Powered By Blogger

الثلاثاء، 19 مارس 2013

حل لغز سخونة هالة الشمس


م. حسام جميل، العرب اليوم، 19/3/2013 فلنوضح أولا ماذا نعني بهذا اللغز: تبلغ درجة حرارة قلب الشمس 12-15 مليون درجة كلفن؛ وكلما ابتعدنا عن مركز الشمس بردت طبقاتها حتى تصل إلى 5600 درجة على بعد 000 700 كم من المركز. ويفترض أن تواصل درجة الحرارة انخفاضها كلما ابتعدنا عن المركز. لكن يحصل هنا أمر بالغ الغرابة: تسخن الطبقات الأبعد فجأة حتى مليون درجة خلال مسافة قدرها مئة كم. فما سرّ هذه الحرارة الهائلة، التي يفترض أن لا مصدر آخر لها غير نواة الشمس، بفضل الإندماج النووي داخلها؟ أرصاد حثيثة منذ عشرين سنة منذ أواخر التسعينيات، أطلقت عدة مراصد فضائية مخصصة لرصد الشمس: (SOHO, STEREO, SORCE, RHESSI,…SDO,…) بالإضافة إلى نحو ثلاثين مرصدا أرضيا موجهة باستمرار نحو الشمس، لتتابع أية تطورات تحدث في البلازما الشمسية وفي مجالها المغنطيسي. إنه العصر الذهبي للرصد الشمسي. في عام 2002 التقطت إشارات تكشف عن تدفق حلقات مغنطيسية قرب الانفجارات المرصودة على السطح. وفي عام 2007 اكتشفت ذبذبات مغنطيسية توجه الجسيمات المشحونة نحو الغلاف الجوي الشمسي. وفي عام 2009 لوحظ وجود ظل دائري قطره 1000كم على سطح الشمس. كشف هذه الظاهرة الغريبة المرصد الضخم في لابالما في جزر الكناري الإسبانية. ظهر هذا القرص المعتم وسط نفثات الغازات المتأينة، واختفى بعد بضع دقائق. كانت هذه هي المرة الأولى التي ترصد فيها مثل هذه الظاهرة. أدخلت البيانات في الحواسيب الضخمة، وأجريت حسابات معقدة، بلا جدوى. وفي أواسط عام 2012، سجل المرصد الشمسي الدينامي (SDO) التابع لناسا، هذه الظاهرة من جديد. ورافقت ظهورها خطوط مجال مغنطيسي هائلة القوة، مسببة زوبعة عنيفة من الغازات المتأينة تصل سرعتها إلى 000 10 كم/ساعة. وخلال أقل من دقيقة، تبلغ الزوبعة ذروتها، وتظهر دوامة ارتفاعها آلاف الكيلومترات لتبتلع مليارات مكعبة من الغاز الساخن بدرجة مليون درجة كلفن أو أعلى. وفجأة، بعد بضع دقائق، يختفي كل هذا، وتتوزع طاقة الزوبعة في أنحاء الغلاف الجوي للشمس. وفي عام 2011 اكتشفت أنابيب مغنطيسية تقذف غازات حارة جدا نحو الهالة الشمسية. دوامات مغنطيسية كاسحة منذ عام 1869، دلت الأرصاد على أن هالة الشمس الخارجية أسخن كثيرا من طبقات الغلاف الجوي الموجودة تحتها. وبقي سر هذه الظاهرة بلا حل حتى منتصف عام 2012، حين رصدت ثلاث ظواهر صغيرة حجما وكبيرة في مدلولها: أولاها: نفثات غازية حارة دائمة قطرها مئة كم فقط، أي أن المراصد الأرضية لا تكاد تلاحظها. ويعتقد أنها تنتج عن حلقات صغيرة في مجال الشمس المغنطيسي بسبب عدم تجانس البلازما الشمسية. ثم اكتشفت تيارات بلازما تتدفق عبر الهالة، وسرعتها 100 كم/ساعة، كما لو أننا نراقب سطح الشمس وهو يتبخر. وكانت الظاهرة الثالثة هي الظل الدائري الذي تحدثنا عنه أعلاه. ودلت المعالجة الحاسوبية للبيانات على وجود 000 10 دوامة من هذا النوع على سطح الشمس باستمرار، وهي تنقل كمية حرارة تكفي لتفسير السخونة الهائلة لهالة الشمس التي تصل في أقصاها إلى 20 مليون درجة. ويبقى لغز عصيّ آخر: ما الذي يدفع الرياح الشمسية إلى الفضاء بسرعة 4 ملايين كم/ساعة، في حين أن النماذج الحاسوبية لا تتوقع سرعة أكبر من بضعة آلاف كم/ساعة؟ يرجّح أن للمجال المغنطيسي الشمسي دورا أساسيا في هذه الظاهرة. لكن علينا أن ننتظر إطلاق المركبة الشمسية Solar Orbiter عام 2018 المخصصة لرصد قطبي الشمس، حيث الرياح على أشدها، ولعل هذه الظاهرة هي الأساس في عدة ظواهر شمسية غريبة أخرى. Science et Vie Nov 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق