Powered By Blogger

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

ماذا تريد من صفحة العلوم؟


المحرر العلمي، العرب اليوم، 11/6/2013 لعل هذا السؤال هو أكثر سؤال جدير بالطرح وبإجابة القراء عليه، ثم أخذ ردودهم وتغذيتهم الراجعة بعين الاعتبار. وهذا ينطبق على العلوم وعلى غيرها من كل ما ينشر أو يذاع سمعيا وبصريا. فالغرض من كل ما يكتب في الصحف هو أن يقرأ. والغرض من كل ما يذاع في الإذاعات هو أن يسمع، والغرض من كل ما يبث تلفازيا، أو ينتج سينمائيا هو أن يشاهد. ويفترض أن يكون للجهة المتلقية الرأي الحاسم في طبيعة ومستوى هذه المواد المقروءة والمسموعة والمرئية. لكننا نعلم أن هذا نادرا ما يحصل، ولا حتى في المجتمعات المتقدمة. فوسائل الإعلام هي عادة أداة فعالة في يد القوى المتنفذة لتشكيل عقول العامة و"تجهيلهم" وتحريكهم في الإتجاهات المرغوبة حين اللزوم. إضافة إلى تسويق منتجاتهم من سلع وخدمات. ونعرف جميعنا تلك العبارة التي كان رجال السينما المصرية ومسؤولو الثقافة يبررون بها انحطاط مستوى أفلامهم: الجمهور عايز كدة!؟ (لكن هل حصل أن أخذوا رأي الجمهور فيما يقدمونه له؟ بل هل وفروا للجمهور بدائل أفضل؟ أو لعل المبدأ الاقتصادي القائل إن "العملة السيئة تطرد العملة الجيدة" ينطبق هنا؟). همّ المحرر الصحفي: كيف يملأ الصفحات. لا شك أن وسائل الإعلام العربية بمختلف أشكالها، تعتمد أساسا على مصادر المعلومات والأخبار الأجنبية، سواء ما تزودها به وكالات الأنباء العالمية مترجما جاهزا، أو ما يترجمه العاملون في هذه الوسائل الإعلامية الوطنية أو المتعاونون معها. ومع التضخم السرطاني للصحف اليومية لدينا، وفي العالم العربي عامة، وتزايد عدد الصحف والمجلات لتبلغ أرقاما قياسية، فإنها لم تعد تنشر لأن لديها مادة صحفية أو ثقافية تستحق النشر، وإنما أصبحت مشكلة محرري هذه المنشورات هي في العثور على أية مادة يمكن تعبئة الصفحات بها. تتلقى الصحف يوميا آلاف الأخبار والمقالات من وكالات الأنباء العالمية. وما على المحررين إلا بذل بعض الجهد لإنتقاء ما يهم القارئ المحلي، وما يستحق النشر. لكن حتى هذا الجهد المنحصر في الإنتقاء لم يعد يبذل كمثال على ذلك ومن أساليب الحشو الفعالة التي تنقذ المحررين في صحفنا ومجلاتنا، هي الصور التي قد تحتل صفحات كاملة، خاصة الصفحات الرياضية والفنية. صحيح أن الصورة مهمة وهي تكمل الموضوع الصحفي، لكنها لا تحل محله إلا في حالات خاصة ومحدودة. - صفحات العلوم والمواضيع العلمية يكاد ينحصر ما تنشره صحفنا ومجلاتنا في المجال العلمي بمقالات طبية وغذائية. وهذه فعلا تمثل حبل الإنقاذ للمحررين. لدينا مئات الأصناف من الفواكه والخضار والأعشاب والمواد الغذائية المتنوعة. وهي تشكل معينا لا ينضب من المقالات التي تسرد محتويات هذه الأغذية من كربوهيدرات وبروتينات ودهون وألياف وفيتامينات ومعادن، وتعدد معجزاتها الدوائية. كما أن موضوع التغذية والحمية يشكل مجالا خصبا لمقالات تقدم نصائح وخططا وبرامج لتحقيق النحافة. وهي غالبا غير عملية وهدفها الحشو واللغو لا أكثر. فإذا استبعدنا مواضيع الصحة والطب والتغذية، فماذا يمكننا أن نقدم من جديد ومميز في صفحتنا هذه؟ وما هي أغراضنا من اختيار هذه المواضيع؟ ولمن نوجهها؟ وما هو مستوى تعقيدها واسلوب عرضها ( الذي يفترض به أن يكون مبسطا وجاذبا لأكثر من فئة)؟ يطلق على عملية نشر العلوم في الصحف الموجهة للعامة تعبير "شعبنة العلم"، أي جعله في متناول الشعب بمختلف فئاته؛ وهذا يفترض التبسيط والإمتاع والجذب، فالعلوم، البحتة والتطبيقية على السواء، عادة مادة صعبة وتتطلب قراءتها جهدا وتركيزا، وهذا ليس مرغوبا في صفحتنا هذه. قد يقصد ببعض المواضيع الإبهار أكثر من تقديم فائدة مباشرة أو معلومة يمكن للقارئ استخدامها، وهذا ليس مرفوضا، لكن يفترض بمواضيع الإبهار أن لا تتجاوز نسبة معينة محدودة. وتهدف بعض المواضيع المنشورة إلى تطوير التفكير المنطقي وإثارة تساؤلات حول مسلمات أو ممارسات شائعة؛ ولعل هذا هو الهدف الرئيسي من صفحتنا هذه. ونشير أخيرا بأسف إلى ضعف التواصل بالاتجاه العكسي، أي من القارئ إلى المحرر. وهذه بشكل عام ظاهرة عامة فيما يتعلق بالعلوم. ولعل المقالة التي نشرت في العدد الماضي من هذه الصفحة تحت عنوان بورباكي وأينشتاين تمثل استثناء، إذ وردت عدة تعليقات ننشرها هنا اليوم، آملين في تطوير علاقة أوثق مع قرائنا في المستقبل لنقدم ما يريدونه وما يفيدهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق