Powered By Blogger

الثلاثاء، 8 يناير 2013

ما دلالة تاريخ الصلاحية على المعلبات؟

سؤال وجواب: المحرر العلمي، العرب اليوم،8/1/2013. هذا السؤال يهم كلا منا بلا شك، بعد أن أصبحنا نشتري معظم طعامنا مصنّعا ومعلبا. والموضوع يتطلب تحقيقا وبحثا أوسع وأعمق، في سوقنا المحلية خاصة، وهو ما قد نفعله قريبا. خلال الأشهر الماضية، تابعنا باهتمام حملات قامت بها مؤسسة الغذاء والدواء لدينا، فأتلفت أطنانا من الأغذية، وأغلقت مطاعم ومتاجر. لكن وسائل الإعلام لم توضح أبدا ما تقصده بالطعام الفاسد. انتهاء الصلاحية لا يعني فساد الطعام: مؤخرا، فاجأتُ صديقي بزيارة على غير موعد. فبدا مثل من ضُبِط متلبّسا بجريمة. كان بيته يعج بعشرات كراتين المعلبات. واعترف لي مكرها بأنه مكلف بتغيير تواريخ انتهاء الصلاحية على معلبات مستوردة يبيعها المتجر الكبير الذي يعمل فيه. استغربت فعله هذا لأني أعرفه إنسانا شريفا ونزيها، ولا أتوقع منه أن يسلك سلوكا خاطئا مهما كانت الدوافع. لكنه برر سلوكه بالقول أن تجاوز تاريخ الصلاحية، أو تاريخ فترة العرض (علىرفّ المتجر)، لا يعني فساد محتوى العبوة؛ رغم أن هذا يخالف مفهومنا العام. تابعت الموضوع باللجوء إلى غوغل. وأدخلت العنوان : Canned Foods Shelf Life لأجد مئات العناوين. استعرضت بعضها واليك بعض ما وجدت: العنوان الأول في قائمة غوغل هو : 5 دراسات مختلفة عن صلاحية الأطعمة المعلبة والجافة. (ر.و. أتكنز). يقول أتكنز أن الجمعية الوطنية (الأمريكية) لتصنيع الطعام (NFPA) حللت عام 1974 محتويات معلبات عمرها مئة سنة (عثر عليها في الباخرة برتراند التي غرقت في النهر عام 1865). فوجدوها غير ملوثة بالبكتيريا، وما زالت صالحة للأكل. لكن تغير قوامها وطعمها وانخفض محتواها من فيتاميني أ ، ج؛ في حين لم يتاثر محتواها من البروتينات والكلس. تبقى صلاحية المعلبات لسنوات طويلة بعد تاريخ انتهاء الصلاحية المسجل عليها، إذا حفظت في مكان بارد وجاف ومعتم، على رفوف، وليس على الأرضية، وبعيدا عن الجدران. وبشرط أن لا تكون قد تعرضت للانبعاج أو الصدأ قبل تخزينها. ولا ينصح بتجميد المعلبات، فهذا قد يجعلها تصدأ أو تنثقب. وعلى أية حال، إذا لاحظت مؤشرات على فساد الطعام مثل الرائحة المنتنة أو انتفاخ العلبة، تخلص منها فورا. وفيما يتعلق بالأطعمة الجافة، مثل الحبوب (القمح، الرز) فهي تبقى صالحة أكثر من 30 سنة إذا حفظت في أوان محكمة لا تدخلها الحشرات، ويبقى مسحوق الحليب صالحا لمدة 20 سنة. أما السكر والملح وصودا الخبز، فإنها لا تتلف إذا حفظت بمنأى عن الرطوبة. مصالح الشركات الصانعة: قد تعتقد أن للشركات الصانعة مصلحة في إطالة مدة الصلاحية. والواقع هو العكس. فهي قد تختصر المدة المعتادة إلى النصف حتى يتخلص الناس من المعلبات المنتهية الصلاحية ويشتروا معلبات جديدة. وهذا بالطبع قد لا يتفق مع مصلحة التاجر الذي تتراكم عنده معلبات منتهية الصلاحية، فيتلفها أو يزوّر التاريخ ويغيره؛ وقد يتفق هذا مع مصلحته، حتى يبيع كميات أكثر بعد أن يتلف الناس المعلبات القديمة لديهم. لاحظ أن المستهلك قد يقع أحيانا في مصيدة العروض والتنزيلات: تخفيض السعر إلى النصف مثلا، بشرط شراء 6 علب معا، ويكون تاريخ انتهاء صلاحيتها بعد أيام معدودة. وقد لا يتعدى استهلاكك لهذه المادة علبة في الشهر، فينتهي بك الأمر إلى التخلص من معظمها. لاحظ أيضا أن تاريخ الصلاحية على العبوات المحلية قد لا يعني شيئا؛ فبعض مصانعنا الغذائية لا تفعل أكثر من توزيع الأغذية المستوردة في عبوات أصغر. وتاريخ الإنتاج الذي تسجله على العبوات ليس سوى تاريخ التعبئة؛ في حين أن البراميل المستوردة الأصلية قد تكون تجاوزت تاريخ الصلاحية. (ومع هذا لا أحد يموت إذا تناول هذه المواد). ويجب التمييز بين مصطلحين: تاريخ الصلاحية Expiry date ومصطلح "ينصح بتناولها قبل" Best before. والواقع أنه مع انتشار الرفاهية والثراء الفاحش، أو حتى رغبة الطبقة المتوسطة في اعتناق أساليب الرفاهية، ازاداد توجه الشركات الصانعة نحو اختصار فترة الصلاحية للنصف أو أقل. (أذكر مثلا اثناء دراستي في فرنسا في أواخر السبعينيات عرض اصناف من البيض بسعر مضاعف، وبمدة صلاحية 3 أيام فقط، لمحبي المظاهر و"البهورة"؛ كما أذكر أن صلاحية قوالب الكيك كانت 3 أيام (داخل الثلاجة في المتجر)؛ وفي اليوم الثالث كان السعر يخفض للنصف، فيشتريها الطلاب الأجانب والفقراء (وهي تبقى جيدة بالتأكيد أسبوعا أو أكثر).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق