Powered By Blogger

الأحد، 8 يناير 2012

ناسا تبتكر مادة سوداء مثالية

قد يبدو لك هذا العنوان لأول وهلة غير ذي معنى، فاللون الأسود غير غريب عن حياتنا. ومنه ما يكون كحليا شديد السواد. لكن هذا الابتكار الجديد يعني سوادا أشد وأعمق كثيرا مما نعرف ونعهد في واقعنا اليومي.

لا شك أنك تعلم، وتذكر من دروس الفيزياء المدرسية، أن سطح الجسم يكون أسود اللون إذا امتص جميع الأشعة التي تسقط عليه ولم يعكس منها شيئا وبالتالي لم يصل عيوننا منه أية اشعة ولهذا السبب فهو يبدو أسود. ولكن هذا لا يخص إلا الأشعة المرئية، بأطيافها السبعة المعروفة لنا، أي أطياف قوس القزح، من الأحمر حتى البنفسجي.

لكن ماذا عن أنواع الأشعة الأخرى؟ أي الأشعة الكهرمغنطيسية الأخرى ذات الأطوال الموجية المختلفة عما هي في الأشعة المرئية. ونعني بذلك الأشعة تحت الحمراء القريبة والبعيدة، والأشعة فوق البنفسجية وربما أيضا أشعة جاما والأشعة السينية وأشعة الراديو...الخ. هل السطوح السوداء التي نراها حولنا تمتص هذه الأشعة غير المرئية أم تعكسها؟ وحتى لو أنها انعكست عن هذه السطوح فإن عيوننا لا تراها، وبالتالي نعتقد أنها سطوح سوداء تماما، بينما هي ليست كذلك.

من هنا تأتي أهمية هذا الانجاز البارز لباحثي وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، فالمادة السوداء الفائقة الجديدة التي ابتكروها تمتص 99% من الأشعة الواقعة عليها، سواء كانت فوق البنفسجية أو تحت الحمراء القريبة أو البعيدة، إضافة بالطبع الى الأشعة المرئية المألوفة لنا. ويقول جون هغوبيان، الذي يقود فريقا يتضمن عشرة باحثين آخرين، أن اختبارات الانعكاسية لهذه المادة قد أظهرت أن مدى الامتصاص لها يفوق بخمسين مرة ما هو في أفضل السطوح السوداء التي نعرفها. صحيح أن باحثين آخرين قد ابتكروا مواد ذات قدرة فائقة على امتصاص الأشعة المرئية وفوق البنفسجية لكن مادتنا الجديدة قد وسعت المدى الى الأشعة تحت الحمراء القريبة والبعيدة.







الفضل للتقانة النانوية

لم يعد مصطلح النانو غريبا على أسماعنا. ولعل المواطن العربي العادي قد سمع هذا المصطلح عندما فاز العالم المصري أحمد زويل بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 بفضل ابحاثه في تكنلوجيا النانو. تعني كلمة "نانو" جزءا من مليار أو جزءا من بليون. والنانومتر هو جزء من المليار من المتر ( أو جزء من مليون من الملمتر).

يتكون الطلاء الأسود الفائق الجديد من طبقة رقيقة للغاية من الأنابيب الكربونية النانوية، أي التي تقاس أقطاها بالنانومتر. وهذه الأنابيب أرفع من شعرة الإنسان بعشرة آلاف مرة. توضع هذه الأنابيب النانوية عموديا على السطح المراد طلاؤه. وقد طليت بها مواد مثل السلكون والفولاذ، التي يكثر استخدامها في المركبات الفضائية.

وتتلخص طريقة الطلاء بالأنابيب النانوية، بأن تطلى المادة أولا بطبقة رقيقة جدا من الحديد، ثم تسخّن حتى 750 درجة سلسيوس داخل فرن فيه غاز يحتوي على الكربون.

تدل الاختبارات على فوائد وتطبيقات متنوعة لهذا الطلاء النانوي في صناعة الفضاء، حيث تجري مهمات الرصد بمختلف أنواع الأشعة وأطيافها. ولهذا السبب فإن هذه المادة تفيد في امتصاص أية إشعاعات عشوائية وغير مرغوبة، وتمنع انعكاسها وتداخلها مع الأشعة التي يرغب الباحثون في رصدها وقياسها.
وأخيرا نشير الى ميزة أخرة لهذا الطلاء الأسود الفائق، وهي أنه خفيف مقارنة بأنواع الطلاء الأسود الأخرى التقليدية، وهذه خاصية مهمة في رحلات الفضاء، إضافة الى أنه متين ويتحمل الظروف المتطرفة في الفضاء الخارجي.

Eurekalert Nov 9,2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق