Powered By Blogger

الثلاثاء، 14 مايو 2013

في مواجهة الغش العلمي


المحرر العلمي، العرب اليوم، 14/5/2013 قبل مئة سنة، في 18/12/1912، اجتمعت الجمعية الجيولوجية في لندن اجتماعا غير عادي لعرض أقدم جمجمة إنسان، الحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد! اكتشفها جيولوجي هاو اسمه تشارلز دوسُن، وصادق على صحتها خبير في المتحف البريطاني.ابتهج أعضاء الجمعية لأن أقدم إنسان بريطاني. وأطلق عليه اسم "انسان بلتداون" (المنطقة التي عثر عليه فيها) أو إنسان دوسن، على اسم المكتشف. ولم يتبين زيف هذا الكشف إلا عام 1949 حين استخدم باحث في المتحف البريطاني وسائل فحص وتحليل مستحدثة مثل تحديد نسبة الفلور، تم تحديد نسبة الكربون 14 عام 1953، وظهر أن الجمجمة تعود لبضعة قرون فقط، لكنها عولجت بمواد كيميائية لتبدو مفرطة في القدم. لماذا يغش الباحثون؟ لا شك أن العلم والغش لا يتفقان. فالبحث العلمي يتطلب أساسا النزاهة والصدق والموضوعية، وهو منزه عن الهوى، فالباحث لا يسعى لإثبات فرضية مسبقة يؤمن بها، وإنما يختبر صحة الفرضية حسب أساليب المنهج العلمي المعتمدة. لكن الباحث قد يتعجل أحيانا نشر نتائجه حتى يحصل على التمويل اللازم لأبحاثه، أو حتى يحقق المتطلبات الأكاديمية في جامعة بغرض الترفيع مثلا. ويبقى سببب مهم هو الرغبة في تحقيق الشهرة، عن طريق الإثارة الإعلامية.  أنماط الغش وأساليبه: تناقش مجلة العلم والحياة الفرنسية في عددها لشهر 12/2012 هذا الموضوع في 11 صفحة. ونقدم فيما يأتي خلاصة لأهم ما جاء فيه.  الانتحال: مع طوفان المعلومات على الإنترنت حاليا، انتشرت بين الطلبة بشكل خاص ممارسة " النسخ واللصق" (copy + paste) لكتابة مقالة أو بحث دون جهد يذكر. لكن " النسخ واللصق" لا يقبل من الباحثين، إلا إذا أشار الباحث إلى المصدر، وبشرط أن لا تمثل هذه المقتبسات نسبة كبيرة من البحث.  إخفاء تضارب المصالح: إذا كان باحث يقيمّ سمّية منتج دوائيّ أو غذائي ما، فمن الصعب أن يدّعي الموضوعية إذا كانت الشركة صاحبة هذا المنتج هي التي تموّل أبحاثه. وقد كان هذا هو الحال لسنوات طويلة فيما يتعلق بالأبحاث على التبغ، وعلى القهوة حاليا.  ادعاء المشاركة أو إغفالها: يشارك في التوقيع على أوراق البحوث أحيانا أشخاص لم يشاركوا فيها أصلا. وعادة ما يضاف اسم شخص بارز بهدف إضفاء أهمية على البحث. أو يضع هذا الشخص اسمه على البحث بحكم منصبه أو نفوذه، على الرغم من عدم مشاركته فيه. وفي المقابل فإن بعض الأبحاث يجريها باحثون صغار أو مراكز دراسات مأجور؛ ويحصل الباحث الحقيقي على أجرة مالية، في حين ينسب الفضل في البحث إلى من يدفع الثمن.  خيانة الثقة: قبل أن تنشر المجلات العلمية تقرير البحث، تحوله عادة إلى محكمين ليوافقوا عليه ويعدلوا فيه. يقع هؤلاء المحكمين تحت إغراء كبير للاستفادة من بعض نتائج البحث، سواء بإفشائها لآخرين، أو بطلب دعم مالي لهم شخصيا اعتمادا عليها.  إخفاء معطيات مناقضة: بعد إعداد تقرير البحث، قد يحصل الباحث على معطيات جديدة مناقضة لما توصل إليه، لكنه قد يهملها أو يخفيها حتى لا تؤثر على نتائجه السابقة.  تزوير النتائج: في آذار 2004 أعلن الكوري هوانغ وو- سوك أنه استنسخ أول طفل بشري، ورشح لنيل جائزة نوبل في الطب، لكن أحد مساعديه كشف عن أن الطفل كان في الواقع طفل أنابيب بتلقيح عادي بين حيوان منوي وبويضة.  تزوير المعطيات: تحدثنا في البداية عن جمجمة بلتداون، حين جرى تزوير البيانات، ومن الأمثلة الأخرى ما فعله عالم النفس الهولندي ديدرك ستابل، الذي كان يعبئ بنفسه الاستبانات الموجهة للجمهور؛ وأيضا كشف أمره ثلاثة من أعضاء فريقه البحثي. أخيرا نورد بعض المؤشرات على استفحال ظاهرة الغش والتدليس والتزوير والاحتيال والانتحال في مجال الأبحاث العلمية. مثلا خلال الفترة 2006 – 2011 كان عدد المقالات العلمية التي سحبت بعد نشرها أكبر بخمسة اضعاف من عددها خلال الفترة 2000 – 2005، وكان معظمها في علم الأحياء والصيدلة والطب. ودلت دراسة أجريت على 630 مقالة طبية نشرت عام 2008 بأن 18% منها حملت توقيع أشخاص "شرف" لا علاقة لهم بالبحث، كما أن 8% منها أجراها أشخاص مجهولون اكتفوا بتلقي أجرهم النقدي عليها. Science et Vie Dec.2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق