Powered By Blogger

الأحد، 4 مارس 2012

هل يعقل حدوث هذا في أمريكا؟قصة مرصد المناخ من أعماق الفضاء

حسام جميل مدانات

في عام 1998، وأثناء انعقاد المؤتمر الوطني للابتكارات، في معهد مساشوستش للتكنلوجيا (إم إي تي)، اقترح آل غور، نائب الرئيس الأمريكي كلنتون في ذلك الحين، بناء ساتل (قمر اصطناعي) مخصص لرصد الإشعاعات الصادرةعن الأرض، باعتبارها عنصرا اساسيا من عناصر المناخ. أطلِق على ذلك الساتل في حينه إسم تريانا، تكريما لرُدريغو تريانا، البحار الذي رافق كرستوفر كُلُمبُس في أولى رحلاته، وكان هو أول من شاهد العالم الجديد، أمريكا.

وبالفعل، فقد صنعت ناسا هذا الساتل الذي كلف مئة مليون دولار. وقبل أن يحين موعد إطلاقه، وصل جورج دبليو بوش الى الرئاسة، وكان من أول ما فعله، هو ومساعده دك تشيني، في عام 2001، إصدار أمر بمنع إطلاق هذا الساتل، الذي اعتبروه من بنات أفكار منافسهما آل غور. فأودع الساتل المستودعات، حيث ما زال قابعا في أحد أركانه حتى اليوم. (كأننا نتحدث عن سيناريو في إحدى دول العالم الثالث).

ما هو تريانا أو دسكفر؟

نعلم أن الأرض تتلقى كميات هائلة من الإشعاع الشمسي، الذي يكاد يكون اصل كل حياة، وكل مظهر للطاقة على سطح الأرض، ومن ذلك مختلف عناصر المناخ من رياح وأمطار. كما أن الأرض تعكس قسما لا بأس به من أشعة الشمس، وتبث الطاقة نحو الفضاء بأطوال أمواج متنوعة. بحيث يحافظ كوكبنا على توازن حراري معقول، بين ما تستقبله وما تشعه من الطاقة. وإذا اختلّ هذا التوازن فإن الأرض قد تبدأ بالاحترار أو الابتراد، وكلاهما يسبب عواقب تراكمية خطيرة على المدى البعيد. ونعلم جميعا مقدار الضجّة التي تثار منذ بضعة عقود من الزمن حول ظاهرة الدفيئة بسبب تزايد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو وبالتالي الارتفاع المتواصل لدرجة حرارة كوكبنا. أما الطاقة الشمسية التي تصل الأرض، فيبدو أن من الممكن تقدير كميتها ، بخلاف الطاقة التي تبثّها الأرض.

ومن هنا انطلقت فكرة إطلاق الساتل تريانا، والذي غيرت ناسا اسمه فيما بعد الى دسكفر DSCOVR، وهي ليست الكلمة الإنجليزية التي نعرفها، بمعنى يكتشف، وإنما هي مصاغة من أوائل الكلمات: Deep Space Climate Observatory أي مرصد المناخ من أعماق الفضاء.

كان المقرر أن يطلق الساتل الى نقطة تنعدم فيها الجاذبية، على بعد 1,6 مليون كم من الأرض، حيث يبقى الساتل ثابتا في مكانه، ليواجه باستمرار نصف الأرض المضيء (أو بالأحرى المضاء بأشعة الشمس)، ويعيد الساتل بث المعلومات التي يتلقاها من الأرض نحو أجهزة الاستقبال لدى ناسا، وهذه بدورها تعيد بثها مباشرة على الانترنت.

وكانت ناسا تخطط لإطلاق ساتل آخر مشابه ليوضع في نقطة تقابل باستمرار الجانب المظلم من الأرض، بهدف قياس الإشعاعات التي يبثها هذا الجانب من الأرض ليلا.

ومما يجدر ذكره أن أوكرانيا أبدت استعدادها عام 2004 لإطلاق هذا الساتل مجانا، لكن ناسا رفضت العرض بحجة أن الساتل قد يتعرض للضرر في عملية الإطلاق هذه!!

في عام 2008 أُخرِج الساتل من المستودع وأُجريت عليه اختبارات للتعرّف على حالته، وثبت أنه ما زال في وضع ممتاز. وتسعى إدارة أوباما منذ آذار 2011 إلى تأمين التمويل اللازم لإطلاق دسكفر، لكن لغرض آخر هذه المرة، وهو مراقبة الشمس، ليحل في ذلك محل المركبة العجوز ACE.
Wikipedia

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق