Powered By Blogger

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

تعديل تشريعات الأراضي: أفكار ومقترحات

/ حسام مدانات/10/4/2008 أولا : ابدأ بالاشارة الى ما ورد في مقدمة كتاب دليل تسجيل الأراضي في بريطانيا، الطبعة الثانية، عام (1930)، حيث يؤكد ان لا حاجة لاي انسان ان يراجع شخصيا دائرة تسجيل الاراضي، لأن جميع معاملات التسجيل يمكن اجراؤها بواسطة البريد. وفي الصفحة الاولى من نفس الكتاب ذكر ان الهدف الرئيسي من التسجيل هو تبسيط بيع الأرض وشرائها ورهنها، واعطاء شهادة رسمية بالملكية، فلنضع نصب أعيننا هدف الوصول الى ما كان يمارس في بريطانيا قبل (80) سنة او اكثر. نعلم أن بريطانيا هي التي أسست دائرة الاراضي والمساحة في الاردن. ولا شك انه لو كان الاردن في ذلك الحين يمتلك نظام بريد متطورا، وبنوكا موزعة في كل لواء، ومستوى معقولا من التعليم وعددا كافيا من المحامين، لكانت جعلت نظام التسجيل لدينا مماثلا لما هو لديهم عندئذ. والآن مع التطور الهائل الذي حصل في العالم ولدينا أيضا: انترنت، فاكس، هاتف، بريد، بنوك ،تعليم .......الخ، مازلنا نعقد حياتنا وحياة الناس بما نعتبره قوانين وتعليمات واجراءات منزلة ومقدسة. ولأكن صريحا من البداية: ان للبعض مصلحة في تعقيد الأمور او ابقائها معقدة. وهذا التعقيد هو السبب الاول للفساد والرشاوى. ثانيا: اتابع بذكر بعض ما اعتبره مسلمات وبديهيات لعصرنا الحاضر (وهي تنسخ، أي تحل محل مسلمات قديمة بائدة) هذه المسلمات الحديثة اساسية لصياغة التعديلات المطلوبة والخروج بتشريعات تناسب التطور الهائل الذي طرأ على حياتنا المعاصرة مقارنة بالظروف التي كانت سائدة ابان العهد العثماني؛ هذه الدولة التي خسرت فرصة ذهبية للبقاء دولة عظمى وتحقيق الرفاه لشعوبها بسبب تحجر عقليات مسؤوليها او بسبب المصالح الضيقة لبعضهم. 1- الأصل في الأمور الإباحة. 2- توضع التشريعات لخدمة رفاه الانسان وسعادته وليس العكس . 3- المسؤول سواء كان رئيس وزراء، او وزيرا، او مديرا عاما، او مدير مديرية، دوره سياسي او اداري بمختلف مهام الادارة العليا (تخطيط، تنظيم، اشراف، تقييم،...)؛ وكل من اصحاب المناصب السالف ذكرها يتحمل اعباء سياسية او ادارية ضخمة لا تحتمل مفاقمتها بتوقيع معاملات روتينية او بفرز البريد وتوزيعه على الأقسام او الموظفين (كما يفعل بعض مدراء التسجيل لدينا). 4- الموظف ثقة. واذا أخطأ فيجب توفر وسائل لكشف الخطأ وتصحيحه. ويحاسب المخطئ، خاصة اذا كان الخطأ او الإهمال مقصوداً. وهذا يعني ان الموظف المعني هو الذي ينفذ المعاملة حسب تشريعات وتعليمات واضحة، وهو مؤتمن على ذلك. ويلزم فقط موظف اخر يدقق المعاملة. الواقع لدينا ولدى غيرنا) ان الموظف المنفذ هو الذي يصيغ القرار، في حين أن المسؤولين يوقعون ويصادقون على ما قرره الموظف. وغالبا دون الدخول في تفاصيل المعاملة وتدقيقها، فهذا ليس واجب المسؤول وليس لديه الوقت لذلك. 5- استطرادا للنقطتين (2 و3) اعلاه، وباعتبار ان التوقيع مسؤولية، فإن على صاحب التوقيع ان يعرف على ماذا يوقع وان يكون قد قرأ الكتاب المطلوب توقيعه عليه، وحتى تفاصيل المعاملة المرفقة. وهذا مستحيل فيما يتعلق بالمسؤول عمليا؛ فاذا كان قد وقع دون ان يقرأ فهذه مأساة؛ وان كان عليه ان يقرأ كل أوراق المعاملة (وكلّ معاملة) فلن يجد الوقت للقيام باي شئ آخر (كم كتابا يرفع للمدير العام يوميا من مختلف المديريات؟ وكم كتاب يرفع الى وزير المالية من دائرة الاراضي والمساحة ومن الدوائر الأخرى التابعة له؟ وكم كتابا يرفع يوميا لمجلس الوزراء من كافة الوزارات والدوائر؟). 6- اخلص مما سبق الى انه يجب عدم تحويل اية معاملة تسجيلية الى المدير العام او الوزير او رئيس الوزراء. وهذا يتطلب تعديل تشريعاتنا "العثمانية" الروح والنص). وإذا كان المعيار هو لإبراز اهمية بعض المعاملات، فان معاملات كثيرة مهمة ينجزها الموظف المعني في مختلف دوائر الدولة لأنه ثقة ويعرف عمله وهو مسؤول عنه. جواز السفر مثلا وثيقة بالغة الأهمية، واصبحت ترسل بالبريد ولا يوقعها رئيس الوزراء او الوزير او حتى مدير الجوازات. 7- ميري وملك: الارض وأنواعها: ميري، ملك، وقف، خزينة. قديما والى بدايات القرن الماضي في بلادنا كان الناس يسكنون فقط داخل قرى ومدن مسورة او حصينة لمواجهة غزوات البدو وتعدياتهم. والان بفضل سيادة الأمن والاستقرار، لم يعد هذا الشرط أساسيا، ولم يعد مهما ان يسكن المواطن داخل المدن والقرى. وكان مصدر رزق الناس الأساسي هو الزراعة، ولهذا السبب اشترطت القوانين القديمة حدا أدنى لمساحة الأرض الزراعية (10) دونمات لتنتج غلة تكفي عائلة متوسطة الحجم. اما اليوم فقد تغير كل شئ. لم تعد الزراعة عماد حياة الناس، ولا حتى الفلاحين. وبعد ان حولنا معظم الاراضي الزراعية الخصبة الى غابات اسمنت، اصبحنا نطبق قانون العشرات على اراضٍ ميري قاحلة شرق السكة، في البادية. فهل نتوقع ان تعتاش عائلة من زراعة (10) دونمات صحراوية. أعود لموضوع البناء والسكن داخل حدود البلديات فهذا الامر لم يعد ضروريا وحتميا. فما الذي يمنع البناء في ارض رخيصة على بعد يزيد (30) كم من عمان او غيرها من المدن؟ لكل عائلة سيارتها الخاصة التي تختصر المسافات. البادية منبسطة ولا يشترط تعبيد الطرق فيها. زمن الرحلة الى العاصمة قد يكون اقل منه داخل العاصمة بسبب ازمات السير المتزايدة فيها. ويمكن توفير الماء بالصهاريج كما يفعل معظم سكان العاصمة حاليا. والكهرباء توفر بمولد خاص قد لا يكلف اكثر بكثير من كهرباء الشبكة العامة؛ أو من الطاقة الشمسية. ولم يعد مهما تواجد المسكن قرب المدارس او مكان العمل او الاسواق. فمئات الآلاف من الموظفين والعمال والطلاب يقطعون عشرات بل مئات الكيلو مترات يوميا في التنقل بين بيوتهم واماكن عملهم او دراستهم. الخلاصة ان الابقاء على تصنيف الارض إلى ملك و ميري وما يتبع ذلك من تعقيدات امر يخلو من أي منطق او مبرر او معنى. ولا شك أن أولادنا وأحفادنا لن يسامحونا لاننا أسأنا التصرف ودمرنا معظم أراضينا الزراعية الخصبة للأبد! يجب منع البناء في الأراضي الزراعية (وهي زراعية بفضل خصوبة تربتها، ولوقوعها في منطقة غزيرة المطر نسبيا) هذه المناطق الزراعية اصبحت منظمة او داخل حدود البلديات او مناطق تطوير (؟) (هل هو تطوير ام تدمير؟) يلزم قرار جريء يوقف كل أعمال البناء في الأراضي الخالية في عمان، وتحويلها الى حدائق ومتنزهات وحتى مواقف سيارات. 8- لم يعد الناس يعيشون في قرية حيث الجميع يعرف الجميع ويلتقون دائما ويتناقلون الاخبار. وهكذا فان الممارسة الحالية، التي كانت مبررة سابقا، بطلب توقيع شهود على بعض المعاملات لا تخلو من المفارقة. فالشهود عاةة لا يعرفون صاحب المعاملة، بل حتى قد يجهلون فحوى المعاملة. وفي المقابل اصبح كل شخص يملك هوية شخصية ودفتر عائلة ورقما وطنيا ووثائق اخرى متنوعة تكفي لاثبات شخصيته. هذا عدا عن توفر قاعدة البيانات الالكترونية للاحوال المدنية لدى العديد من الدوائر والبنوك. 9- تبسيط الإجراءات وتحديد مدة قصوى لانجاز المعاملة: وقت الناس اصبح حقا من ذهب، ولديهم اعمال والتزامات ومسؤوليات. واصبح مئات الاف الاردنيين يعملون ويعيشون في الخارج، وياتون هنا في اجازه قصيرة. وليس عدلا ان يمضي المغترب اجازته في متابعة معاملة في دائرة الاراضي مثلا. 10- تفادي إرسال الناس للمحاكم: نعلم جميعا تعقيدات المحاكم والقضايا، وانها تستغرق اشهرا بل سنوات عدا عن التكلفة والضغط التفسي والمعاناة الكبيرة لمن يدفعه حظه العاثر إلى المحاكم. فليكن حل معظم اشكالات ومعاملات الاراضي داخل الدائرة، ونحن عادة ادرى بأمورنا وعملنا من معظم القضاة الذين ينظرون قضايا تتعلق بالاراضي. 11- أملاك الدولة وأملاك المواطنين: الدولة، الحكومة، الحكم، .....ما هي سوى تنظيمات اوهيئات اختارها الناس أو قبلوها لتنظيم امورهم. الوطن هو الناس، المواطنون، وليس الحجارة والتراب. والأصل في الامور أن الوطن هو ملك لسكانه، للمواطنين، وهو متاح لهم ليعيشوا فيه وليستغلوا خيراته، لا أن تبقى اراضيه معطلة غير مستغلة. ويجب أن تتوفر لكل مواطن الحاجات الأساسية: السكن، والمأكل، والتعليم، والعناية الصحية. ولعل أحد أهم عناصر قوة الولايات المتحدة مثلا ان معظم اراضيها قد ملكت للمواطنين (ومعظمهم مهاجرون من الخارج!) وعندما انظر الى وضع الأراضي في بلدنا، وارتفاع اسعارها الجنوني (بحيث لم تعد متاحة للمواطن ذي الدخل المتوسط، بله المتدني، وهذا امر بالغ الخطورة) اتذكر بيت الشعر:" كالعير في البيداء يقتلها الظما والماء فون ظهورها محمول". لدينا اراضٍ شاسعة غير مستغلة؛ وهي محرمة على المواطنين، باعتبارها أراضي دولة؛ بينما نحصر امكانية الملك والبناء في اراضٍ محدودة رغم انها زراعية، والاحرى بنا اذن نمنع البناء فيها( انظر (7) اعلاه). فهل يجب ان ننتظر دائما مبادرات جلالة الملك لتوفير "سكن كريم لعيش كريم" للمواطنين على اراضي الدولة. 12- الحكومة الالكترونية: الامكانات الإلكترونية هائلة وعمليا غير محدودة. والاردن مفتوح لها ومتقدم باستخدامها. إن عدم استثمارنا لها يعد جريمة بحق انفسنا. فلنعمل على استغلالها لاجراء معظم المعاملات او لتبسيطها او تسريعها بعد اجراء التعديلات اللازمة على التشريعات من اجل ذلك. وليكن لنا قدوة بما يجري في دول متقدمة او حتى نامية في شرق اسيا مثلا. فلننسخ تجاربهم قدر الإمكان. وليس مطلوبا منا ان نعيد اختراع العجل او الكهرباء. 13- الرسوم والضرائب والاعفاءات: مجموع ضريبة بيع العقار ورسوم التسجيل (10%) من اعلى النسب في العالم، باستثناء الدول الافريقية جنوب الصحراء (المتوسط 11%) بينما المتوسط لجميع الاقاليم الاخرى يتراوح بين (2.4%) لاوربا و (6%) لجنوب اسيا. والاردن هي الدولة الوحيدة تقريبا بين الدول التي تحترم نفسها والتي فيها الرسوم عالية لهذه الدرجة (انظر قائمة تسجيل الممتلكات في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2008 الصادر عن البنك الدولي). خفضت مصر هذه الرسوم من (12%) قبل بضع سنوات الى (6%) ثم(3%) ثم (1%) وتضاعف اجمالي دخل الدولة من رسوم الاراضي عدة مرات، عدا عن الفوائد الاخرى للاقتصاد الوطني وللمواطنين عامة (ساقدم تفصيلا لاحقا لهذا الموضوع). 14- تنص الماده (5) من القانون رقم (26) لسنة 1958 ( قانون رسوم تسجيل الاراضي ......على انه يجوز لوزير المالية ان يعفي .... يجب تقليص عدد النصوص ذات هذه الصياغة( يجوز ل ..) الى اقل حد ممكن او حتى الغاؤها. فما دام يجوز الاعفاء لهذه الجهات فان هذه الجهات تطلب دائما الاعفاء وتحصل عليه بعد اجراءات ومراسلات عبثية (فلا احد يستحق اعفاء ولا يطلبه، ومن ثم لا يحصل عليه) فلتضم بنود الماده (5) الى المادة (4) من القانون المذكور أعلاه . 15- تضمن نظام تفويض وتاجير املاك الدولة تحديدا لبدلات الايجار لمختلف الاغراض. اشير هنا الى بند التاجير لغرض التنقيب عن المعادن، الذي يجب ان يكون مجانيا او شبه مجاني. فأعمال التنقيب اساسا من مهام الدولة (سلطة المصادر الطبيعية) ،وهي المسؤولة عن تحديد جيولوجية البلد ومحتوى ارضه من المعادن. وبالفعل انتجت السلطة خرائط جيولوجية بمقياس 1:50000 تغطي المملكة، لكنها لا تفي بالغرض. كما ان اعمال التنقيب مكلفة جدا وغير مضمونة النتائج (مثل التنقيب عن النفط بحفر آبار استكشافية قد تكون بلا طائل). وفي المقابل يجب فرض رسوم مناسبة على عمليات التعدين واستخراج المعادن بمختلف انواعها. والاجدر ان تكون الرسوم على كمية الخام المقدر وجوده او المنتج فعليا اكثر منها على مساحة الارض المؤجرة. 16- ايجار الاموال غير المنقولة وبيعها لغير الاردنيين: يتضمن القانون تعقيدات بلا مبرر، تعقد حياة الدائرة والناس وتعيق الاستثمار (وتفتح الباب على مصراعيه للابتزاز والرشاوى والفساد، مثل الحصول على موافقة "وزارة الداخلية"، وتستغرق عادة بضعة أشهر). لاداعي لتقييد إعادة بيع العقار لغير الاردنيين بمدة ثلاث سنوات او خمس سنوات. والبديل الذكي لذلك هو تحصيل ضريبة معينة (مضاعفة مثلا) في حال البيع ضمن هذه المدة او تتناسب الزياده فيها مع المده الباقية. 17- لا داعي لموافقات الوزير او مجلس الوزراء وهي عبارة عن تحصيل حاصل لمن له الحق بالتملك. بل تحدد الشروط للموظف وهو يلتزم بها في الموافقات. 18- في القانون الهندي يعامل الاجنبي ذو الأصل الهندي معاملة الهندي في شراء العقار. وهذا منطقي! فالاردني، أبا عن جد، والذي اجبرته ظروف الحياة على الهجرة الى أمريكا مثلا، لايجوز ان نعتبره جسما غريبا. 19- لا معنى ولا مبرر لفرض حصول الشركة الإسكانية على موافقة مسبقة لشراء الأرض؛ واذا كان لا بد من إبقاء متطلّب الحصول على موافقات للشركات الإسكانية، فلتكن الموافقة للشركة نفسها (وليس لقطعة الأرض) خلال سنة مثلا ولأي قطعة أرض تشتريها الشركة خلال تلك المدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق