Powered By Blogger

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

مختبرات تحاكي نشأة الكون

م. حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013 الفيزياء الفلكية التجريبية: هل هو علم جديد؟ علماء يحاولون تقليد ما يعتقدون أنه حصل ويحصل في الكون من ظواهر غريبة: الثقوب السوداء، المستعرات العظمى، النجوم النيوترونية، ولادة النجوم، وتشكل الكواكب. إنه العلم في صورته القصوى. المختبر بدل المقراب: تخيل فلكيا يتخلى عن منظاره أو مقرابه (تلسكوبه)، لينزوي في مختبر مغلق، وهدفه هو دراسة الكون. هذا ما يفعله حاليا بضع عشرات من الفيزيائيين وعلماء الفيزياء الفلكية في بضعة مختبرات حول العالم. وهم يسعون إلى تحقيق إنجازات لم يكن أحد يحلم بها. إنجازات تُحول علم الفلك إلى علم تجريبي. علم لا يعتمد فقط على الرصد المحض بواسطة المقراب، والمحاكاة الحاسوبية. قد يبدو أن في ما نقوله مبالغة غير معقولة، فالظواهر الفلكية والكونية أكبر بكثير من أن يتمكن المختبر من توفيرها. لكن ما يقوم به الباحثون هو ابتكار وسائل تقليد ومحاكاة، من خلال الدراسة المخبرية لظاهرة تحكمها، كلية أو جزئيا، القوانين نفسها التي تحكم ظاهرة فلكية ما. النموذج المخبري لا يماثل إذن الظاهرة الفلكية المعنية، لا بحجمها ولا بشكلها ولا بمكوناتها المادية، وإنما بالقوانين الفيزيائية التي تحكمها. ثقب أسود داخل ليف ضوئي: في عام 1970، توقع ستيفن هوكنغ أن الثقب الأسود، الذي يمتص كل ما يقترب منه، حتى أشعة الضوء، يبث أشعة معينة. لم ننجح في التقاط هذه الأشعة لأن أشعة الخلفية الكونية تغطيها وتخفيها. لكن دانيل فاتشو، من جامعة أدنبرة، التقطها داخل ليف زجاجي ضوئي. وتبرير ذلك هو كما يلي: لا شيء يميز الزمكان (الزمان-المكان) الذي تشوهه جاذبية الثقب الأسود عن المادة الفائقة، أي الألياف الضوئية، التي تشوه انتشار الموجات الضوئية. فالحالتان تخضعان للمعادلات نفسها. وإذا كان الثقب الأسود يصدر موجات هوكنغ، فإن الليف الضوئي يجب أن يصدرها أيضا. نجم داخل جهاز الطرد المركزي: توحي المعادلات والنماذج الرياضية بأن البلازما المشحونة كهربائيا في قلب النجم، تولد مجالات مغنطيسية قوية. ولمحاكاة هذا الوضع، استخدم الباحثون الصوديوم المنصهر الخاضع لحركة دورانية عنيفة، اعتمادا على أن قوانين الديناميكا المغنطيسية للموائع تنطبق على الظاهرتين، وأن الصوديوم المنصهر يجب أن يشكل مجالا مغنطيسيا. جرى تحريك هذا المعدن المنصهر بسرعة 1000 دورة في الدقيقة وتجحت التجربة، وتولد مجال مغنطيسي. كان ذلك عام 2006. ومنذ ذلك الوقت تواصلت التجارب. وحين غيرت سرعة الدوران، اضطرب المجال المغنطيسي. وفجأة انعكس اتجاه المجال، وكانت هذه أول محاكاة لظاهرة انعكاس المجال المغنطيسي الشمسي التي تحصل مرة كل 11 سنة. مستعرّ أعظم في قمع: المستعر الأعظم، أو المستجدّ الأعظم، أو السوبر نوفا، هو نجم بلغ آخر عمره، وتقلص وانهار على نفسه، لينفجر مطلقا طاقة هائلة. حين نفكر بالماء وهو يندفع، على شكل دوامة، داخل قمع (محقان) نلاحظ أن المعادلات التي تحكم موجات التضاغط داخل القمع هي نفسها المعادلات التي تصف الموجات التضاغطية التي تنتشر خلال الغاز الذي ينهار نحو المركز بتأثير مجال الجاذبية في قلب النجم المستعر. لا يندفع الغاز بخط مستقيم نحو القلب، وإنما يتبع حركة لولبية، مثل دوامة الماء في القمع أو مصرف الحمام. وهذا يسمح للغاز أن يكتسب طاقة متزايدة مصدرها جسيمات النيوترينو التي ينفثها قلب النجم. نجم نيوتروني في سحابة من الليثيوم: تسلط أشعة الليزر على ذرات الليثيوم الباردة، فتنشط وتنطلق في كافة الاتجاهات وتتفاعل فيما بينها. لكن ما علاقة هذه التجربة بالنجم النيوتروني الميت، الذي تبلغ كثافته مليار طن/سم³ ودرجة حرارته عشرة ملايين درجة، في حين أن الليثيوم هنا في درجة تقارب الصفر المطلق؟ التفسير هو أن المعادلات التي تحكم النظامين هي نفسها. فالنيوترونات وذرات الليثيوم تنتميان للعائلة نفسها من الجسيمات الكمومية: الفيرميونات؛ وتفاعلات كل منهما متماثلة. Science et Vie, 1/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق