Powered By Blogger

الأحد، 8 يناير 2012

في لغة العلم: تعريب المصطلحات

ليزر... لازر...لايزر... لازير...




إنها بلا شك فوضى عارمة، تسود كتابتنا لمختلف مصطلحات العلم والتقانة، ولأسماء العَلَم الأجنبية، دون أن نهتم بالأمر، على ما يبدو، ودون أن نبادر لنشر قواعد التعريب، والتعريف بها.

لنتفق أولا على أمر بديهي ولا مساومة فيه، وهو أنه من غير المقبول أن ُيكتب المصطلح العلمي أو الاسم العَلَم بأكثر من شكل. وحتى نضمن تنميط الأسماء المعربة (كتابتها بأنماط متفق عليها)، وتوحيد كتابتها، نورد فيما يلي بعض القواعد والمبادىء البسيطة، والتي يساعد نشرها والتوعية بها والالتزام بتطبيقها، وخاصة لدى كتابنا وصحفيينا، للتوصل إلى توحيد نمط كتابة المصطتحات والأسماء الأجنبية بالحروف العربية:

1- عند تعريب مصطلح أو اسم علم أجنبي، نعتمد لفظه بلغته الأصلية، وليس الحروف التي يكتب بها في نظام الكتابة الخاص بلغته. أي يهمنا اللفظ وليس الحروف. وسبب ذلك أن كتابة الكلمات في هذه اللغات لا تطابق لفظها دائما، بينما الكلمة العربية تُكتب عادة كما تُلفظ، مع استثناءات قليلة. وهكذا نكتب اسم الرئيس الفرنسي الراحل "شارل ديغول" وليس تشارلز ديغولي، مقابل Charles de Gaulle. والكاتب الانجليزي سومرسِت موم ، مقابل Somerset Maugham ، وخوان (وليس جوان) كارلُس، ملك اسبانيا Juan Carlos وسراييفو وليس سراجيفو Sarajevo عاصمة البوسنة.

2- لنتذكر أن لدينا في العربية حركات الضم والفتح والكسر لتعبّر عن الأصوات القصيرة. ورغم بديهية هذا الأمر، فإن الممارسة العامة لدى كتابنا حاليا تتمثل في وضع حرف الألف مقابل كل حرف a، وحرف الواو مقابل كل O أو U وحرف الياء مقابل كل حرف i أو e في الكلمة الأجنبية. وهكذا تصادف كلمات مثل أوكسيجين بدل اكسجين، وفاراداي بدل فَرَدي. ولحسن الحظ أن رواد النهضة العربية كانوا أوعى وأكثر منطقية. فكتبوا مثلا "لندن" (مقابل London) وهي كلمة رسخ استخدامها لدينا بهذا الشكل. ولولا ذلك لكتبناها حاليا "لوندون"! تخيل !
(من الأمثلة المضحكة المبكية على هذه الممارسة ما ورد في برنامج وثائقي بُثّ من القناة الفرنسية France 24عن الثورة في جمهوريات الشيشان والأنغوش...، حيث أجريت عدة مقابلات مع أشخاص اسمهم "محمد"، وكُتب الإسم، عدة مرات، في النص المترجم على الشاشة: موغاميد"!!!

3- رغم ما ذكرنا في النقطة السابقة، فإنه يُحبّذ تعديل كتابة ولفظ الكلمة المعربّة، إذا لم تكن اسم عَلم، لتناسب الجِرس العربي، وحتى يكون لفظها ألطف وأسهل. وهذا ما فعله أجدادنا. فكتبوا "جغرافيا" وليس "جيوغرافيا". وحتى الأسماء العَلَم بسّطوها فكتبوا: واشنطن وليس واشنغتون.




4- الاختصار أفضل، وهو سمة العلم ولغة العصر، فإذا احترنا بين شكلين، فلْنختَر الأقصر. وهكذا فإن أكسجين أفضل من أوكسيجين.

تميل الشعوب المتقدمة للاختصار. فالأمريكان مثلا يقولون في حديثهم اليومي "تي في" TV والفرنسيون يقولون تِلِ (تِلي) Tele، ولا يزعجون أنفسهم بلفظ تلك الكلمة الثقيلة على اللسان وعلى السمع: "تلفزيون"، والتي نستخدمها حاليا. وحتى الكلمتان الرشيقتان المعربتان: "تلفاز" و "تلفزة"، لم تُعتمد أي منهما أوينتشر استخدامها لدينا بعد. وعلى غِرار ذلك كلمة ثقيلة أخرى، "إنفلونزا". فالأمريكي يقول ببساطة: Flu، والفرنسي: Grepe (غْريب).

5- إذا كانت الكلمة نفسها مستخدمة في أكثر من لغة أوربية، فلنخترْ من بينها اللفظة الأسهل أو الأقرب للجِرس العربي. والواقع أن الفرنسية كانت قد فرضت نفسها كلغة مصدرية للمصطلحات العلمية في بدايات النهضة العربية، بحكم دورفرنسا في هذه النهضة مع حملة نابليون، ثم مع بعثات محمد علي باشا الى فرنسا لنقل العلم، وانشاء جامعة القاهرة وتدريس الطب وغيره فيها حينذاك باللغة العربية.

لقد تعلمنا في الكيمياء مصطلحات مثل نيترات nitrate ونيتريت nitrite .والآن اجتهد كتابنا العلميون الناطقون بالانجليزية، وكتبوا نيتريت مقابل nitrate ليسببوا بلبلة وحيرة.

أخيرا لنعد إلى عنوان المقال، وهومثال على حالة التخبّط المأساوية لدينا (وقد اخترنا كلمة بسيطة، من مقطعين صوتيين، فما بالك بالكلمات والمصطلحات الأطول والأعقد).

فرغم أن كلمة "ليزر" قد فرضت نفسها لحد كبير حاليا كتعريب لكلمة Laser المعتمدة عالميا، وهي كلمة أوائلية ، أي أن حروفها هي أوائل كلمات عبارةٍ تصف هذا النوع من الإشعاع، وهي:
Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation

إلا أن الأشكال الأخرى لهذه الكلمة باللغة العربية، (أي لازر، لايزر، لازير، لايزير، ليزير)، التي ذكر بعضها في العنوان، تستخدم أيضا وبدرجات متفاوتة.

وقد أدخلتُ كلمة ليزر على محرك البحث في الإنترنت، غوغل، فظهر رقم يدل على وجود 9,08 مليون نتيجة، أي أن كلمة ليزر مستخدمة في أكثر من 9 ملايين مقالة أو كتاب أو خبر. أما لايزر فتعطيك 159 الف نتيجة. لاحظ أن قاموس المورد، ولعله أكثر قاموس انجليزي – عربي انتشارا، يضع كلمة لازر كمقابل لكلمة Laser، ويليها مباشرة " اسطوانة الليزر " كمقابل لعبارة Laser disc أي أنه استخدم الشكلين ليزر ولازر في الصفحة نفسها.

ونجد قاموس المنهل الوسيط ( فرنسي عربي – الطبعة الثالثة 1986) يكتبها لازِر ( بكسرة تحت حرف الزين). أي أن قواميسنا، وهي مراجع معتَمدة، لا تتفق علر شكل واحد للمصطلح. كما أن بعض الناطقين بالفرنسية يكتبونها "لازير" ، حسب اللفظ الفرنسي للكلمة.

ونعيد طرح السؤال ثانية: أما آن الأوان لوضع حدّ لهذه الفوضى ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق