Powered By Blogger

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

البيومتريا: القياسات الحيوية


بمناسبة مرور مئة عام على البطاقة التشخيصية م. حسام جميل، العرب اليوم، 18/12/2012 في عام 1912 أصدرت فرنسا بطاقة تشخيصية Carnet anthropometrique بهدف مراقبة الأشخاص الرّحّل، وبالذات الغجر، أو النور، الذين كانوا يتنقلون باستمرار بين القرى وحتى عبر الحدود. كانت هذه البطاقة أكثر من مجرد بطاقة شخصية كالتي نعرفها اليوم. كانت تحوي صورتين لحاملها: أمامية وجانبية، وبصمات أصابعه، الطول، محيط الخصر، طول الرأس وعرضه، طول كل من الأذن اليمنى، والإصبع الوسطى والخنصر اليسرى، والذراع اليسرى، لون العينين، وأية علامات فارقة. لم يكن إصدار هذه البطاقة للغجر واجبار كل من تجاوز سن الثالثة عشرة منهم على حملها ليتفق مع مبادئ الجمهورية الفرنسية المستمدة من الثورة الفرنسية: حرية، إخاء، مساواة؛ فهي تشكل تمييزا بين المواطنين لأنها لم تطلب إلا من الغجر. كان جورج كليمنصو رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية عام 1908 عندما سعى لاعتماد هذه البطاقة. وتطلب الأمر 4 سنوات من النقاش والجدل، حتى أقرت عام 1912. وابتداء من عام 1920، أصبح الحاكم الإداري في كل محافظة يسجل معلومات عن كل غجري يمر في محافظته: اسمه ورقم بطاقته، من أين أتى وإلى اين سيذهب، وزمن مروره باليوم والساعة. ولم تصدر بطاقة شخصية وطنية للمواطنين الفرنسيين، من غير الغجر، إلا عام 1921، ولمن يرغب منهم في ذلك فقط. البيومتريا: الجسم يكشف عن الشخصية أطلق على هذا الأسلوب في التشخيص: البيومتريا، أو القياسات الحيوية. لكن البيومتريا الحديثة ترتكز على مؤشرات وقياسات أعمق من أبعاد أعضاء الجسم وصفاتها الظاهرية. وقد تزايد الاهتمام العالمي بتحديد الشخصية بعد تفجيرات 11/9 في نيويورك – (ولدينا في الأردن بعد تفجيرات الفنادق في 9/11) وقد أعلنت أمريكا في حينه حربا عالمية على الإرهاب، واستثمرت مبالغ كبيرة في تطوير تقنيات تحديد الشخصية. وكان من نتائج ذلك فرض استخدام وسائل البيومتريا في وثائق السفر، وايضا لكل شخص يعمل في أماكن حساسة. ورافق ذلك ازدهار سوق الحراسة والأمن ووسائل التشخيص، التي ارتفعت قيمتها من بضعة عشرات من ملايين الدولارات عام 1998 إلى 3,4 مليار دولار عام 2009، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2013. (لاحظ نشر آلاف الأجهزة الأمنية على مداخل الفنادق والمؤسسات لدينا بعد تفجيرات عمان، ويشرف عليها موظفو أمن على مدار الساعة). ولنستعرض معا فيما يأتي الوسائل المستخدمة حاليا لتحديد الشخصية، وهي تحقق تطويرا متواصلا وانتشارا متزايدا. بصمات الأصابع: اعتمِدت هذه التقنية لتحديد الشخصية منذ أواخر القرن التاسع عشر. صنفت أنماط البصمة إلى 13 صنفا، وتحتوي كل بصمة على نحو 100 تفصيل، ما يعني وجود عدد يكاد يكون لا نهائيا من الأشكال المتمايزة. ويلاحظ أنه حتى التوأمان المتماثلان يختلفان في البصمة. وعند أخذ البصمة التي يتركها الأشخاص على الأجسام، يمكن تحديد المتهم بسرقة أو جريمة، إلا إذا كان يرتدي قفازات حين ارتكابه لها. شكل اليد: لا يتشابه شخصان في العالم بشكل اليد. ويتضمن هذا الشكل نحو 90 عنصرا، ويمكن التقاط صورة مجسمة لها. اعتمدت هذه التقنية منذ السبعينيات، وينتشر استخدامها في الولايات المتحدة: في المطارات والمؤسسات العامة. كما يمكن اعتماد شكل الأوعية الدموية داخل الأصابع أو الكف بتقنيات معقدة. البصمة الجينية: تعتمد على تحليل دنا (الحمض النووي)، وهو فريد ومتميز لكلّ منا. هذه الطريقة دقيقة وموثوقة تماما؛ طورت في أواخر الثمانينيات، وتعتمدها الشرطة لكشف وجود المتهم في مكان الجريمة مثلا، ويكفي لذلك العثور على شعر أو نقطة دم منه. القزحية والشبكية: القزحية هي الدائرة الملونة التي تحيط ببؤبؤ العين، وتتكون من شبكة من الأنابيب الدقيقة. وهي تختلف من شخص لآخر، ولا يتغير شكلها إلا قليلا طوال عمر الشخص. تتميز بإمكانية تصويرها عن بعد عدة أمتار. وقد اعتمدت كوسيلة لتحديد الشخصية منذ بداية التسعينيات. الوجه: استفادت هذه التقنية من القدرات الهائلة للحاسوب، منذ الثمانينيات. وهي تتضمن نحو 60 عنصرا تختلف بين شخص وآخر. ويمكن تشكيل صورة مجسمة، أي ثلاثية الأبعاد باستخدام الأشعة تحت الحمراء. من سلبيات هذه الطريقة أن الوجه يمكن تغيير شكله بارتداء نظارات أو بواسطة اللحية أو حتى بعملية "تجميلية". كما أنها لا تساعد كثيرا في التمييز بين التوائم المتماثلة. الصوت: لكل شخص صوته المميز، ويمكن تسجيل صوت الشخص وتحليله رقميا، أي حاسوبيا، لتحديد بصمته الفريدة. يتأثر الصوت بالتعب أو الإصابة بالرشح، لكنه يبقى الطريقة الوحيدة لتحديد الشخصية بواسطة الهاتف. نبض القلب: (أنظر صفحة علوم وتكنولوجيا بتاريخ 20/11/2012). يجري تطوير هذه التقنية حاليا، اعتمادا على تحليل المخطط الكهربائي للقلب؛ وهو متميز وفريد لكل شخص. السلوك: تعتمد هذه التقنية على خواص غير جسدية أو صوتية للشخص، مثل اسلوبه في النقر على لوحة مفاتيح الحاسوب. بدأ تطويرها في الثمانينيات، وأطلق عليها اسم bureaucratic graphology، ويمكن تمييز الشخص عن بعد بواسطة خادوم (سيرفر) يتصل به حاسوب الشخص عبر الانترنت. Science et Vie, Juillet 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق