Powered By Blogger

الثلاثاء، 5 مارس 2013

الأشعّة الكونيّة لسبر أعماق البراكين

م. حسام جميل، العرب اليوم، 5/3/2013 لم تعد رؤية أنسجة الجسم وأعضائه الداخلية بالأمر الصعب أو الذي يتطلب تدخّلا جراحيّا، فالصور بأنواعها: أشعة سينيّة (إكس)، رنين مغنطيسي، فوق صوتية... توفر للطبيب رؤية ممتازة لهذه الأجزاء الخفيّة من جسم الإنسان. وعلى غرار هذه التقنيات، هل يمكننا أن نصمم طريقة لكشف باطن البركان حتى نحكم على مدى نشاطه ومدى احتمال انفجاره مجددا؟ الموونات تصور جوف البركان المكان: جبل سُفريير في جزر الغوادلوب، التي تعتبر جزءا من فرنسا؛ والزمان: تشرين الثاني 2012. جيولوجيون يضعون على رؤوسهم خوذات العمل الميداني ويحملون على ظهورهم أكياسا مملوءة بالمعدات العلمية متجهين نحو الجبل، لكنهم لن يبلغوا قمة الجبل، وارتفاعها 1467، كما اعتادوا أن يفعلوا سابقا. وإذا اقتربت من القمة، تتناقص الأعشاب حتى تختفي ولا يبقى سوى طبقة من الصخور المعدنية الجرداء، وتتناثر في أرجائها فوهات صغيرة تنفث دخانا داكنا. يكتفي علماؤنا اليوم بالبقاء في سفح الجبل لينصبوا معداتهم الغريبة. وهي تتضمن مقرابا (تلسكوبا) يلتقط الأشعة الكونية، وبالذات الموونات mouns، التي تخترق البركان، موفرة صورا توضح تركيبه الداخلي. حين تدخل الأشعة الكونية الغلاف الجوي فإنها تتفاعل مع جزيئات الغاز فيه، وعلى ارتفاع 20كم، تنتج الموونات من هذا التفاعل بكميات كبيرة لتمطر سطح الأرض دون توقف. اكتشفت الموونات عام 1936 وهي جسيمات تحت ذرية، ولا تسبب أية اضرار للكائنات الحية، لكنها تخترق الصخور إلى أعماق عدة كيلومترات. وتفقد بعض طاقتها اثناء ذلك. ويعتمد نقص الطاقة على سماكة الصخور وكثافتها. ومن هنا ولدت فكرة اعتماد هذه الجسيمات لتصوير أعماق البراكين وتحديد مكوناتها ودرجة نشاطها. تجري مقارنة صور الموونات التي يلتقطها التلسكوب، بعد أن تكون قد اخترقت البركان، مع صور الموونات القادمة مباشرة من الجو، وترسم خريطة لكثافتها، ثم يحرك التلسكوب حول البركان ليتخذ عدة مواقع أخرى، وليعطي صورا لجوفه من عدة زوايا. والهدف المعلن هو انتاج صور طبقية مجسمة، أي ثلاثية الأبعاد، للجبل البركاني من أجل متابعة التغيرات داخله، وتقدير المخاطر الكامنة واحتمال انفجاره في أي وقت. يسجل تاريخ هذا البركان في غوادلوب عدة انفجارات مفاجئة. وكان آخر انفجار كبير لحمم اللافة عام 1530 وأدى إلى تكون مخروط القمة الكبير. أما انفجارات البخار والغاز فهي متكررة، وكان آخرها عام 1976، حين اضطرت السلطات إلى إجلاء 74000 شخص. قياسات أخرى: بالطبع ليست القياسات بواسطة الأشعة الكونية هي الأولى أو الوحيدة المستخدمة لكشف اسرار البراكين وتحديد نشاطها وتوقع ثوراتها. ومن الطرق الأخرى القياسات المساحية الدقيقة المتواصلة. ويعتمد مبدؤها على أن البركان ينتفخ وترتفع قمته بتأثير ضغط الحمم والغازات والبخار داخله. ويزداد معدل الارتفاع مع اقتراب ثوران جديد له. وتكشف هذه القياسات عن أي تغير في ارتفاع قمة البركان، حتى لو كان مليمترا واحدا. كما يمكن قياس الموجات الزلزالية التي تخترق البركان. علما أن القياسات الزلزالية تفيد أيضا في كشف النفط والغاز الموجود تحت سطح الأرض. وعادة ما يتم احداث تفجيرات على سطح الأرض، ثم تسجل الموجات الناتجة التي تخترق القشرة الأرضية وتنعكس عن طبقاتها، لتلتقطها أجهزة الرصد، ولتكشف مكانن النفط والغاز حسب طبيعة الموجات المنعكسة. Science et Vie 1/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق