Powered By Blogger

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما

القاموس العلمي الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما م. سائد مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013 عرف الإنسان الرصاص قبل أن يعرف الحديد. فهو فلزّ مطاوع سهل التشكيل والسبك، وينصهر بسهولة. يقال أن الرومان صنعوا منه الأنابيب التي أمدت قصور أثريائهم وملوكهم بالماء، كما أنهم استخدموا أحد أملاحه، اسيتات الرصاص، لتحلية النبيذ. ولا شك أنهم لم يدركوا أن هذا الفلزّ اللطيف يخرب الجهاز العصبي، ويتلف الدماغ والدم والكلى، ويتراكم في الأنسجة والعظام، ويسبب العقم والإجهاض. وهكذا بدأ كبار الدولة في روما يعانون من العته والخرف والأمراض.. وبدأ تدهور الامبراطورية التي كانت تحكم أوربا، من انجلترا غربا وحتى أقصى شرقها؛ إضافة إلى شمال إفريقيا، ومنها مصر، وتركيا الحالية وبلاد الشام. عثر على خرز مصنوع من الرصاص في تركيا يعود إلى 6400 ق.م. ويقدر أن الرومان كانوا يستخرجون ثمانين ألف طن منه سنويا. اسمه في اللاتينية Plumbum ،ومن هذه الكلمة اشتق رمزه الكيميائي Pb واشتقت منها أيضا كلمات مثل Plumber أي السبّاك في الإنجليزية. عدده الذري، أي عدد البروتونات في نواته، هو 82، وله ثلاثة نظائر غير مشعة، أوزانها 206،207،208 ، وهي أثقل النوى المستقرة في الطبيعة. الرصاص في عالم اليوم: بلغ انتاجه العالمي 9,6 مليون طن عام 2010، لكن مصدر نصف هذه الكمية هو التدوير، أي إعادة تصنيع الرصاص من النفايات. والدول الأولى في إنتاجه هي استراليا والصين والولايات المتحدة، وتحل المغرب في المرتبة الثامنة عالميا. يخُشى من نضوب احتياطياته خلال 50 سنة. وأكثر خاماته تعدينا هي الجالينا، أي كبريتيد الرصاص. لكن ما دام الرصاص ساما، فلماذا لا نستغني عنه؟ الواقع أن الرصاص ما زال فلزا مرغوبا ومفيدا في عدة تطبيقات، ولعل أهمها هي بطاريات السيارات، فنصف إنتاج الولايات المتحدة منه يخصص لهذا الغرض. وهو يستخدم أيضا في البناء، ويساعد في امتصاص الصوت في الاستديوهات الإذاعية مثلا. وتصنع منه رصاصات المسدسات والبنادق لأنه ثقيل وسهل التشكيل. ويدخل في صنع الدهانات والأصباغ، إلا إن هذا الاستخدام يتراجع عالميا بسبب خطورة الدهان الرصاصي داخل المنزل، حيث قد يتساقط عن الجدران مع الزمن، ويضعه الأطفال في فمهم مسببا لهم المرض. يخلط الرصاص بلدائن "بي في سي" المستعملة لتغليف أسلاك الكهرباء. ويخلط بالبنزين لتخفيف قرقعة محرك السيارة. لكن العالم يتوجه حاليا نحو البنزين الخالي من الرصاص، والهدف هو تخفيف تلوث هواء المدن بالرصاص؛ فهو سام للإنسان سواء دخل عن طريق الفم أو الأنف. يستخدم الرصاص أيضا في اللحام، وفي صنع التماثيل والمنحوتات. وكان يدخل في صناعة طلاء لعب الأطفال، وفي مبيدات الآفات الزراعية، وفي طلاء أواني الطعام المصنوعة من الصيني. لكن هذا انتهى الآن. تخلط مع الرصاص فلزات أخرى مثل النحاس والانتيمون ليكتسب الصلادة والقساوة. وإذا مزج قليل من الرصاص مع الفولاذ تحسنت لدانته وقابليته للسحب والسبك. وهو ينصهر عند درحة 327 سلسيوس، مقارنة مع 1538 درجة للحديد النقي. ينتمي الرصاص لمجموعة كيميائية تضم الكربون والسلكون والجرمانيوم والقصدير. يتذبذب السعر العالمي للرصاص كثيرا. فمثلا كان سعر الطن منه 500 دولار عام 2005، وارتفع إلى 3650 عام 2007. أخيرا نشير إلى أن قلم الرصاص لا علاقة له بفلز الرصاص، فالقضيب الأسود الرفيع في جوف قلم الرصاص الخشبي مصنوع من الغرافيت، وهو أحد أشكال الكربون، أي الفحم المتبلور. والسر في هذه التسمية أن فلز الرصاص يترك أثرا اسود عند حكه بالورق، ويقال أن قلم الرصاص، حين اخترع، اطلق عليه اسم Plumbago ، أي شبيه الرصاص في أثره، كما يقال أن السبب هو الاعتقاد أن الغرافيت هو أحد أشكال فلز الرصاص. ورغم خطأ التعبير، فإنه قد ثبت وبقي، ومازلنا نقول "قلم الرصاص".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق