Powered By Blogger

الأحد، 4 مارس 2012

قضايا بيئية من واقعنا المأساوي

لنعترف أولا أن معظم ما ينشر في وسائلنا الإعلامية، خاصة مواد العلم والتكنولوجيا، هو ترجمة لما يركز عليه الإعلام الغربي. فالدول المتقدمة هي مصدر الانتاج العلمي والتقاني. وإذا لم نترجم عنهم أحدث ما ينشرونه، فالبديل عادة هو أن نجترّ ما نشر لدينا سابقا ونعيد نشره كما هو.

لكن المشكلة في هذا الأسلوب من النشر العلمي، أي ترجمة النتاج العلمي العالمي، هي أن القضايا التي تبرزها هذه المصادر قد لا تكون ذات مساس مباشر بحياتنا، بينما القضايا ذات الأولوية لنا تهمل ونتغاضى عنها.

نورد فيما يأتي، باختصار، بعضا من أهم قضايانا البيئية، والتي نعاني منها ويبدو أنها تتفاقم وتزداد خطورة دون أن نلاحظ اتخاذ أية إجراءات فعلية لحلها أو حتى للتخفيف منها.

الطاقة: لا شك أن مجتمعنا مجتمع التناقضات. نستورد معظم حاجاتنا من الطاقة بأسعار باهظة، ونجد السيارات الخاصة كبيرة الحجم ومفرطة الاستهلاك تتزايد أعدادها يوما بعد يوم في شوارعنا. المضحك المبكي هنا أن هذه السيارات مصممة للطرق الخارجية، وللسرعات العالية، وليس لشوارع عمان الضيقة والمزدحمة حيث لا تتجاوز سرعتها فيها 40كم/ساعة. لكن يبدو أن التخلف العقلي والنفسي يتناسب طرديا مع تزايد الثروة لدى البعض. ونتساءل: لماذا لا تُفرض جمارك وضرائب أعلى بكثير على هذه السيارات؟

أما الطاقة الشمسية المجانية، فما زال استغلالها محدودا. فما الذي يمنع من تحويل مبالغ دعم النفط الذي تدّعيه الحكومة، الى دعم السخانات الشمسية؟ ولماذا لا يفرض تركيب سخان شمسي لكل شقة في العمارات الجديدة التي تنشئها الشركات الإسكانية، كشرط لحصولها على الإعفاء من ضريبة بيع العقار ورسوم التسجيل.

من المفارقات اللطيفة الملاحظة حاليا، ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، أن معظم العائلات تخلت عن استخدام التدفئة المركزية، وعادت لعهد صوبات الغاز. ومع ذلك، ما زالت العمارات السكنية الجديدة توفر تمديدات التدفئة المركزية لكل شقة، مع ما يعنيه هذا من ارتفاع في كلفة البناء.

الماء: نشكو من ارتفاع فاتورة الماء كما اعتدنا أن نشكو من أي شيء، رغم أن قيمتها لمعظم العائلات لا تتجاوز مصروف الجيب لأطفالها في يوم واحد. أو كلفة بنزين السيارة ليوم واحد. الماء رخيص لدينا، وهدره كبير، خاصة نتيجة ممارسات حراس العمارات والخادمات وحتى ربات البيوت.
والحديث عن الماء لا ينفصل عن ذكر ما ننفقه على ماء الشرب المفلتر في العبوات أو القناني.

يكفي أن نشير إلى أن ثمن لتر ماء الشرب يعادل ثمن متر مكعب، أي ألف لتر، من ماء شبكة المياه. أي الف ضعف، وكنسبة مئوية نجد أن ماء الشرب يباع بمئة ألف بالمئة (100000%) من ماء الشبكة، ولا أحد يتذمر، ولا أحد يشرب من ماء الحنفية المعقم والمراقب والموثوق أكثر من مياه دكاكين الفلترة.

فرز النفايات والنظافة

تجاوزت معظم دول العالم، المتقدمة منها والنامية، موضوع فرز النفايات بمختلف أنواعها: ورق، بلاستك، زجاج، معادن. وحتى الزجاج يفرز الى ملون وشفاف، كل منها في حاويات منفصلة. لكن لا تبدو في الأفق أية مؤشرات على مبادرات رسمية أو شعبية لتحقيق هذا الأمر لدينا. والنتيجة أننا نرى أطنان القمامة تفيض من حاويات الشوارع وتتناثر حولها: تصديقا للقول: ما أكثر ما هو أكثر ما ينتجه سكان عمان؟ والجواب هو : النفايات!

ورغم الجهود الجبارة التي تبذلها أمانة العاصمة، فإن شوارعنا ليست أكثر من مجمع نفايات. ومن يسير في أرقى شوارع عمان، سيجد في كل متر من مساره نوعا من النفايات: ورق، علبة تبغ، علبة عصير، أكياس بلاستيكية... الخ

فما الذي يمنع السلطات من فرض غرامة باهظة، وحتى السجن، على من يشاهد أو تلتقط صورته، وهو يلقي بأية فضلات في الشوارع؟

لنعمل معا، حكومة ومؤسسات المجتمع المحلي وأفرادا على أن لا تكون عاصمتنا ومدننا الأخرى مجرد كراج كبير للسيارات، أو مكب نفايات، أو مخيما يتزاحم فيه البشر دون متنفس، ودون مساحات خضراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق