Powered By Blogger

الثلاثاء، 5 مارس 2013

حين ترتدي الدعاية رداء العلم: القهوة مثالا

حسام جميل، العرب اليوم، 19/2/2013 منذ بضع سنوات، لايكاد يمر يوم دون أن أقرأ مقالا يصدح بمزايا القهوة الصحية والغذائية أو أجدها تتسلل إلى رسائلي الالكترونية مهما كان موضوعها. فقد تبدأ الرسالة بعبارة: بعد أن تتمتع بفنجان قهوتك الصباحية... من الواضح أنها حملة ضخمة منظمة تمولها وتدعمها مؤسسات تجارية ومالية عالمية. ولا شك أن هذه الحملة قد نجحت نجاحا باهرا. فسوق القهوة العالمي أصبح ينافس سوق القمح والأرز. ويدعم هذا الانطباع ما نلاحظه على مجتمعنا المحلي في الأردن. فقد انتشرت مقاه تجتذب جميع الفئات والأعمار، وباسعار باهظة حقا. والأسوأ من ذلك أن القهوة يرافقها غالبا تدخين الأرجلية أو السجائر، فهو بلاء مضاعف. ومن المظاهر المستحدثة الأخرى الخطيرة: - اعتدنا أن نشرب القهوة العربية السادة (المرة)، جرعة صغيرة واحدة في قعر الفنجان، بحجم لا يتجاوز 5 مل (5 سم³) وأصبحت تقدم في المقاهي بكأس (مغ) سعة ثلث لتر (330 مل)، أي سبعين ضعف الكمية التي اعتدناها، وكان ذلك في المناسبات فقط. - تكلفة شربك القهوة في يوم واحد في مقهى تفوق تكلفة الخبز الذي تتناوله في شهر كامل. هل القهوة علاج لجميع الأمراض؟ هذا هو الانطباع التي تخرج به من قراءة مقالات نشرت في صحفنا، أو تجدها على المواقع الإخبارية في الانترنت. وتجد المقال عادة يبدأ بعبارة:" أكدت أبحاث علمية حديثة بأن...، أو أظهرت دراسة أجريت على مئة شخص بأن ..." ومن العناوين المضللة التي تصادفها في وسائك الإعلام: - الإكثار من القهوة قد يقي من سرطان الفم والحلق. - القهوة تحسن استيعاب القواعد اللغوية - القهوة تقلل الاكتئاب لدى النساء وتجد مقالات تدعي أن القهوة تشفي من الأمراض التالية أو تحمي منها: السرطان، المياه الزرقاء على العين، ضعف المناعة، أمراض الجهاز العصبي، الاكتئاب والميل للانتحار، تليّف الكبد، الربو، أمراض القلب، الزهايمر، باركنسون؛ وهي تخفف الألم، وتحد من الشهية المفرطة، وتقاوم نزلات الرشح، وتحارب بكتيريا الفم. وحتى لأغراض التجميل: قناع القهوة لبشرة أجمل، حماية الشعر من التكسر والتساقط. بل تجد العبارة التالية: الذين لا يشربون القهوة البتة معرضون للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية(؟). أين هي الحقيقة؟ المكون الأساسي الفعال في القهوة هو الكفائين (القهوين)، وهو يعتبر سمّا، مثله مثل النيكوتين. وزيادة جرعته تسبب فقدان الشهية والقلق والأرق والسخونة والتعرق والهزال وتشجنات معدية وفقر الدم، وارتداد الحمض المعدي للمريء. وإذا تناولت 10 فناجين من القهوة في اليوم، أو ما يعادل كاسين مما يقدم في المقاهي حاليا، فهذا يسبب خفقان القلب والإسهال والقيء وتشوش التفكير وتشجنات. ومن يتعود عليها ثم يتوقف يشعر بالصداع والتوتر. فهي تسبب نوعا من الإدمان. كما أن تناول القهوة على معدة خاوية يحفز إفراز الأحماض فيها ويسبب القرحة. ويحظر شربها على من يعاني من القولون العصبي وحصى المرارة وحصى الكلى والقرحة وضغط الدم وتضخم الغدة الدرقية، ولمن أجرى جراحة في القلب. وإن تناول الحامل للقهوة يهدد جنينها بالإصابة باللوكيميا (سرطان الدم) كما أن تحميص القهوة وحرقها ينتج مواد مسرطنة، مثل التي تجدها في الخبز المحروق أو اللحم المحروق. نذكر أخيرا أن إنتاج البُن عالميا يصل إلى 8 ملايين طن، ثلثها من البرازيل. ولا تجد أية دولة عربية ضمن أول 20 دولة، على الرغم من أن اليمن كانت، هي والحبشة، مهد البن؛ وما زال أفضل أنواع البن هو العربي (أرَبِكا)، ومُكّا (على اسم ميناء مخا في اليمن).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق