Powered By Blogger

الأحد، 25 مارس 2012

بناء مصيدة شمسيّة أفضل: نهج جديد وكفوء في استخدام الطاقة الشمسيّة

سمير الشوملي

لكي تولّد الكهرباء من أشعة الشمس، يمكنك أن تستخدم خلية كهرضوئية (كهربائية ضوئية)، لتحوّل الضوء مباشرة إلى كهرباء ، أو أن تستخدم حرارة تلك الأشعة لتغلي الماء، ثمّ تدير عنَفَة بقوة البخار الناتج. هاتان التقنيتان معروفتان. لكن توجد، من حيث المبدأ، طريقة ثالثة، ألا وهي استخدام الحرارة مباشرة من دون بخار أو عنفات، لتوليد الكهرباء. وفي هذه الحالة، على خلاف الخلية الشمسية القياسية (الحساسة لبعض ترددات الضوء دون غيرها)، فإن كل الطاقة الشمسية المتاحة يمكن تحويلها إلى كهرباء. كما أن هذه الطريقة، على خلاف أسلوب غلي الماء، لا تتضمن عمليات آلية مزعجة. فحالما يركب مثل هذا النظام، يمكنه أن يعمل لوحده وبكل هدوء.

ولسوء الحظ، فإن الأجهزة التي تحوّل أشعة الشمس إلى حرارة ثم إلى كهرباء بهذه الطريقة لا يمكنها أن تسخن إلى درجة أعلى من درجة غليان الماء، عندما تتعرَّض لضوء الشمس المباشر وغير المركَّز. ويعود السبب في ذلك إلى أنه عند وصول الحرارة إلى درجات أعلى بكثير من 100 س، فإن قوانين الديناميكا الحرارية تحتّم أن تنطلق الحرارة بسرعة مساوية لسرعة امتصاصها. كما ثبت أن هذا الأمر ينطوي على مشاكل، لأن تحويل الحرارة مباشرة إلى كهرباء يحتاج إلى الوصول إلى 700 درجة مئوية ليصبح فعّالاً. وهذا أمر متعذّر بغير استخدام مرايا قطع مكافئ خاصة ومكلفة لتركيزالضوء الساقط.

غير أن بيتر بيرمل من معهد مساتشوتس للتقنية (MIT) وزملاءه ، وكما ورد في مجلة Nanoscale Research Letters ، يعتقدون أنهم اكتشفوا طريقة للالتفاف حول هذه المشكلة، ولتركيز الطاقة الشمسية من دون الحاجة إلى مرايا. لقد ابتكروا مصيدة شمسية حقيقية.

المصيدة المقترَحة عبارة عن صفيحة رقيقة من التنغستن. سطحها الذي يواجه الشمس مغطى بحفر بالغة الصغر. وسطحها الثاني يواجه خلايا شمسية مصنوعة من مادة تدعى زرنيخيد الأنديوم -الغاليوم indium gallium arsenide، ويطلق السطح الثاني أشعة حرارية تحت الحمراء، وبالتردد الأنسب للخلايا الشمسية.

يبلغ قطر الحفر ثلاثة أرباع الميكرون (الميكرون جزء من ألف من المليمتر)، وعمقها ثلاثة ميكرونات، وهي التي تقوم باصطياد الطاقة الشمسية. عندما تسقط أشعة الشمس عموديا على السطح المغطى بهذه الحفر، يصل معظم الإشعاع الساقط إلى قيعان الحفر. وهنا يمتص التنغستن الطاقة الساقطة، ثم يعيد بثها، كما تنص قوانين الديناميكا الحرارية.

ولأن عمق الحفرة يساوي أربعة أمثال قطرها، وكلاهما بالغ الصغر، فإن معظم الأشعة المنبعثة من قاع الحفرة ستسقط على جدرانها، بدلا من أن تنطلق للخارج. فتسخن المادة أكثر فأكثر، ولدرجة أعلى بكثير مما يمكن أن تبلغه صفيحة تنغستن ملساء دون حفر.
مستقبل مشرق للطاقة الشمسية
تدل الحسابات على أن النظام يحوّل 37% من ضوء الشمس إلى كهرباء. مقارنة مع 28% كحد أقصى باستخدام الخلايا الشمسية البسيطة التي تتلقى ضوء الشمس مباشرة، أو 31% باستخدام مرايا القطع المكافئ التي تركّزضوء الشمس. وبطبيعة الحال، فإن الخطوة التالية هي التطبيق العملي لهذه التقنية، لكن بيرمل واثق تماماً من صحة حساباته.

استُخدم التنغستن في السابق بشكل واسع في المصابيح الكهربائية المتوهجة. لكنه الآن على وشك أن يُهجر، لأنه يحوّل معظم الكهرباء المارة به إلى حرارة وليس إلى ضوء، كما هو القصد من المصابيح. وبالتالي سيُمنع استخدام المصابيح المتوهجة لصالح تلك التي توفر الطاقة. وهكذا فإن من سخرية القدر، وهي سخرية جميلة هنا، اننا عندما عكسنا العملية، وحوّلنا الحرارة إلى كهرباء، كما في تجربة بيرمل، فإننا قد نفخنا الحياة من جديد في جسد التنغستن، وربما أيضاً نكون قد تقدمنا خطوة في طريق الاستغلال الكفؤ للطاقة المتجددة.
الإكونومست، 31/12/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق