Powered By Blogger

الجمعة، 25 مايو 2012

حتى لا يتحول التثقيف العلمي إلى تجهيل

المحرر العلمي/ العرب اليوم:
يجدر بنا أولا أن نعبّر عن تقديرنا لمن يكتب، خاصة إذا كان ما يكتبه موجّها للأطفال. والكتابة العلمية للطفل صعبة. عليك أن تختار موضوعا جذابا، وأن تعرضه بلغة سهلة سلسة وواضحة معا. وأن لا يكون ذلك على حساب صحة المعلومة أو دقتها. وخير دليل على هذه الصعوبة ندرة المواد المطبوعة الموجهة للطفل، علمية كانت أم عامة.
قد يجرّنا البسيط المقصود إلى مزالق أحيانا. وقد تدفعنا الرغبة في التشويق وإضفاء الطرافة على ما نكتب إلى تشويه الحقائق. وهذا ما لا يرغبه أو يقبله أحد. لكن يبدو أن بإمكان أي شخص لدينا أن يصدر كتابا يحتوي أية معلومات يريدها دون وجود من يضبط هذه المعلومات قبل النشر، أو يحاسب عليها بعد النشر. فهل أن مهمة الجهات الرسمية المسؤولة عن التصريح بالنشر لا تتعدى تحصيل الرسوم المطلوبة؟

هذا الأمر خطر، وخطورة مثل هذه الكتب كبيرة عندما تُوجّه للأطفال.
وفيما يأتي مثالان يوضّحان ما نودّ قوله:

المثال الأول، كتاب وقع تحت يدي صدفة. عنوانه: البحر (الميت X)الطيب (شُطبتْ كلمة "الميت") من سلسلة مدارج الطفولة: قصص وحكايات للأطفال (9 – 14 سنة). 1993.

نقرأ في الكتاب عبارات طريفة للغاية:

- ثم لمسنَ الماء بأكفّهن الصغيرة لثوانٍ وأخرجنها فرأين الملح يثريها بلونه الأبيض (؟) (الصفحة 12). هل يتبخر الماء خلال جزء من الثانية؟

- نزلن للسباحة في مياه البحر غير عابئات بالملوحة التي لسعت عيونهن. هذه الملوحة لا تضر العيون بتاتا بل تقتل جراثيمها وتشد أعصابها، فتصفو الرؤية بعد دقيقة من خروجهن من البحر (؟؟؟) (ص 12). كل من سبح في البحر الميّت يعرف مدى الألم والأذى الذي تعانيه العين من مائه المالح؛ حتى لو كان قطرة صغيرة.

- وعلى شاطىء البحر مياه عذبة يغتسلن بها وهي مياه دافئة بفعل الجو (؟) (ص 12). نعلم أن مياه الزارة العذبة تأتي من حمامات ماعين الجوفية الحارة. وهذا هو السرّ في دفء هذه المياه وليس الجوّ.

- كثافة هذه المياه تحول دون الغرق (؟) (ص 13). هذه عبارة مضللة، فكثيرا ما غرق أشخاص في البحر الميت.

- اين ذهبت أسماكه؟ انتشرت في غيره من البحار العذبة والأنهار الجارية والبحيرات، إذ ماتت فور وصولها اليه (؟؟؟) (ص 15).

- دلّت المكتشفات الأثرية في سبعينيات هذا القرن أن مدن قوم لوط (سدوم وعمورة) حين أصاب الجفاف وادي الأردن وانحسرت مياه البحر عن آثارهم المدفونة تحت المياه ظهرت وثائق حضارتهم البائدة والتي تحتفظ بها دائرة الآثار الأردنية وسرقت اسرائيل بعضها (؟) (ص 15). إذا كان الكاتب يعني مخطوطات قمران، فهذه كانت داخل كهوف وليس تحت الماء.

المثال الثاني: كتيب بعنوان "جورج أوم" واضع قانون أوم في الدائرة الكهربائية، من سلسلة "عباقرة خالدون"/دار الإسراء.
يكفي أن نقرأ الفقرة التالية في الصفحة 15:

أقرّ المقياس العالمي للأوم عام 1893، فقد عُرّف على أنه كمية المقاومة لتيار كهربائي موحد (؟). الصحيح: (المقاومة لوحدة شدة التيار الكهربائي) معطى من (؟) خيط زئبقي به منطقة مقطعية في شكل صليب (؟؟؟) لحجم (؟) مليمتر مربع واحد...(الصحيح: "مساحة" مقطعه العرضي 1 مم²).
لقد فهم المترجم العبارة: cross section بأنها تعني منطقة مقطعية في شكل صليب. وهذا كلام بلا معنى، وسوء فهم مأساوي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق