Articles in Science and Technology translated from English and French, and published in the Jordanian newspaper AL RAI and several Jordanian and Arabic magazines
الثلاثاء، 28 مايو 2013
بورباكي وآينشتاين
كتب المحرّر العلميّ، العرب اليوم، 28/5/2013
هل تعرف نقولا بورباكي Bourbaki ؟ إذا لم تكن مختصا بالرياضيات. فالأغلب أنك لم تسمع بالاسم. لكن ما يميز هذا الاسم أنه اسم مستعار، ولا يعبر عن شخص طبيعي حقيقي.
في عام 1934 اتفق رياضياتيون فرنسيون على التعاون لوضع أسس الرياضيات المعاصرة، وتأليف كتب مدرسية فيها. وسعوا لبناء هذه الرياضيات على نظرية المجموعات. أطلقوا على فريقهم الاسم "نقولا بورباكي".
كانوا يجتمعون ويناقشون بالتفصيل وبعمق كل ما يكتبونه، ثم تنشر كتبهم تحت الاسم نقولا بورباكي، دون أن ينسبوا الفضل لأي من الأعضاء. وربما لو أنهم اختاروا شخصا طبيعيا حقيقيا لتوقيع اسمه تحت جميع أبحاثهم لاعتبر أعظم رياضياتي في التاريخ.
فهل يمكن أن يكون شيء مشابه قد حصل فيما يخص آينشتاين، وأن تكون "جهة ما" قد رتبت أن تُنشر جميع أبحاث ومنجزات مجموعة باحثين تحت اسم آينشتاين؟ هذا ما كنت أعتقده، لكن يبدو أن الحقيقة أسوأ من ذلك بكثير.
لا يكاد يمر يوم دون أن يصادفك في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ذكر هذا العالم الذي أصبح رمزا للعبقرية والذكاء والعلم والإبداع، فأين الحقيقة من كل هذا؟
صناعة النجم:
كتبتُ على محرك البحث غوغل، الكلمتين: Einstein hoax أي: خدعة، أو أكذوبة، آينشتاين، ففوجئت بوجود مئات المواضيع التي تتحدث عن كيف صنعت الصهيونية هذه الأسطورة. وما زالت تغذيها بزخم هائل.
اخترتُ أول موضوع من هذه القوائم، وترجمة عنوانه:
البرت آينشتاين – هل كان كذابا ولصا انتحل أفكار غيره.
يصفه المقال بأنه تمتع بعبقرية وحيدة: القدرة والجرأة على سرقة أفكار الآخرين وإنجازاتهم ونسبتها لنفسه، ثم تجند وسائل الإعلام العملاقة الواقعة تحت السيطرة اليهودية طاقاتها للدعاية له.
تصفه الموسوعة البريطانية بأنه أظهر قدرات مدرسية محدودة. ترك المدرسة في الخامسة عشرة بعد رسوبه في ثلاث مواد. ثم فشل في امتحان القبول في كلية الهندسة في زيوريخ/سويسرا، فتوظف في مكتب تسجيل البراءات في بيرن، وبقي فيه حتى عام 1909.
في عام 1905، فجأة، ودون أي مقدمات، نشر أربعة أبحاث فيزيائية:
- أسس نظرية الفوتونات في الضوء؛
- تكافؤ المادة والطاقة؛
- شرح الحركة البراونية في السوائل؛
- نظرية النسبية الخاصة.
لنبدأ بالبحث الأخير، فالنسبية قد ارتبطت باسمه باعتباره مبتكرها. ترتبط هذه النظرية بافتراضات منها أن سرعة الضوء ثابتة ومستقلة عن سرعة المصدر الذي يشع الضوء. وهذه الفكرة اقترحها الاسكتلندي جيمس ماكسويل عام 1878. كما تبين من تجارب مورلي ومكلسون عام 1887 أن سرعة الضوء مستقلة عن سرعة المراقب. وفي عام 1904 نشر الهولندي لورنتز ما يسمى بتحويلات لورنتز التي تفسر زيادة الكتلة وتقلص الطول لجسم يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء. أي أن كل ما ورد في مقالة آينشتاين عن النسبية كان قد نشره آخرون. وكان الفرنسي بوانكاريه أبرز المحاضرين عن النسبية، لكنه لم يشر مطلقا إلى آينشتاين. لاحظ أيضا أن نظرية النسبية لم تكن سبب حصوله على جائزة نوبل (بسبب تأخر قبول المجتمع العلمي لها؟). لكن لعله هو أول من استخدم هذا المصطلح: "النسبية"، لوصف هذه النظرية. فهل يبرر هذا نسبتها له؟
نعود إلى البحث الأول: "أسس نظرية الفوتونات في الضوء" وهو الذي منح آينشتاين جائزة نوبل عليه عام 1922. لكن الفضل يعود إلى "ماكس بلانك"، و"فِلهلم فين" اللذين أوضحا، قبل آينشتاين، أن الضوء يُبث ويُمتصّ بحزم محدودة، أطلِق عليها اسم الكمّات (الكوانتا). كما كان لنار، أو لنارد Lenard قد أوضح أن الضوء الساقط على فلز أو شبه موصل يطلق الكترونات تعتمد على تردد الضوء وليس على شدته. وما أورده آينشتاين في بحثه فيما يخص الضوء كان قد قاله بلانك عام 1900 معمما على الأمواج الكهرمغنطيسية كافة.
أما تكافؤ المادة والطاقة، والمعادلة المشهورة التي تنسب إلى آينشتاين (الطاقة = الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء)، فقد ظهرت في بحث نشره الإيطالي أولنتو دي برتو في المجلة Atte عام 1903 ؛ كما أثبتت تجارب تومسون في كيمبرج تكافؤ المادة والطاقة، وعززتها بحوث هازنورت، الذي نشرها عام 1904.
وفيما يتعلق بالحركة البراونية، وهي تتعلق بحركة الجزيئات في السائل، فقد وضع معادلاتها الأمريكي غبز Gibbs والنمساوي بولتزمَن Boltzman قبل آينشتاين. ونشير هنا أيضا إلى ضعف احتمال أن يحقق شخص مثل هذه الإنجازات مجتمعة في سنة واحدة، دون أن يكون موجودا في وسط علمي أكاديمي، ودون مختبرات، ودون خلفية علمية متينة، أوقدرات رياضية كافية.
آلة الدعاية الصهيونية
لم يلتفت أحد لما نشره آينشتاين، في 1905، حتى عام 1909 حين دعمته منظمات صهيونية؛ وعملت على تعيينه في الجامعة، فأصبح له تواصل مباشر مع الباحثين والطلبة، وأتيحت له إمكانية أكبر للاستفادة من جهودهم. في عام 1915 نشر هِلبرْت المعادلات الكاملة للنسبية العامة. وكان قد أرسل نسخة منها إلى آينشتاين، الذي نشر البحث باسمه بعد اسبوع من نشر بحث هلبرت! وتتعلق النسبية العامة بتطبيق مبادئ النسبية الخاصة على الكون، وبحث التجاذب بين الكواكب، وانحناء الضوء حين يمر قرب جرم ثقيل.
في عام 1919 نشرت التايمز اللندنية (مالكوها يهود) مقالة ذات عنوان مثير: ثورة في العلم: نظرية جديدة عن الكون تطيح بأفكار نيوتن.
كانت هذه بداية حملة محمومة لصنع الأسطورة. بدأ الترويج المكثف لأوراقه البحثية الأربع التي نشرت عام 1905 باعتبارها أفكارا أصيلة له. ونجحت الحملة في منحه جائزة نوبل عام 1922.
بعد عام 1919 توقف عن انتحال أفكار غيره، وكرس نفسه للدعاية للصهيونية، ولكن اسمه ظهر على بضع مقالات بحثية قام بها آخرون، وكان غرضهم إعطاء قيمة لأبحاثهم.
في عام 1921 قام بجولة في الولايات المتحدة لجمع تبرعات لبناء الجامعة العبرية في القدس. عُرض عليه أن يكون أول رئيس لإسرائيل لكنه اعتذر. وكانت قمة المهزلة (حسب رأي المقالة التي أشرنا إليها) حين سمّته مجلة تايم (مالكوها يهود أيضا) "شخصية القرن العشرين".
Albert Einstein– was he a thief, a liar and a plagiarist?
شبح المجاعات يلوح في الأفق
المحرر العلمي، العرب اليوم، 28/5/2013
قد يبدو هذا العنوان للبعض غريبا ومبالغا به؛ فنحن نعيش في الأردن، وفي العالم عامة، عصر الوفرة. وفرة في الطعام، وتنوع هائل في اشكاله وأطباقه ومصادره. أصبحنا نتوقع توافر مختلف أصناف الخضار والفواكه واللحوم طوال العام وبأسعار معقولة.
وتبدو بعيدة منسية تلك الأيام حين كان أجدادنا لا يعرفون الخضار إلا في شهر أو اثنين من السنة، وليست جميع الخضار التي نعرفها الآن، وحين كانت الأغلبية لا تتناول اللحم إلا في المناسبات. وكان الطعام اليومي للأغلبية هو الخبز الحاف. وغابت عن الذاكرة المجاعات المتكررة بسبب غزو الجراد أو المحل أو مصادرة السلطنة العثمانية للحبوب والدواب والمواشي، وتسفير الرجال للحرب كما حصل في السفر برلك، الحرب العالمية الأولى، قبل مئة سنة، حين اضطر الناس لأكل الأعشاب وجذورها.
على الرغم من حصول مجاعات محلية أو اقليمية من وقت لآخر (الصومال،...) فإن احتمالات حصول مجاعة لدينا أو لدى غيرنا أصبحت ضئيلة بفضل عوامل عدة: التقدم العلمي والتقني الذي أتاح حراثة الأرض وحصاد المحاصيل بطرق آلية أسرع وأكفأ كثيرا من الطرق اليدوية التقليدية؛ واستخدام السماد الكيميائي، ومبيدات الآفات الزراعية، وتهجين أصناف زراعية أفضل وأغزر انتاجا، واستصلاح أراض زراعية جديدة على حساب البيئة الطبيعية من مستنقعات تجفف، وغابات تقطع. وتحسين الطرق ووسائل المواصلات تحسينا هائلا أتاح النقل السريع للمنتجات الزراعية داخل البلد الواحد وعبر العالم، مع استخدام وسائل الحفظ كالتبريد.
كل ما ذكرنا ساهم في توفير الغذاء لسكان العالم الذين يتزايدون بوتيرة غير مسبوقة. إنه انفجار سكاني؛ وإذا تواصل بالمعدل نفسه فإن احتمالات العوز الغذائي، وحتى المجاعة، في بعض أنحاء العالم واردة لا محالة. لقد تناقص معدل مساحة الأراضي الزارعية للفرد في العالم من 4.5 دونم عام 1960 إلى النصف، أي 2.2 دونم عام 2008.
نذكر مثلا أن عدد سكان شرق الأردن في بداية القرن الماضي لم يتجاوز مئة وخمسين ألفا، وهم الآن أكثر من ستة ملايين. وكان الأردن يصدّر القمح، وهو الآن يستورد 99% من حاجته منه (هل سنصمد لو تعرضنا لحصار اقتصادي كالذي تعرضت له العراق لأكثر مكن 10 سنوات؟). ويجدر بالذكر عامل خطورة يهدد الأمن الغذائي لدينا ولدى غيرنا، ألا وهو التعدّي العمراني على الأراضي الزراعية. وقد ارتكب الأردن جريمة لا يمكن إصلاحها بحق نفسه حين حوّل الأراضي الخصبة إلى غابات اسمنتية؛ وكان الأجدر والأولى أن تبنى المدن شرقا في الأراضي غير الزراعية.
توفر الحبوب نصف مصدر الطاقة التي يحصل عليها البشر من الطعام، ويمثل القمح والرز النسبة الأكبر منها. وإذا حصلت ظروف متطرفة سببت تراجعا كبيرا في انتاج المحاصيل الزراعية، فإن أسعارها ترتفع تلقائيا. لكن رفع اسعار المواد الغذائية الأساسية في الدول الفقيرة يعرضها لاضطرابات وقلاقل شعبية – كما حصل في ثورة الخبز في الأردن قبل ربع قرن. وهذا قد يزيد الأمر سوءا. ولحسن الحظ فإن الكوارث الزراعية لا تصيب جميع الدول في الوقت نفسه، بل قد يترافق نقص إنتاج محصول معيّن في منطقة ما مع زيادته في بلد آخر، ما يساهم في استقرار الأمن الغذائي العالمي.
ولا بد من الإشارة إلى عامل الخطورة الأكبر على الأمن الغذائي، وهو الهدر الذي يمارسه أثرياء العالم وحتى الطبقة المتوسطة التي تقلدهم. فهؤلاء يبذرون ويتلفون نسبة لا بأس بها من الموارد، خاصة الغذائية منها؛ كما أن النهم والإفراط في تناول الطعام غدا ظاهرة عامة؛ ولعلّ من يموتون بسبب التخمة أكثر ممن يقتلهم الجوع.
ويكفي أن تشاهد ما تعرضه مواقع الانترنت من وقت لآخر عن ولائم ومناسبات في دول الخليج مثلا، حين تنحر مئات رؤوس الإبل لتلقى لحومها في حاويات القمامة في الصحراء. ورغم محدودية موارد الأردن، فإن هذه الممارسة شائعة أيضا في مناسباتنا الاجتماعية المختلفة.
الخلاصة أن احتمالات تراجع الإنتاج الزراعي العالمي، أو حتى حصول الكوارث الزراعية، واردة، فانتاج الحبوب مثلا على مستوى العالم بلغ 663 مليون طن عام 2012، متراجعا بنسبة 2.6% عن عام 2011. كما أن دولا مثل أمريكا والبرازيل تحول نسبة من انتاجها من الذرة وقصب السكر إلى وقود للسيارات. لكن على الرغم من كل هذا فإن سهولة النقل والتجارة في العالم، والمبادرات الدولية للإغاثة، تبعد شبح المجاعة عن الدول الفقيرة، ولو إلى حين.
كيف تُصنّف مادّة ما على أنّها مسرطنة؟
المحرر العلميّ، العرب اليوم، 28/5/2013
تطالعنا وسائل الإعلام والإنترنت من وقت لآخر بتحذيرات مفادها أن مادة ما تسبّب السرطان. مثلا أعلن في حزيران 2012 أن نواتج حرق الديزل مسرطنة، وأعلن في أيار 2011 أن موجات الهاتف الخلويّ يمكن أن تسبب السرطان (أنظر مقال "العلم يشكّ والقضاء يبتّ" في صفحتنا هذه بتاريخ 5/3/2013، حين حكمت محكمة ايطالية بتعويض شخص أصيب بسرطان الدماغ "جرّاء" استخدامه الخلوي طوال النهار حسب متطلبات عمله). فكيف يتوصل المختصون إلى هذه الأحكام؟ ومن هي الجهات المخوّلة بإصدار هذه الأحكام؟ وما المقصود بالمادة المسرطنة؟
تقدر مخاطر المواد سرطانيا بإجراء دراسات على الإنسان، وعلى الحيوانات، وعلى خلايا الجسم. وتتضمن الدراسات على الإنسان ملاحظة العادات الغذائية والظروف المعيشية للناس عامة، وللمصابين بالسرطان خاصة. كذلك إذا تبين أن عاملا ما يسبب طفرة جينية، فإنه يعتبر عاملا مسرطنا مرجّحا.
ويقسم المركز الدولي لبحوث السرطان الموادّ بشكل عام إلى خمس مجموعات:
المجموعة 4: عامل يرجح أنه غير مسرطن للإنسان؛
المجموعة 3: عامل "غير مصنف" من حيث تسبيبه السرطان للإنسان وتشمل المجموعة 508 مواد؛
المجموعة 2 ب: عامل يحتمل أنه مسرطن للإنسان، وتشمل 272 مادة؛
المجموعة 2أ: عامل يرجح أنه مسرطن للإنسان، تشمل 64 عاملا منها زيت القلي، واضطراب ساعات النوم (كما يحصل لطياري ومضيفي الخطوط الجوية المدنية)؛
المجموعة 1: عامل مسرطن للإنسان، تشمل 108 عوامل، منها التبغ والبنزين والكحول.
ماذا نعني بالمجموعة 2 أ مثلا: "يرجح أنه مسرطن للإنسان"؟ يقصد بذلك أنه عامل مسرطن لحيوانات التجارب، لكن ذلك لم يثبت قطعيا فيما يخصّ الإنسان. وهذا ما حصل للغازات الناتجة عن حرق الديزل. فقد كانت تصنّف في المجموعة 2 أ حتى عام 2012، حين نشرت نتائج دراسة أجريت على 12000 شخص، وأثبتت أن خطر سرطان الرئة يتضاعف 3 مرات لدى من يتعرضون لهذه الغازات.
يعتمد التشريع في فرنسا بهذا الخصوص على التشريعات الأوروبية المتعلقة بالتصنيف والتسمية والتغليف(CLP)، وأيضا أنظمة التسجيل والتقييم والسماح للمواد الكيميائية (REACH)، وتنصّ على أن يقوم الصناعيون المنتجون أنفسهم بدراسة مخاطر منتجاتهم سرطانيا إذا كان حجم إنتاجهم منها يفوق 1000 طن سنويا.
يجدر بالذكر أخيرا أن دراسات السرطنة طويلة ومكلفة وتضحي بآلاف الحيوانات لإجراء التجارب المخبرية عليها؛ لهذا السبب فإن إجراء هذه الدراسات ليس دائما إلزاميا ولا ضروريا.
Science et Vie, Fev. 2013
p. 125
الثلاثاء، 14 مايو 2013
القضاء والعلم: (1) هل حقا أن القضاء يعيق العلم وتقدمه؟ (2) زلزال أكويلا: القتل بالإهمال، أم الراعي والذئب؟
في مواجهة الغش العلمي
لماذا يتعبنا الوقوف أكثر من المشي؟
سؤال وجواب:
حسام مدانات، العرب اليوم، 14/5/2013
لعلّ كلا منا قد مر بهذه التجربة أكثر من مرة. فالوقوف بانتظار الباص مثلا يتعب أكثر من المشي للفترة نفسها. قد تفسر هذه الظاهرة انطلاقا من الشعور بالملل أثناء الانتظار، مقابل متعة مشاهدة المناظر المتغيرة أثناء المشي والتنزه. هذا صحيح جزئيا؛ لكن الإجهاد الناجم عن الوقوف الطويل صحيح وحقيقي، ويمكن تفسيره جسديا وليس نفسيا فقط.
ليس وضع الوقوف وضعا طبيعيا للجسم. فالضغط يتركز على أخمص القدمين. وإذا طال الوقوف تعاني القدمان من الإنهاك. خاصة بسبب الحاجة لبذل جهد لحفظ التوازن، ويقوم بهذه المهمة باستمرار عضلات في بطة الرجل وفي أعلى الفخذ، لموازنة تأثير الجاذبية الأرضية وتأثير حركة الرياح.
وإذا طال الوقوف، فإن الجاذبية تزيد تركيز الدم في أوردة الساقين فيلجأ الجسم إلى عدة آليات لدفع الدم إلى الأعلى باتجاه القلب، وهذا يشكل عبئا إضافيا على القلب. وفي المقابل، فإن المشي يعتبر رياضة تحرك عضلات الرجلين وتنشطهما، وتفعل فعل المساج المنشط لأخمص القدمين. كما أن المشي يجعل إحدى القدمين في الهواء نصف الوقت. ما يخفف الضغط عليها ويريحها، ويعمل هبوط القدم على الأرض على دفع الدم في الأوردة إلى الأعلى ما يخفف العبء على القلب.
لماذا يفسد السمك سريعا؟
حسام مدانات، العرب اليوم، 14/5/2013
حين تقترب من ثلاجات عرض الأسماك في المخازن الكبرى، غالبا ماتصدمك الرائحة المميزة والمنفرة للسمك غيرالطازج.
نعلم أن الأردن ليس بلدا منتجا للأسماك بمعنى الكلمة (كما أنه غير منتج لمعظم ما يستهلك من طعام). ومعظم ما تجده في السوق من السمك مستورد، مبردا ( تحت تسمية سمك طازج) أو مجمدا، (ولا نتحدث هنا عن أنواع الأسماك المعلبة، ونعني بذلك السردين والطن خاصة). وكثيرا ما تناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء إتلاف سمك مصاب بالديدان أو يحتوي على معادن ثقيلة سامة.
فما الذي يجعل السمك أكثر عرضة من غيره من اللحوم، للفساد والتلف السريع؟
يفسد اللحم (حسب كتاب "الغذاء: تلوثه، سلامته، ثقافته"، تأليف د. هاني مسلم الضمور) لعدة أسباب: أولا التحلل الذاتي لمكوناته الغذائية، خاصة البروتينات، والتحلل أسرع في السمك بسبب نشاط أنزيماته الزائد.
ثانيا، تسرّع الميكروبات إفساده لأن حموضته منخفضة ونسبة الرطوبة فيه عالية، خاصة حين يحدث ما يسمى بالتيبس الرمّي، أي تسرب الماء من الخلايا، فتتوفر بيئة صالحة لنمو الميكروبات، إذا لم يكن التبريد كافيا.
وثالثا، تتأكسد دهون السمك أسرع من غيرها، فتفوح رائحة الزنخة التي تتصف بها عادة الدهون المتأكسدة .
الخلاصة أن تناول الأسماك المعلبة أسلم غالبا لأنها عادة ما تعلب على ظهر السفن فور صيدها. كما أن الأسماك المجمدة قد تكون آمن من المبردة، التي تباع باعتبارها طازجة؛ لأن التبريد أثناء شحنها قد لا يكون كافيا لايقاف نشاط الميكروبات ونموّ الديدان وتكاثرها؛ في حين أن تجميد الأسماك يتم عادة فور صيدها وبوسائل التجميد الصناعي السريع، الذي لا يسمح للميكروبات بالنموّ.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)