع 1538 درجة للحديد النقي.
ينتمي الرصاص لمجموعة كيميائية تضم الكربون والسلكون والجرمانيوم والقصدير.
يتذبذب السعر العالمي للرصاص كثيرا. فمثلا كان سعر الطن منه 500 دولار عام 2005، وارتفع إلى 3650 عام 2007.
أخيرا نشير إلى أن قلم الرصاص لا علاقة له بفلز الرصاص، فالقضيب الأسود الرفيع في جوف قلم الرصاص الخشبي مصنوع من الغرافيت، وهو أحد أشكال الكربون، أي الفحم المتبلور. والسر في هذه التسمية أن فلز الرصاص يترك أثرا اسود عند حكه بالورق، ويقال أن قلم الرصاص، حين اخترع، اطلق عليه اسم Plumbago ، أي شبيه الرصاص في أثره، كما يقال أن السبب هو الاعتقاد أن الغرافيت هو أحد أشكال فلز الرصاص. ورغم خطأ التعبير، فإنه قد ثبت وبقي، ومازلنا نقول "قلم الرصاص".
مختبرات تحاكي نشأة الكون
م. حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
الفيزياء الفلكية التجريبية: هل هو علم جديد؟
علماء يحاولون تقليد ما يعتقدون أنه حصل ويحصل في الكون من ظواهر غريبة: الثقوب السوداء، المستعرات العظمى، النجوم النيوترونية، ولادة النجوم، وتشكل الكواكب. إنه العلم في صورته القصوى.
المختبر بدل المقراب:
تخيل فلكيا يتخلى عن منظاره أو مقرابه (تلسكوبه)، لينزوي في مختبر مغلق، وهدفه هو دراسة الكون.
هذا ما يفعله حاليا بضع عشرات من الفيزيائيين وعلماء الفيزياء الفلكية في بضعة مختبرات حول العالم. وهم يسعون إلى تحقيق إنجازات لم يكن أحد يحلم بها. إنجازات تُحول علم الفلك إلى علم تجريبي. علم لا يعتمد فقط على الرصد المحض بواسطة المقراب، والمحاكاة الحاسوبية.
قد يبدو أن في ما نقوله مبالغة غير معقولة، فالظواهر الفلكية والكونية أكبر بكثير من أن يتمكن المختبر من توفيرها. لكن ما يقوم به الباحثون هو ابتكار وسائل تقليد ومحاكاة، من خلال الدراسة المخبرية لظاهرة تحكمها، كلية أو جزئيا، القوانين نفسها التي تحكم ظاهرة فلكية ما. النموذج المخبري لا يماثل إذن الظاهرة الفلكية المعنية، لا بحجمها ولا بشكلها ولا بمكوناتها المادية، وإنما بالقوانين الفيزيائية التي تحكمها.
ثقب أسود داخل ليف ضوئي:
في عام 1970، توقع ستيفن هوكنغ أن الثقب الأسود، الذي يمتص كل ما يقترب منه، حتى أشعة الضوء، يبث أشعة معينة. لم ننجح في التقاط هذه الأشعة لأن أشعة الخلفية الكونية تغطيها وتخفيها. لكن دانيل فاتشو، من جامعة أدنبرة، التقطها داخل ليف زجاجي ضوئي. وتبرير ذلك هو كما يلي: لا شيء يميز الزمكان (الزمان-المكان) الذي تشوهه جاذبية الثقب الأسود عن المادة الفائقة، أي الألياف الضوئية، التي تشوه انتشار الموجات الضوئية. فالحالتان تخضعان للمعادلات نفسها. وإذا كان الثقب الأسود يصدر موجات هوكنغ، فإن الليف الضوئي يجب أن يصدرها أيضا.
نجم داخل جهاز الطرد المركزي:
توحي المعادلات والنماذج الرياضية بأن البلازما المشحونة كهربائيا في قلب النجم، تولد مجالات مغنطيسية قوية. ولمحاكاة هذا الوضع، استخدم الباحثون الصوديوم المنصهر الخاضع لحركة دورانية عنيفة، اعتمادا على أن قوانين الديناميكا المغنطيسية للموائع تنطبق على الظاهرتين، وأن الصوديوم المنصهر يجب أن يشكل مجالا مغنطيسيا. جرى تحريك هذا المعدن المنصهر بسرعة 1000 دورة في الدقيقة وتجحت التجربة، وتولد مجال مغنطيسي. كان ذلك عام 2006. ومنذ ذلك الوقت تواصلت التجارب. وحين غيرت سرعة الدوران، اضطرب المجال المغنطيسي. وفجأة انعكس اتجاه المجال، وكانت هذه أول محاكاة لظاهرة انعكاس المجال المغنطيسي الشمسي التي تحصل مرة كل 11 سنة.
مستعرّ أعظم في قمع:
المستعر الأعظم، أو المستجدّ الأعظم، أو السوبر نوفا، هو نجم بلغ آخر عمره، وتقلص وانهار على نفسه، لينفجر مطلقا طاقة هائلة.
حين نفكر بالماء وهو يندفع، على شكل دوامة، داخل قمع (محقان) نلاحظ أن المعادلات التي تحكم موجات التضاغط داخل القمع هي نفسها المعادلات التي تصف الموجات التضاغطية التي تنتشر خلال الغاز الذي ينهار نحو المركز بتأثير مجال الجاذبية في قلب النجم المستعر. لا يندفع الغاز بخط مستقيم نحو القلب، وإنما يتبع حركة لولبية، مثل دوامة الماء في القمع أو مصرف الحمام. وهذا يسمح للغاز أن يكتسب طاقة متزايدة مصدرها جسيمات النيوترينو التي ينفثها قلب النجم.
نجم نيوتروني في سحابة من الليثيوم:
تسلط أشعة الليزر على ذرات الليثيوم الباردة، فتنشط وتنطلق في كافة الاتجاهات وتتفاعل فيما بينها. لكن ما علاقة هذه التجربة بالنجم النيوتروني الميت، الذي تبلغ كثافته مليار طن/سم³ ودرجة حرارته عشرة ملايين درجة، في حين أن الليثيوم هنا في درجة تقارب الصفر المطلق؟ التفسير هو أن المعادلات التي تحكم النظامين هي نفسها. فالنيوترونات وذرات الليثيوم تنتميان للعائلة نفسها من الجسيمات الكمومية: الفيرميونات؛ وتفاعلات كل منهما متماثلة.
Science et Vie, 1/2013
عرض كتاب: اكتشاف الجرثومة
<
جون والر. ترجمة حزامة حبايب، مكتبة الأسرة، وزارة الثقافة 11/2012
كتب المحرر العلمي، العرب اليوم، 16/4/2013
أبدأ بشكر وزارة الثقافة على جهودها المتواصلة الرامية إلى تشجيع القراءة، بنشرها كتبا عالية المستوى وبأسعار متدنية للغاية، بل هي تكاد تكون مجانية ( 35 قرشا للكتاب).
كنا قد عرضنا وانتقدنا سابقا في هذه الصفحة كتابا من إصدارات الوزارة، بسبب كثرة الأخطاء الطباعية وضعف اللغة. لكننا اليوم أمام مجموعة متميزة من الكتب التي تضمنتها معارض الوزارة الأخيرة تحت عنوان "مكتبة الأسرة الأردنية/ مهرجان القراءة للجميع". اخترنا كتاب "اكتشاف الجرثومة"، وهو يقع في 224 صفحة من القطع المتوسط، ويعمل مؤلفه منذ عام 2002 مدرّسا لتاريخ الطبّ والعلوم في كلية لندن الجامعية.
كشوف نتيجة تعب وكفاح:
نعلم أن الألماني روبرت كوخ اكتشف جرثومة السل والهيضة (الكوليرا أو الكلرة). ويسود الانطباع لدى الكثيرين بأن مثل هذه الاكتشافات عملية سهلة، ربما وليدة الحظ، مثلما تعثر، وأنت تسير على شاطئ البحر، على صدفة غريبة جميلة. وهكذا قد يعتقد أي منا أن بإمكانه أن يحقق كشوفات مشابهة، فقط لو أنه كان محظوظا، أو لو أنه انتبه قليلا لما يجري حوله.
لكن كتابنا هذا يقدم تصويرا بالغ الروعة للكفاح والمثابرة والإصرار التي تمتع بها كوخ، حتى تمكن من اكتشاف جرثومة السل، واقناع مجتمع العلماء والسياسيين بصحة كشفه.
وما ينطبق على كوخ ينطبق على باستور الذي خاض حربا ضارية مع معارضي نظريته القائلة بأن الميكروبات أو البكتيريا تسبب الأمراض. كما أن ابتكاره لأسلوب التلقيح ضد مرض الكلب (السعار) لم يكن مجرد وليد مصادفة سارة.
أما تأثير المصالح السياسية والتجارية فيتبدى خاصة في قضية كشف سبب مرض الكُلرة. نقرأ في الصفحة 161 ما يلي: بحلول العام 1880 كان ما يقرب من 80% من السفن التي تعبر قناة السويس بريطانية. وكانت السرعة عاملا حاسما في السماح لبريطانيا بأن تحافظ على صدارتها الإقتصادية. لكن، إلى جانب البهارات والحرير والشاي التي تأتي من الشرق، كان المرض أيضا يأتي من هناك.
كانت طواقم السفن تُرغم على الخضوع للحجر الصحي قبل إنزال بضائعهم، لكن هذا كان يكلف بريطانيا الوقت والمال. وفي عام 1882، أصبحت بريطانيا صاحبة السلطة المطلقة في مصر، فعمدت إلى إلغاء أكبر قدر ممكن من إجراءات الحجر الصحي.
كنتيجة لذلك، حين ضربت الكلرة مصر في العام 1883، وقتلت 5000 شخصا كل أسبوع، وجدت الحكومة البريطانية نفسها في مأزق حرج؛ وحاولت أن تثبت أن الكلرة ليست مرضا قابلا للانتقال. أرسلت إلى مصر فريقا طبيا لا يضم أي شخص مؤيد للنظرية القائلة أن الجراثيم تسبب الكلرة. وتوصل الفريق إلى أن هذا الوباء يعزى إلى أنماط طقس غير مألوفة، نشّطت سموم الكلرة التي ظلت خامدة في التربة المصرية منذ اندلاع الوباء آخر مرة عام 1865؛ أي أن الوباء لم يأت من الهند. لكن الفريق الألماني الذي وصل مصر متأخرا نوعا ما، بقيادة روبرت كوخ، تمكن من اقتناص الميكروبات المسببة للمرض، ثم تابع الفريق رحلته إلى الهند للتوصل إلى نتيجة قطعية. ولحسن الحظ أن المانيا لم يكن لها مصالح تجارية في نفي السبب الميكروبي، أو إنكار أن المرض قدم من الهند.
ويصور الكتاب كيف كان الشرق عارفا بفوائد التلقيح ضد الأمراض. نقرأ في الصفحة 37: بحلول العام 1000 م، طور الصينيون وسيلة تطعيم ضد الجدري باستنشاق مسحوق مجفف من قشور بثور المصابين بالمرض. وفي القرون الوسطى راج في الشرق الأوسط وضع قشور بثور الجدري تحت الجلد باستخدام شفرة حادة للحصول على مناعة ضد المرض. ولم تعرف هذه الأساليب في أوربا حتى أوائل القرن الثامن عشر.
أخيرا، لا يفوتنا أن نقدر للمترجمة لغتها المتينة وندرة الأخطاء اللغوية والطباعية، وأيضا جهدها الواضح في وضع هوامش سفلية في معظم الصفحات تعرّف بكل اسم أو مصطلح بحاجة إلى تعريف.
فشكرا للمترجمة وشكرا لوزارة الثقافة على هذا الإصدار القيم، الذي يستحق أن يقرأه الجميع.
br />
تسونامي جنيف عام 563
<
حسام مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
الطوفان البحري، أو التسونامي، ظاهرة أصبحت مشهورة ومعروفة لدى الجميع بعد ما حصل في جنوب شرق آسيا عام 2004 وفي اليابان عام 2011. ونعلم أن الطوفان حصل في الحالتين بعد حدوث زلزال عنيف دفع مياه البحر نحو الشواطيء.
لكن هل يمكن أن تحصل هذه الظاهرة في بلد مثل سويسرا التي تبعد كثيرا عن البحر، كما أنها آمنة نسبيا من الزلازل؟
تشير السجلات التاريخية إلى تعرّض مدينتي لوزان وجنيف في سويسرا قبل 1450 سنة إلى طوفان بحري. وقد توصلت باحثة من جامعة جنيف مؤخرا إلى حل اللغز. فقد عثرت على طبقة صخور رسوبية ضخمة يُقدّر حجمها بربع مليار م³ داخل بحيرة ليمان، وأظهرت التحليلات أن لجميع أجزاء هذه الطبقة العمر نفسه، ما يدل على أنها كانت كتلة ضخمة سقطت فجأة. ويعتقد أن جزءا كبيرا من الجبل قد سقط في نهر الرون الذي حمل الركام إلى بحيرة ليمان، فحصل الطوفان الذي غطى المدينتين. ولا يستبعد أن تتكرر هذه الكارثة، لتهدد حياة مليون نسمة يعيشون قرب البحيرة.
Science et Vie 1/2013
br />
كيف كان أجدادنا يتنبأون بالطقس؟
المحرر العلمي، العرب اليوم، 16/4/2013
لا أحد ينكر التقدم الهائل في توقع الطقس لأسبوع قادم أو أكثر، وبدقة تثير الإعجاب. وتسخّر لهذا الغرض سواتل (أقمار صناعية) متخصصة، ومحطات أرضية مترابطة، وموزعة على أنحاء العالم، تقيس الضغط الجوي ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح ودرجات الحرارة.
لم يمتلك أجدادنا مثل هذه الوسائل، لكنهم كانوا يتوقعون الطقس اعتمادا على خبرات متراكمة عبر آلاف السنين. وقد أعجبني موضوع قرأته في عدد قديم من مجلة Reader’s Digest الأمريكية، يعرض 13 طريقة شعبية لتوقع الطقس، ويناقش مدى صحتها. (فيما يتعلق بأمريكا، وليس بالضرورة لدينا) وقد اخترنا بعضها فيما يلي:
1) حلقة (هالة) حول القمر تنبئ بمطر قادم:
هذا صحيح. تظهر الهالة حين توجد بلورات جليد في طبقة الطخاف (السحاب الصوفي العالي)، وهي تكسر ضوء القمر وتشكل الهالة. تتكوّن هذه السحب حين تلتقي جبهة هواء دافيء مع طبقة هوائية منخفضة باردة. هذا التصادم يسبب العواصف والمطر أو الثلج خلال 36 ساعة.
2- في أمسيات الربيع أو الخريف، ينذر تصاعد البخار من النهر بحدوث الصقيع:
صحيح. الضباب فوق النهر مؤشر على اختلاط هواء رطب دافيء قرب سطح النهر مع هواء أبرد قادم من اليابسة، تواصل هبوب هذا الهواء البارد قد يسبب الصقيع.
3- ظهور غيوم على شكل قشر السمك، ينبيء بمطر خلال 24 ساعة:
صحيح. تظهر هذه الغيوم في مقدمة جبهة دافئة قادمة، ستعلو هواء أرضيا أبرد، فتشكل غيوما ماطرة.
4- يطير الخطاف (السنونو) والخفاش أقرب إلى سطح الأرض قبل العاصفة:
صحيح. أذنا السنونو والخفاش حساستان للغاية لتغيرات الضغط الجوي. وحين يبدأ الضغط بالانخفاض، فإنها تطير أقرب للأرض حيث الهواء أكثف وضغطه أكبر مما هو في الطبقات الأعلى. كما أن الحشرات التي تتغذى عليها تتحرك بدورها في مستويات أدنى حين ينخفض الضغط الجوي، وهذا يحصل عادة قبل قرابة 12 ساعة من حصول العاصفة.
5- الشتاء الأبرد من العادة يعني صيفا أدفأ:
خطأ. أحيانا كانت الفصول الأربعة أبرد من العادة، وأحيانا كانت جميعها أدفأ.
6- ظهور قوس القزح في الغرب صباحا ينبىء بقدوم المطر:
صحيح. نشاهد قوس القزح حين تعبر أشعة الشمس قطرات الماء في الجو، وتكون مواجهة للشمس؛ أي تكون في الغرب حين تشرق الشمس. وبما أن معظم الموجات المطيرة تأتي من الغرب، فإن هذا يعني اقتراب موجة هوائية رطبة.
7- لا تضرب العاصفة المكان نفسه مرتين:
خطأ. لعل هذه الخرافة قد نشأت من الخوف، ومن تصديق الأمنيات. (مَن تعرّضَ لصاعقة يتمنى عدم تكرارها، فيصدق أمنيته). لكن يمكن القول إنه نظرا لكون الصاعقة يمكن أن تحدث في أي مكان، فإن احتمال تكرار ضربها مكانا معينا بذاته يبقى احتمالا ضعيفا.
8- قبل قدوم العاصفة، يزداد ألم العظام والأسنان:
صحيح. حين ينخفض الضغط الجوّيّ فجأة، يصبح ضغط الهواء داخل الجسم، حول المفاصل أو الأسنان، أكبر من الضغط الجوّي. وهذا يفاقم الألم لدى الشخص الذي يعاني أصلا من مفاصله أو أسنانه.
9- يزداد نقيق الضفادع قبل المطر:
صحيح. لا تحتمل الضفادع عادة الطقس الجاف، لأنه يزيد من تبخر الرطوبة من جلدها، لهذا السبب تكون داخل الماء خلال الأيام المنخفضة الرطوبة. لكن قبل العاصفة، تزداد رطوبة الهواء، فتميل للخروج من الماء وتأخذ بالنقيق.
الثلاثاء، 2 أبريل 2013
الفيروسات في 25 معلومة بسيطة
القاموس العلمي ّ (10)
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
1- الفيروس كلمة يونانية تعني "السم". شاعت هذه الكلمة المعرّبة لدينا، وكانت اقترحت تعابير عربية أخرى: الحمّة، الراشح (لأنه يرشح من فلتر يحجز البكتيريا، هل لكلمة "الرشح" علاقة بهذه الكلمة؟).
2- عام 1890 لوحظ أن مرض تبرقش ورق التبع ينتج عن كائن بالغ الصغر (يرشح من الفلتر). وفي عام 1898 أطلق عليه الهولندي بيجرنك اسم الفيروس.
3- لا يعتبر كائنا حيّا بمعنى الكلمة، لأنه لا يتكاثر إلا داخل خلايا حيّة، ويوصف أنه جُسيم متطفل أو مُعدٍ.
4- يتطفل على جميع الكائنات الحية.
5- يتكون من مورث (جين) من الحمض النووي دنا أو رنا، محاطا بغلاف دهنيّ؛ وقد يمتلك معطفا إضافيا أيضا.
6- قطره بين 10 و 300 نانومتر (النانومتر بالمليون من الملمتر).
7- أصغر من البكتيريا بمئة مرة في المعدل (يمكن صفّ 50000 فيروس متجاورة ضمن 1 مم).
8- تنتقل الفيروسات بواسطة رذاذ السعال (كما في الانفلونزا والرشح)، أو تنقلها الحشرات (حمّى الضنك أو الدنغ)، أو عبر الاتصال المباشر (الهيف: فيروس الإيدز).
9- يقاوم جسمنا عادة معظم الفيروسات..
10- يمكن أن يكتسب الجسم مناعة ضدها بفضل التطعيم؛ لكن لا تصلح المضادات الحيوية لمقاومتها.
11- قد تغير تركيبها من وقت لآخر، فتتغلب على مقاومة الجسم. لهذا السبب لا يصلح التطعيم ضد الانفلونزا مثلا إلا لموسم واحد.
12- العاثيات هي فيروسات تهاجم البكتيريا.
13- سعى الروس منذ مئة سنة إلى استغلال العاثيات لمقاومة البكتيريا المسببة للمرض (بدلا من اللجوء للمضادات الحيوية).
14- أول صورة للفيروس كانت عام 1931، بالمجهر الالكتروني.
15- توجد أربعة أشكال رئيسية : حلزونية، كروية ذات عشرين وجه، ثنائية الغلاف، معقدة.
16- تتوزع على 7 مجموعات حسب تركيبها : دنا ، رنا، رنا قهقري (رترو)، ...
17- يتخصص الفيروس في نوع الخلايا التي يصيبها.
18- بعد أن يرتبط بالخلية المناسبة، يخترقها، ثم يتحلل معطفه (وغلافه، إذا وجد) لتنطلق جيناته.
19- بعد تحرر الجينات، تنسخ نفسها داخل الخلية، ثم تنفجر الخلية المنهكة لتنتقل الفيروسات لخلايا مجاورة.
20- قد يبقى ساكنا داخل الخلية لأشهر أو سنوات (مثل فيروس الإيدز)
21- نعرف حتى الآن 5000 نوع منها.
22- من الأمراض الفيروسية البشرية: الرشح، الانفلونزا بأنواعها، السارس، الهربس (ثآليل البرد)، الإيدز، حمى ايبولا، حمّى الضنك، التهاب الكبد الوبائي، شلل الأطفال، الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية، الجدري.
23- يعتقد أن الفيروسات تسبب عدة أنواع من السرطان. التهاب الكبد الفيروسي، مثلا، قد يتطور إلى سرطان.
24- يوجد 250 مليون فيروس في كل مليلتر (سم3) من ماء البحر.
25- الفيروسات أداة أساسية في هندسة الجينات، إذ تستخدم لإدخال جينات معينة في الخلايا.
بماذا يتميز الحاسوب غير الدقيق؟
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
لو أننا سمحنا للحاسوب بارتكاب بعض الأخطاء، فإننا سنكسب استقلالية وسرعة أكبر. هذه هي الفكرة التي جاء بها افيناش لنغامنيني، وهو من أصل هندي، ويعمل في جامعة رايس في هيوستن / أمريكا.
ظهرت هذه الفكرة عام 2003، حين لوحظ أن قانون مور (ينصّ على أن قدرة المعالجة للحواسيب ستتضاعف كل سنتين) لم يعد قابلا للتطبيق أكثر من ذلك، لأن تصغير مكونات الدارة الالكترونية قد بلغ حدا يصعب تجاوزه؛ فالكثافة العالية للمكونات البالغة الدقة تحدث "ضجيجا خلفيا". وهذا يسبب الأخطاء. نعلم أن القاعدة الأساسية المتفق عليها حتى الآن هي رفض أية أخطاء؛ لكن المشكلة هي أن تقنيات تصحيح الأخطاء مكلفة، وتستهلك الكثير من الطاقة، وتحتل حيزا كبيرا، وتبطىء العمليات. من هنا ولدت فكرة ثورية: السماح للحاسوب بارتكاب بضعة أخطاء. ويتمثل التطبيق العملي لهذه الفكرة بإلغاء بعض أجزاء الدارة الإلكترونية التي تتدخل عادة في الحسابات لتضمن صحتها ودقتها. استهدفت أولا الأجزاء التي يندر استخدامها في العملية، خاصة فيما يتعلق بعمليات روتينية بسيطة. وكانت النتائج حتى الآن باهرة. فقد أمكن تخفيض استهلاك الطاقة إلى الخمس حين سمح للمعالج بارتكاب أخطاء بنسبة 8%.
بالطبع لن تطبق هذه التقنية في مجالات تتطلب دقة عالية، كالطيران أو الحاسبات العلمية الفائقة الدقة، وإنما في تطبيقات أخرى يومية مثل الصور وأفلام الفيديو والبرامح الصوتية. وقد لوحظ أن الصورة التي خفضت جودتها بنسبة 8% تبقى جيدة.
ولعل أهم التطبيقات المستهدفة للحوسبة غير الدقيقة هي في مجال الأجهزة الالكترونية المحمولة التي تستهلك طاقتها المخزونة بسرعة. وهذا يعني أن تخفيض استهلاكها من الطاقة إلى الخمس مثلا يعتبر إنجازا باهرا، يبرر انخفاض جودة المخرجات قليلا.
Science et Vie Sept 2012
ماذا جرى عام 775؟ (لماذا زاد الكربون 14؟)
حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
فوجئ باحثون يابانيون حين حللوا ساقي شجرتي أرز عمرهما نحو الفي سنة، بوجود مؤشرات على ارتفاع غير متوقع في تركيز نظير الكربون 14 في عام 774 – 775. ونعلم أن حلقات ساق الشجرة تدلّ على عمرها. كل حلقة تمثل سنة واحدة.
تلقف المختصون في العالم نبأ هذا الكشف باهتمام بالغ، وسعوا للتحقق من صحته عن طريق فحص حلقات سيقان اشجار معمرة تعود للفترة نفسها، فثبتت لهم صحته.
فما سر هذه الظاهرة الغريبة؟ لعلّ الإجابة عن هذا السؤال تدخل ضمن مجال الفيزياء الفلكية أكثر مما هي ضمن علم الأحياء. بحث العلماء، عبثا، عن مؤشرات وأدلة فلكية في بطون كتب التاريخ التي تغطي تلك الفترة، باستثناء إشارة إلى ظهور صليب أحمر في السماء حسب السجلات البريطانية لتلك السنة.
ما هو نظير الكربون 14؟
99% من الكربون الموجود على كوكب الأرض هو النظير 12، والباقي هو النظير 13، باستثناء نسبة ضئيلة للغاية، لا تتعدى جزءا من ترليون (مليون مليون) مكونة من النظير 14. وهو نظير مُشع، يتحلل إلى نيتروجين وجسيم بيتا (الكترون). وحياة النصف للكربون 14 هي قرابة 5750 سنة. أي لو كان لديك مليون ذرة منه، فإن نصفها يتحلل ويتحول إلى نيتروجين خلال 5750. وهكذا إذا وجدنا أن نسبة هذا النظير في هيكل عظمي قديم هي نصف نسبته المعتادة، فهذا يعني أن هذا الهيكل يعود لحيوان عاش قبل 5750 سنة، وهكذا.
يتكون الكربون 14 في الغلاف الجوي بتاثير الأشعة الكونية على النيتروجين الموجود في الجو. وهذا التأثير ثابت دائما، إلا حين تحصل حوادث فلكية استثنائية. كما أن التجارب النووية التي أجريت بكثافة فوق سطح الأرض خلال الفترة 1955 – 1980 قد زادت نسبة الكربون 14 في الجو.
لغز محير وتفسيرات عجيبة:
لنعد إلى لغز ارتفاع نسبة هذا النظير في شجرتي الأرز اليابانيتين. تبين أن المحتوى من الكربون 14 في حلقة الساق التي تعود لسنة 775 قد ارتفع بنسبة 1,2% وهذا يعادل عشرين ضعف نسبة التغير الطبيعية. ثم انخفض المحتوى تدريجيا خلال السنوات العشرين التالية ليعود إلى مستواه الطبيعي. وبما أننا نستبعد أي تفجير نووي على سطح الأرض في تلك الحقبة، فإن التفسير الوحيد المتبقي هو حصول حادثة فلكية استثنائية.
نشير أولا إلى أن كتب التاريخ لا تقدم مؤشرات ذات دلالة على ملاحظة أية حادثة فلكية استثنائية في تلك الفترة. في بلادنا، كانت الخلافة العباسية في طور التأسيس (750: انتصارهم على الأمويين في معركة الزاب الكبير) وفي عام 775 أصبحت بغداد أكبر مدينة في العالم، لكن مراصدها الفلكية لم تكن قد أنشئت بعد. وفي الغرب كان شارلمان يعمل على احتلال أجزاء من ايطاليا والمانيا، لكن لا أحد في أوروبا كان يهتم برصد السماء حينئذ. وكانت حضارة المايا في أمريكيا الجنوبية في أوجها أيضا، لكن فلكييها لم يسجلوا اية ظواهر غير عادية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن باحثينا يجدون أنفسهم مدفوعين للتفكير في كافة الاحتمالات الكونية الممكنة. ومن هذه الاحتمالات:
انفجار سوبرنوفا قريب: السوبرنوفا، أو النجم المتجدد، أو المستعرّ الأعظم، هو نجم يصل نهاية عمره، وينفجر مطلقا طاقة تفوق الطاقة التي تطلقها الشمس بمئة مليون مرة. ويبث حينئذ طوفانا من أشعة غاما. فيصل بعضها جو الأرض وينتج الكربون 14.
لكن مثل هذا الانفجار، لو أنه حصل، لسجّلته كتب التاريخ، مثلما سجلت ظهور مستعرات عظمى أخرى كانت تظهر واضحة للعين المجردة، مثل ذلك الذي ظهر عام 1006 وكان قرصه أكبر بثلاث مرات من قرص كوكب الزهرة.
ثقب أسود: الاحتمال الثاني هو أن نجما أثقل من الشمس 30 – 100 مرة قد انهار وتحول إلى ثقب أسود خلال بضع ثوان. لكن هذه الثواني كافية لإطلاق نفثات هائلة من أشعة غاما. وهنا أيضا يعترض فلكيون قائلين إن هذه الظاهرة نادرة للغاية، وتدلّ حساباتهم على أنها تحصل مرة كل 100000 – 1000000 سنة.
انفجار شمسي فائق: يحصل انفجار غير عادي في الشمس، وتنطلق منها بروتونات ذات طاقة عالية، فتصل جو الأرض وتنتج الكربون 14.
المصدر الرابع المحتمل هو انفجار مغنِتار Magnetar أو النجم المغنطيسي. وهو نجم نيوتروني وله أعظم مجال مغنطيسي في الكون، فتنطلق طاقة تعادل ما تطلقه الشمس خلال مئة الف سنة، على شكل أشعة إكس وأشعة غاما. لكن هذا التفسير غريب. ولم نكتشف حتى الآن سوى عشرين نجما من هذا النوع في مجرتنا. وجميعها أبعد من أن تحدث تأثيرا واضحا على سطح الأرض.
ويقدم آخرون تفسيرات غريبة أخرى، مثل توقف الرياح الشمسية خلال بضعة اشهر في ذلك العام. هذه الرياح تحرف الأشعة الكونية وتبعدها عن الأرض؛ أي أن توقفها يعرّض الأرض لطوفان من الأشعة الكونية التي تنتج الكربون 14. أو أن الدرع المغنطيسي الذي يحمي الأرض قد ضعف في تلك الفترة، فأتاح للأشعة الكونية والشمسية أن تغزو جو الأرض بكثافة.
وعلى أية حال، فإن الباحثين ما زالوا يكدون ويُعملون عقولهم لحلّ هذا اللغز غير المتوقع.
Science et Vie Sep 2012
P 92-98
لْوِي دو بْرُوي: من التّاريخ إلى الفيزياء (جائزة نوبل 1929)
شخصيّات علميّة (12)
م. سائد مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
Louis de Broglie (1892 – 1987(، (هذا هو لفظه الصحيح بالفرنسيّة، ويلفظ "دي برولي" في الإنجليزية، لكنه يكتب بالعربيّة أحيانا "لويس دي بروغلي").
لعالمنا الجليل هذا قصة حياة بسيطة وهادئة، لكنها طريفة أيضا. وُلِد لعائلة من النبلاء، في مدينة دْييب في فرنسا. كان والده دوقا، وأصبح هو كذلك عام 1960. حصل على شهادته الجامعية في التاريخ. ثم وجه اهتمامه إلى الرياضيات والفيزياء.
أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، عرض على الجيش خدماته لتطوير الاتصالات بواسطة اللاسلكي (الراديو). في عام 1924 قدّم رسالته لنيل الدكتوراه في الفيزياء، بعنوان: بحوث في النظرية الكمومية. وقدم فيها نظريته الثورية عن موجات الالكترونات، وتضمنت الطبيعة المزدوجة للإلكترونات: موجات – دقائق مادية. ثم وضع فرضية تنص على أن لأي جسيم متحرك موجات مرافقة. وهكذا يكون قد أوجد فرعا جديدا في الفيزياء، هو الميكانيكا الموجية التي وحدت فيزياء الطاقة (الأمواج) مع المادة (الجسيمات). توّجت إنجازاته هذه بجائزة نوبل للفيزياء عام 1929.
واصل دو بروي أبحاثه ساعيا لتطوير "تفسير سببي" للميكانيكا الموجيّة، مقارنة مع النماذج الاحتماليّة التي تسود الميكانيكا الكموميّة. وقد ألف أيضا في فلسفة العلم، وفي التثقيف العلمي.
اختير عضوا في أكاديميّة العلوم الفرنسية عام 1933، ثم أصبح أمين سرّها اعتبارا من عام 1942 وحتى وفاته. رفض أن ينضم لعضوية الاتحاد الكاثوليكي للعلماء الفرنسيين لأنه لم يكن متديّنا. انتخب عام 1944 عضوا في الأكاديمية الفرنسية، وكان شقيقه الأكبر، موريس، وهو فيزيائي أيضا، قد سبقه لعضوية الأكاديميّة.
في عام 1952 منحته اليونسكو جائزة كلنغا تقديرا لجهوده في نشر الثقافة العلميّة.
عاش دو بروي أعزبا. وتوفي عن 94 سنة حافلة بالعطاء العلمي (هل من علاقة بين العزوبية وطول العمر، أو بين البحث العلمي وطول العمر؟). ويروى عنه أنه لم يكن محاضرا ناجحا، ولم يكن ماهرا في توصيل المعلومات إلى الطلبة. وهكذا اتفق طلابه في الجامعة على أن يتناوبوا حضور محاضراته، بحيث يتواجد نصفهم في كل مرة، مراعاة لشعوره حتى لا يكون وحده في غرفة الصف.
أخبار علمية : الغرافين لتحلية الماء، إسفنجة تستخلص اليورانيوم من المحيط
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
الغرافين هو الأفضل لتحلية الماء
إنها تقنية جديدة لتحلية ماء البحر؛ وهي أسرع مئة - الف مرة من تقنية التناضح العكسي الشائعة حاليا. تعتمد هذه التقنية على استخدام غشاء من الغرافين الذي يحتوي على ثقوب نانوية، أي ذات قطر يقاس بالنانومتر (جزء من مليون من الملمتر).
أقدم أثر لنيزك عمره 3 مليارت سنة
تظهر منطقة مانستوك في غرينلند كافة المؤشرات على تعرضها لسقوط نيزك في القدم: شذوذ مغنطيسي، معلم دائري مميز، صخور تحمل آثار التشققات، صخور كوارتز وفلدزبات منصهرة. ويقدر أن نيزكا قد سقط هنا قبل 3 مليارات سنة، ليكون بذلك اقدم أثر نيزك يكتشف حتى الآن. وأقدم بكثير من الفوهة النيزكية في فردنورت في جنوب افريقيا، وعمره مليارا سنة.
لكن هذا الكشف لم يكن سهلا. فالصخور السطحية قد تآكلت وجرفت خلال هذه الحقبة الطويلة. توقع الجيولوجي آدم غارد عام 2009 أن المؤشرات التي لاحظها في الموقع ناتجة عن نيزك قديم، لكنه احتاج 3 سنوات حتى اقتنع المجتمع العلمي بنظريته.
وقد عثر على صخور تحمل آثار موجات صدمة النيزك على عمق 25 كم. ويقدر أن قطر الحفرة التي سببها النيزك حينئذ بلغ 500 كم.
دورة الماء تتسارع
نعني بدورة الماء تبخره من المحيطات والبحار ثم تساقطه مطرا وثلجا. يقدر أن معدل التبخر والتساقط قد ازداد بنسبة 4% منذ عام 1950، بفضل احترار الأرض.
لكن زيادة التساقط المطري لم تتوزع بالتساوي؛ فالواقع أن المناطق الجافة قد ازدادت جفافا، والمناطق الرطبة تلقت أمطارا أكثر. ويتوقع أن ارتفاعا قدره 4 درجات سلسيوس على معدل درجة حرارة الأرض سيزيد كمية التبخر والتساقط بنسبة الربع!
يعمل الاسترالي بول دوراك على قياس الهطول المطري على المحيطات قياسا غير مباشر. فهو يقيس درجة ملوحة المياه السطحية فيها. فالماء الأكثر ملوحة يدل على قلة المطر في تلك المنطقة.
اسفنج يستخلص اليورانيوم من المحيط
يحتوي ماء البحر على نسبة ضئيلة للغاية من اليورانيوم: 2,2 ميكروغرام/لتر، أي أنه يلزم 3000 م³ من ماء البحر للحصول على غرام واحد من هذا المعدن المشع. لكن باعتبار كمية الماء الهائلة في المحيطات والبحار، فإنه يقدر أنها تحتوي إجمالا على 4,5 مليار طن من اليورانيوم.
وقد توصل مختبر اوك رج الوطني الأمريكي ORNL إلى ابتكار مادة اسفنجية قادرة على التقاط اليورانيوم من ماء البحر، وأطلق عليها اسم HiCap وهي مصنوعة من الياف من اللدائن (البوليثلين) المغطاة بمواد تجذب اليورانيوم. ثم تغسل بالحمض لنزع المعدن عنها، ليعاد استخدامها مرة بعد أخرى.
الثلاثاء، 19 مارس 2013
معلومات طريفة عن نجمنا الشمس
حل لغز سخونة هالة الشمس
لقاح ضد حمى الضنك (الدنغ)، الرقم القياسي 56,7 س
المبدعون يعيشون أطول، كيف يفكر الأصمّ خلقا؟ لماذا ننسى ذكريات الطفولة المبكرة؟
تحويل البيانات العلمية إلى موسيقى!
المحرر العلميّ، العرب اليوم، 19/3/2013 بيتر لارسن باحث في علم الأحياء في جامعة شيكاغو، وقد أجرى بحوثا على البكتيريا في مختلف بيئاتها: الماء والهواء والتربة، وتجمع لديه كمّ هائل من القياسات والبيانات التي تكاد تستحيل معالجتها بأساليب التحليل الحاسوبي المتوافرة حاليا، أو أنها ستتطلب عدة سنوات على الأقل. ولهذا السبب بحث هو وزملاؤه عن حلول مبتكرة لاستخلاص النتائج من هذه البيانات. وخطرت ببالهم فكرة غريبة: تحويل البيانات إلى موسيقى.
قد تبدو هذه الفكرة خيالية، بل مجنونة، لكنها تبدو منطقية إذا تذكرنا أننا كثيرا ما نلجأ لتمثيل المعلومات والبيانات على شكل خرائط أو صور. كما أن استخدام النوتة الموسيقية لا يختلف كثيرا عن استخدامنا الرقمين صفر وواحد لتمثيل كافة البيانات وبمختلف أشكالها: صورة، صوت، كلمات، بواسطة الحاسوب والأنظمة الرقمية.
وفي موضوعنا الحالي، يمكن تمثيل نوع معين من البكتيريا بنوتة موسيقية، ثم تمثل صفة معينة لبيئة هذه البكتيريا، مثل تركيز الفسفور في الماء، برمز موسيقي آخر.
ما زال هذا المشروع في بداياته، لكنه مجرد مثال على القدرات غير المحدودة للعقل والخيال والإبداع البشري.
Science et Vie 1/2013
P 16
هذه هي كمرة المستقبل: كمرة تصور لوحدها
المحرر العلميّ، العرب اليوم، 19/3/2013
لعل أفضل الصور هي التي لم يلتقطها أحد! لا شك أن كلا منا قد تصادف وجوده مرة أو عدة مرات في مواجهة حوادث استثنائية أو طريفة، ولم يستغرق حصولها سوى لحظة. وكم تمنينا لو كان باستطاعتنا حينئذ أن نلتقط لها صورة حية، في لحظة حدوثها.
هذه الأمنية ستتحقق اعتبارا من الآن بفعل هذه الكمرة التي تلتقط الصور تلقائيا. وأعتقد أن معظم كمرات المستقبل ستكون من هذا النوع: كمرة تقرر بنفسها اللحظة المناسبة لالتقاط الصور. فهي تلتقط الصور من تلقاء نفسها.
إنها كمرة ذكية بلا شك، لكن مبدأ عملها بسيط. وهي تحمَل على العنق. وبمجرد أن تتغير الإضاءة أو درجة الحرارة، أو عند حدوث أية حركة أمامها، فإنها تبادر إلى التقاط صورة، أو عدة صور، حسب مدى استمرار الحركة أو التغير في المنظر.
تدعى هذه الكمرة: المصوِّرة الذاتية Autographer وتتميز بمجال رؤية واسع (136 درجة)، وقدرة تخزين عالية (5 ميغا بكسل). وبإمكانها أن تخزن 2000 صورة يوميا. وهي تستشعر التغيرات في الإضاءة والحرارة بفضل خمسة لواقط حساسة. كما أنها تسجل على كل صورة موقعها أو إحداثياتها نظرا لاحتوائها على نظام التوضيع العالمي، جبس. ثمنها في السوق العالمية قرابة 500 يورو.
يجدر بالذكر أن كمرة مشابهة نوعا ما كانت قد طُورت قبل عدة سنوات، لكنها كانت تلتقط الصور باستمرار، وتخزن مؤقتا الصور التي التقطتها خلال الدقائق الخمس الأخيرة. وبإمكان صاحبها أن يديم تخزين صور معينة منها، يختارها من بينها. لكنها لم تكن كمرة ذكية، مثل كمرتنا هذه، التي لا تلتقط الصور إلا حين تتغير الإضاءة، أو تحصل حركة أمامها.
Science et Vie 1/2013
علماء يونان، أم رومان، أم مصريون، أم عرب؟
كتب المحرر العلمي، العرب اليوم، 19/3/2013
لعل ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة عبارة وردت في الهامش السفلي لإحدى الصفحات الأولى من كتاب أصول في المساحة (1983) للأستاذ الدكتور يوسف صيام. تقول هذه العبارة التي وضعت تعليقا على معلومة عن العلماء العرب الذين برزوا في مضمار المساحة: " كثير من هؤلاء العلماء المسلمين من أصل غير عربي، وعلى أي حال فهم جميعا مسلمون، وبالتالي فالأصح أن نقول " العلماء المسلمون" بدلا من " العلماء العرب" احتراما للأمانة العلمية.
في حين يورد المؤلف في صفحة سابقة: " في القرن الثاني قبل الميلاد ظهر العالم اليوناني الشهير هيرون..." وفي صفحة لاحقة نجد العبارة: " وجاء من بعده العالم اليوناني ايراتوستين (الذي قاس قطر الأرض)".
نشعر أن الأستاذ المؤلف لم يلتزم هنا "بالأمانة العلمية" التي ذكرها، ولم يقس بمقياس واحد، ولم يكن منصفا تجاه التراث العربي والحضارة العربية. وتوضيح ذلك كما يلي:
إن العالم اليوناني هيرون، أو هيرو، يعرف باسم هيرو الاسكندري، عاش في القرن الأول بعد الميلاد في الإسكندرية وكان عالما في الرياضيات ومهندسا ومخترعا. صنع أول آلة بخارية، لكنه لم يسعَ لاستغلالها لأغراض عملية، كما أنه صنع دولابا تحركه الريح. وعمل معلما في مكتبة الإسكندرية؛ كما أنه (حسْبَ كتاب اصول في المساحة) أصدر عدة مقالات هامة تناولت ربط أعمال المساحة الحقلية بمستلزمات الرسم والحساب، وعرضت وصفا دقيقا لأول جهاز مساحة عرفه الإنسان.
هيرو هو إذن مصري من الإسكندرية، ولد وعاش واخترع وعلّم ومات فيها. وكان ذلك خلال الحكم الروماني. ومع هذا لم يعتبره الأستاذ صيام ولا كتب التاريخ روميا ولا مصريا، لسبب بسيط، هو أنه كان يتكلم اليونانية، ويكتب بها، وينهل من ثقافتها، التي أسس لها الإسكندر المقدوني قبل ذلك بأربعة قرون حين فتح بلادنا.
وماذا بشأن ايراتوستين (أو إراتُسثينز)؟ يخبرنا التاريخ أنه ولد في القيروان، في تونس، عام 276 ق.م. ثم انتقل إلى الإسكندرية، مركز العلم والثقافة والحضارة حينئذ. كان أول من قاس قطر الأرض، حين قدّر المسافة بين أسوان والإسكندرية وقاس زاوية ميل الشمس في الإسكندرية في اليوم الذي تكون فيه رأسية في اسوان. وهي تمثل الزاوية المركزية (في مركز الأرض) المقابلة للمسافة (القوسية) بين المدينتين. وبمعرفة الزاوية وطول القوس يمكن حساب قطر الأرض بسهولة. والشيء الغريب أن النتيجة التي توصل إليها قريبة جدا من القيمة المعتمدة حاليا.
والآن، هل نعتبر اراتسثينز تونسيا، لأنه ولد في تونس؟ أم مصريا لأنه عاش ومات في الإسكندرية؟ أم عربيا باعتبار تونس ومصر دولتين عربيتين حاليا؟ أم يونانيا لأنه عاش في كنف الحضارة اليونانية وكتب بلغتها؟ الواقع أن التاريخ (والأستاذ صيام) يعتبره يونانيا، فالمقياس هو الحضارة التي ينتمي إليها واللغة التي يكتب بها.
ومن العلماء "اليونان" البارزين الآخرين نجد بطلميوس (بطليمُس) (90 – 168 م) وهو رياضياتي وفلكي وجغرافي عظيم؛ عاش في الإسكندرية وكتب باليونانية. فاعتبره التاريخ يونانيا رغم أنه مصري بامتياز.
ونذكر أخيرا أبا الهندسة " إقليدس الاسكندري" (323 – 283 ق.م) الذي ينسب اليه كتاب "العناصر" الذي بقي أهم كتاب في الرياضيات حتى القرن التاسع عشر. نصِفه بأنه عالم يوناني (رغم أنه مصري بمعنى الكلمة) وذلك لمجرد أنه عمل وأبدع في كنف الحضارة اليونانية.
فلماذا إذن لا نكون منصفين، ولماذا لا نقيس بهذا المقياس نفسه، حين نتحدث عن علمائنا مثل الخوارزمي وابن سينا والرازي، ولماذا هذه النزعة التي تسود حاليا في نفي صفة العروبة عنهم؟ لماذا نتحيز ضد أنفسنا؟
لقد عاش علماؤنا هؤلاء في كنف الحضارة العربية الإسلامية، وكانت اللغة التي يتحدثون بها ويؤلفون بها هي العربية، فلماذا نعتبر جميع أولئك العلماء المصريين يونانا لمجرد أنهم كتبوا باليونانية، ثم لا نعتبر علماءنا عربا لمجرد أن أحدهم ولد في خراسان أو خوارزم أو فارس؟ وإذا كنا مقتنعين بهذا المعيار، فلنقل إذن: " العلماء المصريون: اقليدس وهيرون واراتسثينز وبطليموس..."
العالِم شخص عالَميّ
حين نقرأ تاريخ العلم الحديث، نلاحظ أن عددا من علماء النهضة الأوروبية كانوا يتنقلون بحرية بين الدول الأوروبية، ويُستقبلون في بلاط ملوكها، ويعلمون ابناءهم الأمراء؛ فالفيلسوف الرياضياتي الفرنسي رنيه ديكارت مثلا توفي في السويد حيث كان يعلم ابناء الملكة.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، انتقل علماء المان كثيرون إلى أمريكا والاتحاد السوفياتي، وغيرهما من الدول التي كانت في حرب ضروس مع بلادهم. وتابعوا أبحاثهم وانتاجهم العلمي. فالعالِم أو الباحث أذكى وأكبر من أن ينجرّ إلى مصيدة العنصرية والوطنية الضيقة التي يروّج لها السياسيون وبطاناتهم.
ونجد في بريطانيا أحد أعظم الرياضياتيين المعاصرين، مايكل عطية، من أصل لبناني عربي، والفيزيائي البريطاني جيم الخليلي، من العراق. ويوجد في أمريكا حاليا علماء من مختلف الأصول، ومنهم عرب كثيرون، لكنهم يبحثون وينتجون دون اعتبار لأصولهم.
لقد أصبح العلم نشاطا عالميا لا يعترف بحدود، أو بعرق، أو بالعداءات التي يفتعلها السياسيون. ونجد معظم الفرق البحثية تتكون من علماء من جنسيات عدّة، يعملون معا في سبيل العلم المجرد، ولخير الإنسانية جمعاء.
السبت، 16 مارس 2013
نيزك (مذنب؟) تنغسكا عام 1908
كتب المحرر العلمي، العرب اليوم، 19/2/2013
صباح يوم الجمعة الماضية، 15/2، تابع العالم أخبار انفجار نيزك فوق منطقة تشيليابنسك، في جبال الأورال الروسية، مسببا 1500 إصابة، أحدثت معظمها شظايا الزجاج المتناثرة نتيجة الانفجار. لا نريد هنا تكرار ما ورد في وسائل الإعلام عن هذا النيزك، وإنما سنعرض لحادث أضخم بكثير حصل في روسيا قبل 105 سنوات.
المكان: شمال شرق بحيرة بايكال، قرب نهر تنغسكا في سيبيريا، في الساعة السابعة من صباح 30 حزيران 1908.
ظهر في السماء عمود متحرك من الضوء الأزرق الساطع وبعد عشر دقائق سمع صوت انفجار عنيف حطم زجاج المنازل وأسقط الناس على الأرض. وسجلت محطات الرصد الزلزالي موجات تعادل ما يصدر عن زلزال شدته 5 على مقياس رختر، واضطرب الضغط الجوي فجأة في أوربا بأكملها.
شهادة أحد السكان: يقول سِمِنوف: كنت قرب بيتي (على بعد 65 كم جنوب موقع الانفجار). فجأة شاهدت السماء تنشطر إلى قسمين في الشمال وظهرت ألسنة نار فوق الغابة. شعرت بحرارة شديدة لم أحتملها. وفجأة سمعت انفجارا شديدا قذفني بضعة أمتار إلى الخلف. فقدت الوعي برهة، ثم هرعت زوجتي نحوي وقادتني إلى داخل البيت. توالى صوت الانفجارات، ورافقتها رياح حارة أحرقت بعض المحاصيل حول البلدة.
لم يثر سقوط هذا النيزك اهتماما عالميا في ذلك الحين، فالمنطقة التي سقط فيها كانت منطقة غابات نائية وشبه خالية من السكان. ولم تصل المنطقة أي بعثة استكشافية حتى عام 1921، حين اقنع الجيولوجي ليونيد كولِك السلطات السوفياتية بالسماح له بهذه الرحلة الاستكشافية، ممنّيا اياهم بأن النيزك سيوفر كميات كبيرة من الحديد.
رغم مرور 13 سنة على الحادث في ذلك الحين، إلا أن أشجار المنطقة كانت ما تزال محترقة. وقد تبين لاحقا أن مساحة الدمار 2150 كم²، وطول المنطقة 70 كم، من الشمال للجنوب. وفي عام 1938 أشرف كولك على إجراء مسح تصويري جوي للمنطقة؛ لكنه لم يكشف عن وجود فوهة كبيرة مكان سقوط النيزك المفترض. ويعتقد الآن أنه بعد دخول هذا النيزك جو الأرض، سخن ثم انفجر على ارتفاع 6-10كم، وتقدر سرعته، كما هو حال النيازك التي تدخل جو الأرض بشكل عام، ب 11كم/ث، أي 000 40 كم/ساعة. ينضغط الهواء أمام النيزك المندفع، ويسخن كثيرا، فينحرق النيزك أو ينفجر.
ويقدر أن نيزكا قطره 10م ينتج انفجارا قدره 20 ألف طن، أي ما يعادل انفجار القنبلة الذرية التي القيت على نغازاكي في اليابان عام 1945. أما نيزك تنغسكا، فيقدر أن قوة انفجاره بلغت بضعة ملايين طن.
في عام 2007 لاحظ فريق ايطالي من جامعة بولونيا وجود بحيرة صغيرة في المنطقة، ويعتقد انها تشكلت من سقوط قطعة من النيزك قطرها متر واحد.
نيزك أم مذنب
في عام 1930 اقترح الفلكي البريطاني ويل أن انفجار تنغسكا نتج عن مذنب يتكون من جليد وغبار. ويحتمل أنه قد تبخر كلية بعد اصطدامه بجو الأرض. ويقترح آخرون أن الانفجار نتج عن جزء من مذنب، ارتد عن الغلاف الجوي ثم تابع مداره حول الشمس.
كما طرحت عدة فرضيات أخرى: مثلا أن السبب هو مذنب يحتوي على الدوتيريوم، وهو نظير الهيدروجين، قد سخن لدرجة أحدثت اندماجا نوويا بين ذرات الدوتيريوم، فكأنما انفجرت قنبلة هيدروجينية. وتخيل البعض الآخر أن كتلة من ضديد المادة قد دخلت جو الأرض من الفضاء واندمجت مع المادة لتتحول إلى طاقة.
واقترح آخر أن السبب هو انفجار 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي الذي تسرب فجأة من باطن الأرض في تلك المنطقة. أفكار وشطحات خيال غريبة للعلماء؛ لكن يبدو أن لا شيء مستحيلا؛ إلا أن فرضية النيزك، أو فرضية المذنب، تبقيان الأكثر احتمالا.
الثلاثاء، 5 مارس 2013
حين ترتدي الدعاية رداء العلم: القهوة مثالا
حسام جميل، العرب اليوم، 19/2/2013
منذ بضع سنوات، لايكاد يمر يوم دون أن أقرأ مقالا يصدح بمزايا القهوة الصحية والغذائية أو أجدها تتسلل إلى رسائلي الالكترونية مهما كان موضوعها. فقد تبدأ الرسالة بعبارة: بعد أن تتمتع بفنجان قهوتك الصباحية...
من الواضح أنها حملة ضخمة منظمة تمولها وتدعمها مؤسسات تجارية ومالية عالمية. ولا شك أن هذه الحملة قد نجحت نجاحا باهرا. فسوق القهوة العالمي أصبح ينافس سوق القمح والأرز.
ويدعم هذا الانطباع ما نلاحظه على مجتمعنا المحلي في الأردن. فقد انتشرت مقاه تجتذب جميع الفئات والأعمار، وباسعار باهظة حقا. والأسوأ من ذلك أن القهوة يرافقها غالبا تدخين الأرجلية أو السجائر، فهو بلاء مضاعف.
ومن المظاهر المستحدثة الأخرى الخطيرة:
- اعتدنا أن نشرب القهوة العربية السادة (المرة)، جرعة صغيرة واحدة في قعر الفنجان، بحجم لا يتجاوز 5 مل (5 سم³) وأصبحت تقدم في المقاهي بكأس (مغ) سعة ثلث لتر (330 مل)، أي سبعين ضعف الكمية التي اعتدناها، وكان ذلك في المناسبات فقط.
- تكلفة شربك القهوة في يوم واحد في مقهى تفوق تكلفة الخبز الذي تتناوله في شهر كامل.
هل القهوة علاج لجميع الأمراض؟
هذا هو الانطباع التي تخرج به من قراءة مقالات نشرت في صحفنا، أو تجدها على المواقع الإخبارية في الانترنت. وتجد المقال عادة يبدأ بعبارة:" أكدت أبحاث علمية حديثة بأن...، أو أظهرت دراسة أجريت على مئة شخص بأن ..."
ومن العناوين المضللة التي تصادفها في وسائك الإعلام:
- الإكثار من القهوة قد يقي من سرطان الفم والحلق.
- القهوة تحسن استيعاب القواعد اللغوية
- القهوة تقلل الاكتئاب لدى النساء
وتجد مقالات تدعي أن القهوة تشفي من الأمراض التالية أو تحمي منها: السرطان، المياه الزرقاء على العين، ضعف المناعة، أمراض الجهاز العصبي، الاكتئاب والميل للانتحار، تليّف الكبد، الربو، أمراض القلب، الزهايمر، باركنسون؛ وهي تخفف الألم، وتحد من الشهية المفرطة، وتقاوم نزلات الرشح، وتحارب بكتيريا الفم. وحتى لأغراض التجميل: قناع القهوة لبشرة أجمل، حماية الشعر من التكسر والتساقط.
بل تجد العبارة التالية: الذين لا يشربون القهوة البتة معرضون للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية(؟).
أين هي الحقيقة؟
المكون الأساسي الفعال في القهوة هو الكفائين (القهوين)، وهو يعتبر سمّا، مثله مثل النيكوتين. وزيادة جرعته تسبب فقدان الشهية والقلق والأرق والسخونة والتعرق والهزال وتشجنات معدية وفقر الدم، وارتداد الحمض المعدي للمريء. وإذا تناولت 10 فناجين من القهوة في اليوم، أو ما يعادل كاسين مما يقدم في المقاهي حاليا، فهذا يسبب خفقان القلب والإسهال والقيء وتشوش التفكير وتشجنات. ومن يتعود عليها ثم يتوقف يشعر بالصداع والتوتر. فهي تسبب نوعا من الإدمان. كما أن تناول القهوة على معدة خاوية يحفز إفراز الأحماض فيها ويسبب القرحة.
ويحظر شربها على من يعاني من القولون العصبي وحصى المرارة وحصى الكلى والقرحة وضغط الدم وتضخم الغدة الدرقية، ولمن أجرى جراحة في القلب.
وإن تناول الحامل للقهوة يهدد جنينها بالإصابة باللوكيميا (سرطان الدم) كما أن تحميص القهوة وحرقها ينتج مواد مسرطنة، مثل التي تجدها في الخبز المحروق أو اللحم المحروق.
نذكر أخيرا أن إنتاج البُن عالميا يصل إلى 8 ملايين طن، ثلثها من البرازيل. ولا تجد أية دولة عربية ضمن أول 20 دولة، على الرغم من أن اليمن كانت، هي والحبشة، مهد البن؛ وما زال أفضل أنواع البن هو العربي (أرَبِكا)، ومُكّا (على اسم ميناء مخا في اليمن).
فنجان يؤكل
المحرر العلمي، العرب اليوم،5/3/2013
بعد أن اصطبغت شوارعنا باللون البني بفعل القهوة والشاي اللذين يرشقان من مئات آلاف الأكواب الكرتونية، التي تتناثر بدورها في كل مكان، قد يكون هذا الفنجان المبتكر هو الحل والمخرج من هذا الوضع المأساوي. إنه فنجان مصنوع من البسكوت الذي تأكله بعد أن تنتهي من شرب ما بداخله، تماما مثل مخروط، أو كوز البوظة المصنوع من البسكوت. وقد طلي باطن الفنجان بطبقة عازلة قوامها السكر، بحيث لا يتسرب السائل إلى الخارج. أطلق على الفنجان اسم Cookie cup، وقد صممه وانتجه الإيطالي ساردي من خلال مؤسسته Lavazza في مدينة تورينو.
Science et Vie 1/2013
P 133
تصنيف الدّول حسب مخاطر الكوارث
كتب المحرر العلمي، العرب اليوم، 5/3/2013
أعدت معاهد المانية، بالتعاون مع الأمم المتحدة، طريقة لحساب مخاطر الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تتعرض لها جميع دول العالم، آخذة بعن الاعتبار مختلف العوامل ذات العلاقة، مثل احتمال تعرّض الدولة للكوارث، ومدى جاهزيتها للتعامل معها؛ وهذا يشمل مستوى المعيشة ونوعية المساكن والمباني العامة والبنى التحتية، ودرجة مقاومتها للكوارث، وقدرة الدولة على التصرف للحد من آثار الكارثة، وخطط الطوارئ المعتمدة على المدى الطويل.
رُتبت الدول حسب معيارين: درجة تعرضها للكوارث الطبيعية، ودرجة المخاطرة. وهما معياران مختلفان. فقد تكون الدولة معرضة للكوارث بدرجة عالية، لكنها مستعدة تماما لمواجهتها بحيث أن درجة المخاطرة تكون منخفضة. فهولندا مثلا تحتل المرتبة 12 عالميا في درجة التعرض للكوارث، لكنها تصنف في المرتبة 51 في المخاطرة، وبالعكس، فقد يكون احتمال الكوارث متدنيا في دولة ما (مثل الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، لكنها غير مستعدة مطلقا لمواجهة أية كارثة، فتكون درجة المخاطرة لديها عالية. وهكذا نجد دولة مثل ليبيريا في غرب افريقيا، تصنف في المرتبة 113 في درجة التعرض للكوارث، أي أن احتمال تعرضها للكوارث ضعيف جدا، لكنها في المرتبة 60 من حيث درجة المخاطرة. المرتبة الأولى في المخاطرة احتلتها دولة فنتاو (جزيرة صغيرة في المحيط الهادي، شمال شرق نيوزلندا). وحلت الفلبين في المرتبة الثالثة من حيث المخاطرة، وبنغلادش في المرتبة الخامسة، واليابان: 16، وفرنسا 153. وتتمتع الدول العربية عامة (باستثناء الجزائر وموريتانيا) بدرجة مخاطرة منخفضة.
أخيرا نقدم بعض الأرقام المتعلقة بالكوارث: بين عامي 2002 و 2011 وقعت 2030 كارثة طبيعية في العالم. وفي عام 2011 وحده تأثر 200 مليون شخص بالكوارث؛ ودفعت شركات التأمين 287 مليار دولار كتعويضات عن أضرار كوارث طبيعية.
Science et Vie 1/2013
P 20
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)