Powered By Blogger

الأحد، 8 يناير 2012

عندما تكسر قوانين الفيزياء

قد يخطر بذهنك فورا أن القصد من مثل هذا العنوان هو الإثارة الصحفية. فالادعاء بكسر أحد قوانين الفيزياء أمر خطير. وقد يتضمن الأمر خدعة ما أو تلاعبا بالكلمات، أو خطأ تجريبيا ارتكبه القائمون على تجربة فيزيائية حديثة.

لكننا نأمل أن لا نكون قد سقطنا في أحد هذه المزالق هنا. ونوضح فيما يلي مضمون هذا العنوان وتبرير هذا الإدعاء.

قد تذكر عزيزي القارىء ما يدعى بقانون سْنِل Snell، الذي وضعه هذا العالم عام 1621 ليصف انكسار الضوء عندما ينتقل من وسط الى وسط آخر وهو ينص بصيغته المعممة على أن النسبة بين جيب زاوية سقوط الضوء وزاوية انكساره عند السطح الفاصل بين وسطين هي نسبة ثابتة وتدعى معامل الانكسار بين الوسطين. وينتج عن هذا القانون أيضا أن الضوء عندما يمر من مادة الى مادة أخرى، فإنه لا يحصل له تغيّرات مفاجئة في الطور عند السطح الفاصل بين المادتين .

لكن باحثين من جامعة بيردو الأمريكية قد قاموا مؤخرا بتجارب بينت أنه يمكن تغيير طور الضوء واتجاه انتشاره تغييرا كبيرا باستخدام أنواع جديدة من المواد تدعى المواد الفائقة Metamaterials. وفي حالتنا هذه تركبّت هذه المواد من سلسلة من الأنتينات أو الهوائيات الناونية أي البالغة الصغر.

لقد أثبت الباحثون بأن مصفوفة الأنتينات النانوية "البلازمونية" Plasmonic قادرة على التأثير على الضوء بطرق جديدة قد تفتح المجال لتجديدات واختراعات كبيرة، مثل صنع مجاهر أو ميكروسكوبات أقوى، إضافة الى تطبيقات محتملة في الاتصالات والحواسيب. ولتوضيح ما نعنيه بتغير الطور، نشير الى أن الضوء ينتشر على شكل أمواج تشبه الأمواج التي تنتشر على سطح الماء عندما تلقي فيه حجرا. ولكل موجة قمة وقاع أي جزء بارز فوق سطح الماء، وجزء منخفض عنه. ويتحدد الطور بهذه المواقع العالية والمنحفضة في الموجة. لكن التغيير المفاجىء للطور الذي تحقق في تجربة جامعة بيردو قد يعّدل تعديلا كبيرا من كيفية انتشار الضوء، مما يفتح المجال لتطبيقات ضوئية عديدة.




نشرت نتائج هذا البحث في عدد مجلة العلم سينس، الصادر على الانترنت في 22/12/2011. لكن هذا البحث يعتمد على أبحاث سابقة لعلماء من جامعة هارفرد، كانوا قد نشروا نتائج عملهم في المجلة نفسها في شهر 10/2011، حيث توقعوا نظريا النتائج التي تمكن علماء جامعة بيردو من تطبيقها عمليا. كما أمكن توسيع نطاق التجربة ليشمل الأشعة تحت الحمراء القريبة، وهي مهمة في مجال الاتصالات، حيث تفيد في نقل المعلومات عبر الألياف الضوئية.

يجدر بالذكر أن هذه الأنتينات النانوية مصنوعة من الذهب وهي على شكل V، وموضوعة فوق طبقة من السلكون. وهي مثال على المواد الفائقة، والتي تتضمن "تركيبات بلازمونية" توصل سحبا من الالكترونات يطلق عليها اسم بلازمونات. وتبلغ سعة كلّ من الانتينات نفسها 40 نانومترا، علما بأن النانومتر يساوي جزءا من مليار جزء من المتر. وقد أثبت باحثونا هؤلاء أنه يمكن نقل الضوء عبر طبقة بالغة الرقة من الأنتينات النانوية، وهي أصغر بنحو 50 مرة من طول موجة الضوء الذي تنقله. وينتج عن ذلك تغير مفاجىء قوي في طور الضوء واتجاه انتشاره، تطبيقا لمبدأ حفظ الزخم للضوء المار عبر السطح الفاصل بين مادتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق