Powered By Blogger

الثلاثاء، 8 مايو 2012

شخصيات علمية (رِتشرد فاينمن (1918-1988)3)

م. سائد مدانات
العرب اليوم 8 / 5 / 2012

يُعدّ فاينمن R. Feynman من أشهر فيزيائيي القرن العشرين. ولا تتعلق شهرته حصرا بإنجازاته كفيزيائي مبدع، وانما أيضا بفضل تبسيطه للفيزياء وسعيه لنشرها "وشعبنتها"، إضافة إلى روحه المرحة وحسّ الفكاهة الدائم لديه.

مُنح جائزة نوبل عام 1965، بالاشتراك مع شفنغر وتومنغا، تقديرا لجهوده في تطوير الديناميكا الكهربائية الكمومية. (كانت حصته من الجائزة عندئذ خمسة وخمسين ألف دولار، في حين أن قيمة الجائزة كاملة حاليا تفوق المليون دولار).

كان متفوقا في الرياضيات في المدرسة. وفي سنته النهائية فاز بمسابقة الرياضيات لجامعة نيويورك بفارق كبير عن التالين له. ومع ذلك فإنه لم يُقبل في جامعة كولومبيا، فدرس في معهد مساشوستس للتكنولوجيا المرموق (إم أي تي)، حيث سجل بجميع مساقات الفيزياء المتوفرة، حتى تلك الخاصة بمستوى الماجستير، وهو بعد في سنته الثانية في الجامعة، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة برِنستون عام 1942.

التحق وهو في الجامعة بمشروع منهاتن السري في لوس الاموس، الذي كان يهدف الى انتاج القنبلة الذرية. وهو يبرر مشاركته في هذا المشروع بأنه كان يشعر بضرورة أن يسبقوا الألمان في إنتاج القنبلة الذرية. لكن بعد هزيمة المانيا النازية عام 1945، فإنه يرى أنه أخطأ في استمراره في هذه الأبحاث. وقد عانى بالفعل من شعور بالإحباط لفترة من الزمن بعد القاء القنبلة على هيروشيما ثم نغزاكي.

بعد الحرب رفض عرضا للعمل في معهد الدراسات المتقدمة في برنستون/نيوجيرسي، رغم وجود علماء متميزين فيه، من قبيل غودل، وفون نيومان، وآينشتاين. وفسّر ذلك بأنه يرغب في التدريس، وليس في حصر نشاطه في الأبحاث، فالطلاب برأيه يمثّلون مصدر الهام.

أطلِق على فاينمن لقب "الشارح العظيم"؛ فقد اشتهر باهتمامه بتقديم شرح مبسّط رائع لطلابه. وعبر عن فلسفته هذه بقوله: إذا تعذر توضيح أي موضوع لطالب السنة الأولى في الجامعة، فهذا يعني أن الموضوع غير مفهوم جيدا.
كانت محاضراته في الفيزياء جذابة ومفيدة لدرجة دفعت بعض طلابه لجمعها وإصدارها في ثلاثة مجلّدات لاقت رواجا كبيرا. ألّف عام 1959 كتابا عن النانو تكنولوجيا، إضافة إلى كتابين يُعّدان، جزئيا، سيرة ذاتية له، وهما: " لا شك أنك تمزح سيّد فاينمن" ، و"هل يهمّك ما يعتقد الآخرون؟"

في استفتاء أجرته المجلة البريطانية لعالَم الفيزياء عام 1999، حل فاينمن ضمن أعظم عشرة في تاريخ الفيزياء.

شارك في لجنة التحقيق في انفجار المكوك الفضائي تْشلِنجر، وكان رائدا في مجال الحوسبة الكمومية، وتقديم مفهوم النانو تكنولوجيا.

توفيت زوجته الأولى بالسلّ، ولم يدم زواجه الثاني طويلا. وقد كتبت زوجته الثانية في طلب الطلاق: إنه يبدأ التفكير بمسائل الحسبان (التفاضل والتكامل) بمجرد أن ينهض من النوم، ويواصل ذلك وهو يقود السيارة، وهو يتناول طعامه، وحتى وهو مستلق في سريره ليلا.

لم يقتصر اهتمامه على الفيزياء والرياضيات، فقد مارس هوايات الرسم والعزف، ودرس الرقص البرازيلي، بل إنّه شارك بدور صغير في فلم عنوانه: "الساعة المضادة".

كان والده من أصل روسي ووالدته بولندية. وكلاهما من اليهود الأشكناز. لكن فاينمن كان يرفض أن يُعدّ يهوديا. وعندما أعدّت تينا لِفيتان كتابها " اليهود الفائزون بجائزة نوبل" رفض فاينمن أن يدرج اسمه في هذا الكتاب. وقال في رسالته لها: " إذا قبلنا واستحسنّا عناصر خاصة نعدّها تميّز العرق اليهودي، فإن هذا يفتح الباب لكافة أنواع الهراء الذي تتضمنه النظرية العرقية". وأضاف: "في سن الثالثة عشرة لم أعد يهوديا، إضافة إلى أني لم أعد أصدق بأي وجه من الوجوه أن الشعب اليهودي هو الشعب المختار".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق