Powered By Blogger

الأحد، 25 مارس 2012

نظرية جديدة في الجاذبية:الكون في متناول يدك

عن ديلي سَينس – بول بروس
ترجمة: سمير الشوملي/ العرب اليوم

كم قدْراً من الكون يمكنك أن تضغط بين إبهامك وسبابتك؟ ربما أكثر بكثير مما تظن. وربما كانت امتدادات الكون البعيدة لا تبعد عنك مسافة بما يزيد على مليمتر واحد. وربما تكون أكوان كاملة أخرى في متناول يدك. وحتى إن كنت لا تستطيع أن ترى تلك الأماكن النائية، قد يكون بوسعك أن تتصل بها من خلال أكثر القوى أُلفة، وهي قوة الجاذبية.

طلع أركاني-حامد في قسم مختبر الفيزياء في جامعة كاليفورنيا بهذه النظرية (التي ما زالت تنتظر تسمية جذابة) التي تشرح لماذا يستطيع "النموذج القياسي" للفيزياء الجزيئية أن يقدم تفسيراً عاماً لكل قوى الطبيعة – باستثناء الجاذبية. لقد أجريتْ محاولات كثيرة لهذا، لكن لهذه النظرية الجديدة ميزة هائلة على كل ما سبقها. إذ يمكن أن تُمتحَن في مسرِّعات جزيئية عملاقة بُدئ العمل ببنائها فعلياً، والتجارب جارية على سطح طاولة.

يكمن وجه من وجوه اللغز في التباين الكبير بين قوة الجاذبية البادية والقوة المغنطيسية الكهربائية (الكهرطيسية) والقوة النووية. ورغم أننا ننظر إلى الجاذبية على أنها قوية – حيث يمكن أن نتأذى إذا سقطنا أرضاً – إلاّ أن الجاذبية، بالمقارنة مع المغنطيسية الكهربائية ضعيفة إلى حد مدهش. إذ أنت تحتاج إلى كامل كتلة الأرض لتثبت دبوساً على سطح طاولة، في حين أن قطعة مغنطيسية عادية يمكن أن ترفعه بسهولة.

ولكن ماذا لو أن الجاذبية "بدت" ضعيفة دون أن تكون كذلك؟ وماذا لو كانت، على خلاف المغنطيسية الكهربائية والقوى النووية، غير مقصورة على عالمنا اليومي ذي الأبعاد الحيّزية الثلاثة وبُعد زمني واحد؟ إن كانت الجاذبية تعمل في بُعدين أو عدة أبعاد أخرى إضافة إلى تلك الأربعة المألوفة، ربما لا نختبر الآن إلا جزءاً من تأثيراتها.
لا تواجه الرياضيات مشكلة في وصف الأحياز أو الامتدادات المكانية متعددة الأبعاد، لكن العقل البشري ليس مبنياً ليتصور أكثر من ثلاثة أبعاد مكانية. تخيّل بشكل اعتباطي، بدلاً من ذلك، عالَماً قد تقلص إلى بُعد حيّزي واحد، خيطاً رفيعاً من نسيج بصري.

تتحرك الفوتونات، وحدات الكم الجزيئية للمغناطيسية الكهربائية، بسهولة جيئةً وذهاباً على طول هذا النسيج، لكنها تقع في شِراكه. وربما توجد عوالم أنسجة أخرى، بعضها قريب جداً منا، لكن لأن فوتوناننا لا تستطيع أن تتحرك من الجانب إلى الجانب الآخر، فإنها لا تستطيع أن تنقل إلينا أخباراً عنها.

وأما وحدات الكم الجزيئية للجاذبية، فلا تعرف مثل هذه المحدودية. وفي كون ذي أبعاد إضافية، ربما نحس بقوة جذب الكتلة في تلك الأبعاد الأخرى مع أنها غير منظورة لنا.

بعد فترة وجيزة من رؤية إسحق نيوتن التفاح تسقط في عام 1665، استنبط الثابت الجاذبي G اللازم لحساب القوة الجاذبة بين كتلتين على مسافتين مختلفتين. وافترض العلماء لمدة طويلة أن G أساسي (مستديم) وغير متغيّر.

لكن أركاني أحمد يسأل: "أي سبب يدعونا إلى الافتراض أن G أساسي أي مستديم؟ إذْ لم يُقسْ إلاّ إلى مدى حوالي مليمتر. فماذا لو أن الجاذبية في واقع الأمر بنفس قوة القوى الأخرى على مسافات لم نقِسْها بعد؟"

يتطلب قياس قوة الجذب بين كتلتين أن تكون الكتلتان أصغر من المسافة التي تفصلهما – وهذا أمر يسهل حسابه في حالة التفاح الساقطة نحو الأرض، لكنه أكثر صعوبة مع أوزان قطرها أصغر من مليمتر.

"كلما صغرت الكتل الممتحَنة، بدأت التاثيرات المغناطيسية الكهروبائية المتبقيّة تفعل فِعلها وتُغرق الجاذبية. ولا يعرف أحد ما هي القوة الحقيقية للجاذبية في المسافات القصيرة."

تخضع الجاذبية في عالم ذي أبعاد مكانية ثلاثة لقانون التربيع العكسي: فإذا اختصرت المسافة بين كتلتين إلى النصف، تضاعفت قوة الجذب بينها أربع مرات، وإذا اختصرتها إلى الثلث، ازدادت قوة الجذب بينها تسع مرات. غير أن قوة الجذب في حيّز ذي أبعاد أربعة تتناسب مع المكعب العكسي للمسافة. ومع كل بعد إضافي، تزداد قوة القانون العكسي.

ومع أن هذه النظرية ما زالت نظرية تحتاج إلى تجارب لتثبتها أو تفّندها، إلا أنها تفسّر الكثير، وتثير احتمالات كثيرة. وهي لا تناقض نتائج تجريبية، وقد تأتي لحلول لمشاكل في الفيزياء الفلكية. ويظل السؤال: هل هنالك بُعد رابع حقاً في هذا الكون؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق