Powered By Blogger

الأحد، 8 يناير 2012

التلوث الضوئي

أجرى محررنا العلمي (العرب اليوم)هذا اللقاء مع العالم الفلكي الإسباني، مارتِنِث، الذي يزور عمّان حاليا، وهو من العلماء الرواد الساعِين لمكافحة التلوّث الضوئي، الذي يحرمنا من رصد السماء، بل حتى من مشاهدة النجوم، في كافة مدن العالم.
وفيما يلي خلاصة لعرض الضيف عّما حققته مبادرة "ضوء السماء" منذ إطلاقها عام 2007، وزبدة الحوار الذي تلا. ويسبق ذلك ملاحظات أضافها المحرر العلمي لتقريب هذه الفكرة المستحدثة للقارئ.

العالم الفلكي د. فرنثسكو سانشيث مارتنِِث:
• ولد في طليطلة (توليدو)، اسبانيا، عام 1936.
• أستاذ الفيزياء الفلكية، ومؤسس ومدير معهد الفيزياء الفلكية في جزر الكناري.
• رائد تطوير أبحاث الفيزياء الفلكية في اسبانيا.
• أول من لاحظ المزايا الفلكية الاستثنائية لجزر الكناري وسمائها الصافية، ومن ثم سعى لإنشاء مرصدين فلكيين في تنريف ولابالما، ومعهد الفيزياء الفلكية (IAC) في هذه الجزر. ثم انشاء مرصد الكناري الضخم GTC لحساب الاتحاد الأوربي.
• ساهم مباشرة في كتابة مئات الأبحاث العلمية، والإشراف على العديد من رسائل الدكتوراة، وتدريس مساقات في الفيزياء الفلكية في جامعات إسبانية وأجنبية.

يتحدث الجميع عن كافة أنواع التلوث، تلوث الهواء والماء والتراب والغذاء، والتلوث الصوتي، أي الضجيج. لكننا نادرا ما نقرأ عن التلوث الضوئي. فما هو يا ترى؟

لنبدأ أولا بطائفة من الأسئلة التي قد تضع الموضوع في إطاره.
- متى كانت آخر مرة تأملت فيها نجوم السماء؟
- كم من مجموعات النجوم تعرف؟ وكم نجمة يمكنك أن ترى في سماء المدينة التي تعيش فيها؟
- هل تعرف عن النجوم قدر ما عرف أجدادنا أو البدو في صحرائهم؟
- هل ينظر طفلك الى النجوم؟ بل هل يعرفها؟
- وهل تعتقد أن النجوم ما زالت تفيدنا كما كانت تهدي البحارة في بحارهم والبدو في صحرائهم؟

يبدو أن لكل ظاهرة جانبا ايجابيا وآخر سلبيا. وإن حضارتنا التي قامت على الكهرباء، ووفرت الإضاءة لبيوت المدن وشوارعها ليلا، قد جعلت ضوء النجوم يضيع في هذا المحيط الغامر من الأضواء. وجعلتنا نعجز عن رؤية النجوم التي سحرت البشر طوال تاريخهم، والتي كان لها دور محوري، من خلال علم الفلك، في نشوء الحضارات البشرية وتطوّرها.

لماذا نطفىء النجوم؟
أين ذهبت النجوم إذن؟ هل انقرضت وقضينا عليها كما نجحنا في القضاء على أنواع حيوانية كثيرة؟

• الإجابة التي قد ترِدُ على لسانك فورا هي أننا فعلا قد قتلنا النجوم، في سماء بلادنا على الأقل. ولو حاول هاوٍ للفلك أن يرصد السماء في عمّان مثلا، فهل سينجح في رؤية شيء يستحق المشاهدة؟

أما آن الأوان لنفعل شيئا حيال ذلك؟ وهل يمكننا تغيير الوضع؟ وهل وجدت شعوب أخرى حلا لهذه المعضلة ونهاية لهذه المأساة؟

كان لنا لقاء مع الأستاذ مارتِنِث في مكتبة معهد ثربانتس في عمان، صبيحة الاثنين 28/11/2011 (وقد ألقى محاضرة للعموم في المعهد مساء اليوم نفسه)، وقد حدثنا عن المبادرة الدولية"ضوء السماء" Starlight التي ساهم هو نفسه في اطلاقها عام 2007 ، وتهدف الى حماية صفاء سماء الليل كحقّ علمي وثقافي وبيئي للبشرية.

عُقد "المؤتمر الدولي للدفاع عن جودة سماء الليل والحق في مراقبة السماء" في مدينة لابالما في جزر الكناري في 19،20 نيسان 2007 بمساهمة عدة منظمات دولية منها اليونسكو.

وقد صَدر عن المؤتمر "إعلان الدفاع عن سماء الليل والحق في ضوء النجوم"، واتفق على جعل ليلة 20 نيسان من كل عام ليلة عالمية لحق مراقبة النجوم ( هل يعني هذا أن على مدن العالم أن تطفىء أنوارها في هذه الليلة حتى يرى سكانها النجوم ويرصدونها – مرة واحدة في العام؟) وقد تضمّن الإعلان الصادر عن المؤتمر بضعة مبادىء، نلخصها في ما يلي:

- اعتبار حقّ مراقبة السماء وتأمّلها حقّا اساسيا مكافئا للحقوق الاجتماعية – الثقافية والبيئية، وبالتالي فإن التردي المتواصل لحالة السماء في الليل يجب أن يعتبر خسارة اساسية؛
- اعتبار الفلك مادة أساسية في التعليم؛
- اعتبار ضبط التلوث الضوئي عنصرا أساسيا في سياسات حماية الطبيعة؛
- أولوية حماية المناطق الملائمة للرصد الفلكي؛
- الاستخدام الذكي للإضاءة لتخفيف الوهج في سماء الليل وتجنب تأثيره على الانسان والحيوان؛
- بإمكان السياحة أن تساهم في الدفاع عن السماء في الليل عن طريق الترويج للمناطق الملتزمة بحماية سماء الليل وتشجيع السياحة الفلكية.
يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة بمشاركة جميع الأطراف المعنية لتوعية الناس محليا وعالميا بأهداف هذه المبادرة.


يرى د. مارتنِث أن تأثير التلوث الضوئي لا ينحصر بإعاقة رؤية النجوم، وبالتالي الرصد الفلكي، فهو أيضا يضر بحيوانات وطيور يتطلب بقاؤها أن يسود الظلام في الليل. ولا ننسى الهدر الهائل للطاقة من خلال إضاءة شوارع المدن طوال الليل. فهل من مبرر منطقي لهذا السلوك؟ هل هو لأغراض أمنية والسلامة العامة؟ أم أنه اصبح مجرد تقليد يجب أن يستمر؟ تقليد بدأته الدول الغنية حين كانت تملك ثروات العالم. وتبعتها الدول الفقيرة بتقليد غير مبرر.
قال د. مارتنِث أن هذه المبادرة تمنح جائزة دولية للدول أو المدن التي تحقق تقدما في هذا المجال ( فهل يمكن للأردن أن تسعى للحصول على هذه الشهادة؟).


أخيرا نشير الى أن جمعية الفلك الأردنية تملك مخيما فلكيا في حقل حمزة، وهو موقع مثالي في قلب الصحراء للرصد الفلكي، حيث تسود ظلمة مطبقة بعيدا عن كافة مصادر التلوث الضوئي، وحيث تمارس الجمعية عدة أنشطة فلكية سنويا، لرصد الشهب مثلا، بمشاركة واسعة من أعضاء الجمعية وأصدقائها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق