Articles in Science and Technology translated from English and French, and published in the Jordanian newspaper AL RAI and several Jordanian and Arabic magazines
الثلاثاء، 30 أبريل 2013
أخبار علمية: الدنا متين لكنه غير خالد، عبقرية البكتيريا، مغنطيسية من نوع جديد، الذباب يساعد علماء الحيوان
تساؤلات حول توفير وقود السيارة
أوّل خريطة للأفكار
الإلكترونيات تدخل عصر الغرافين
منجزات علمية باختصار
-
حسام مدانات، العرب اليوم، 30/4/2013
- 500 كم/ساعة، هي السرعة القصوى التي سيبلغها قطار ياباني يعتمد على التعليق المغنطيسي، أي أنه يتحرك فوق طبقة من الهواء تفصله عن السكة، بفضل التنافر المغنطيسي. علما أن أقصى سرعة للقطارات حاليا هي 420 كم/ساعة.
- 275: هذا هو أقل عدد لجزيئات الماء حتى تتحول إلى بلورة جليد، حسب ما لاحظه باحثون من جامعة غوتنغن الألمانية. وإذا قل عدد الجزيئات عن ذلك، فلن تتكون بلورة الجليد مهما برد الماء.
- بكتيريا تفرز الذهب: في تجربة أجريت في جامعة مِشِغَن، وضعت بكتيريا معينة في طبق يحوي كلوريد الذهب. وبعد أسبوع لوحظ وجود دقائق نانوية (بالغة الصغر) من الذهب النقي. ويعتقد أن بعض شذرات الذهب في الطبيعة نتجت بهذه الطريقة.
- سرطان القولون يظهر في هواء الزفير. هذا ما لاحظه باحثون طليان في ثلاثة أرباع الحالات المصابة.
- اكتشف جزيء كيميائي متميز في دماغ أشخاص مصابين بمرض فرط النعاس.
- اكتشاف أجزاء من دنا فيروس الجدري في جثث مدفونة في الجليد شمال روسيا. يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عام 1980 أنها قضت عليه نهائيا، ولم يعد فيروسه موجودا إلا لدى الجيشين الأمريكي والروسي.
- توصلت المؤسسة البريطانية REL إلى انتاج صاروخ فضائي (يحمل المركبات إلى الفضاء) يمكنه أن يحلق وأن يهبط مثل الطائرة. أطلقت عليه الإسم Skylon.
- تحويل الهواء إلى وقود: هذا ما تسعى لتحقيقه المؤسسة البريطانية Air Fuel Synthesis، باستخلاص ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الموجودين في الهواء ثم تفاعلهما لإنتاج الميثانول، ومن ثم تحويله إلى بنزين أو ديزل. تخطط المؤسسة لإنشاء مصنع ينتج طنا من الوقود بهذه الطريقة عام 2015 اعتمادا على الطاقة المتجددة (الريح مثلا).
الثلاثاء، 16 أبريل 2013
الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما
القاموس العلمي
الرصاص: الفلزّ الذي ساهم في انهيار روما
م. سائد مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
عرف الإنسان الرصاص قبل أن يعرف الحديد. فهو فلزّ مطاوع سهل التشكيل والسبك، وينصهر بسهولة.
يقال أن الرومان صنعوا منه الأنابيب التي أمدت قصور أثريائهم وملوكهم بالماء، كما أنهم استخدموا أحد أملاحه، اسيتات الرصاص، لتحلية النبيذ. ولا شك أنهم لم يدركوا أن هذا الفلزّ اللطيف يخرب الجهاز العصبي، ويتلف الدماغ والدم والكلى، ويتراكم في الأنسجة والعظام، ويسبب العقم والإجهاض.
وهكذا بدأ كبار الدولة في روما يعانون من العته والخرف والأمراض.. وبدأ تدهور الامبراطورية التي كانت تحكم أوربا، من انجلترا غربا وحتى أقصى شرقها؛ إضافة إلى شمال إفريقيا، ومنها مصر، وتركيا الحالية وبلاد الشام.
عثر على خرز مصنوع من الرصاص في تركيا يعود إلى 6400 ق.م. ويقدر أن الرومان كانوا يستخرجون ثمانين ألف طن منه سنويا.
اسمه في اللاتينية Plumbum ،ومن هذه الكلمة اشتق رمزه الكيميائي Pb واشتقت منها أيضا كلمات مثل Plumber أي السبّاك في الإنجليزية. عدده الذري، أي عدد البروتونات في نواته، هو 82، وله ثلاثة نظائر غير مشعة، أوزانها 206،207،208 ، وهي أثقل النوى المستقرة في الطبيعة.
الرصاص في عالم اليوم:
بلغ انتاجه العالمي 9,6 مليون طن عام 2010، لكن مصدر نصف هذه الكمية هو التدوير، أي إعادة تصنيع الرصاص من النفايات. والدول الأولى في إنتاجه هي استراليا والصين والولايات المتحدة، وتحل المغرب في المرتبة الثامنة عالميا. يخُشى من نضوب احتياطياته خلال 50 سنة. وأكثر خاماته تعدينا هي الجالينا، أي كبريتيد الرصاص.
لكن ما دام الرصاص ساما، فلماذا لا نستغني عنه؟ الواقع أن الرصاص ما زال فلزا مرغوبا ومفيدا في عدة تطبيقات، ولعل أهمها هي بطاريات السيارات، فنصف إنتاج الولايات المتحدة منه يخصص لهذا الغرض. وهو يستخدم أيضا في البناء، ويساعد في امتصاص الصوت في الاستديوهات الإذاعية مثلا. وتصنع منه رصاصات المسدسات والبنادق لأنه ثقيل وسهل التشكيل. ويدخل في صنع الدهانات والأصباغ، إلا إن هذا الاستخدام يتراجع عالميا بسبب خطورة الدهان الرصاصي داخل المنزل، حيث قد يتساقط عن الجدران مع الزمن، ويضعه الأطفال في فمهم مسببا لهم المرض. يخلط الرصاص بلدائن "بي في سي" المستعملة لتغليف أسلاك الكهرباء. ويخلط بالبنزين لتخفيف قرقعة محرك السيارة. لكن العالم يتوجه حاليا نحو البنزين الخالي من الرصاص، والهدف هو تخفيف تلوث هواء المدن بالرصاص؛ فهو سام للإنسان سواء دخل عن طريق الفم أو الأنف.
يستخدم الرصاص أيضا في اللحام، وفي صنع التماثيل والمنحوتات. وكان يدخل في صناعة طلاء لعب الأطفال، وفي مبيدات الآفات الزراعية، وفي طلاء أواني الطعام المصنوعة من الصيني. لكن هذا انتهى الآن.
تخلط مع الرصاص فلزات أخرى مثل النحاس والانتيمون ليكتسب الصلادة والقساوة. وإذا مزج قليل من الرصاص مع الفولاذ تحسنت لدانته وقابليته للسحب والسبك. وهو ينصهر عند درحة 327 سلسيوس، مقارنة مع 1538 درجة للحديد النقي.
ينتمي الرصاص لمجموعة كيميائية تضم الكربون والسلكون والجرمانيوم والقصدير.
يتذبذب السعر العالمي للرصاص كثيرا. فمثلا كان سعر الطن منه 500 دولار عام 2005، وارتفع إلى 3650 عام 2007.
أخيرا نشير إلى أن قلم الرصاص لا علاقة له بفلز الرصاص، فالقضيب الأسود الرفيع في جوف قلم الرصاص الخشبي مصنوع من الغرافيت، وهو أحد أشكال الكربون، أي الفحم المتبلور. والسر في هذه التسمية أن فلز الرصاص يترك أثرا اسود عند حكه بالورق، ويقال أن قلم الرصاص، حين اخترع، اطلق عليه اسم Plumbago ، أي شبيه الرصاص في أثره، كما يقال أن السبب هو الاعتقاد أن الغرافيت هو أحد أشكال فلز الرصاص. ورغم خطأ التعبير، فإنه قد ثبت وبقي، ومازلنا نقول "قلم الرصاص".
مختبرات تحاكي نشأة الكون
م. حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
الفيزياء الفلكية التجريبية: هل هو علم جديد؟
علماء يحاولون تقليد ما يعتقدون أنه حصل ويحصل في الكون من ظواهر غريبة: الثقوب السوداء، المستعرات العظمى، النجوم النيوترونية، ولادة النجوم، وتشكل الكواكب. إنه العلم في صورته القصوى.
المختبر بدل المقراب:
تخيل فلكيا يتخلى عن منظاره أو مقرابه (تلسكوبه)، لينزوي في مختبر مغلق، وهدفه هو دراسة الكون.
هذا ما يفعله حاليا بضع عشرات من الفيزيائيين وعلماء الفيزياء الفلكية في بضعة مختبرات حول العالم. وهم يسعون إلى تحقيق إنجازات لم يكن أحد يحلم بها. إنجازات تُحول علم الفلك إلى علم تجريبي. علم لا يعتمد فقط على الرصد المحض بواسطة المقراب، والمحاكاة الحاسوبية.
قد يبدو أن في ما نقوله مبالغة غير معقولة، فالظواهر الفلكية والكونية أكبر بكثير من أن يتمكن المختبر من توفيرها. لكن ما يقوم به الباحثون هو ابتكار وسائل تقليد ومحاكاة، من خلال الدراسة المخبرية لظاهرة تحكمها، كلية أو جزئيا، القوانين نفسها التي تحكم ظاهرة فلكية ما. النموذج المخبري لا يماثل إذن الظاهرة الفلكية المعنية، لا بحجمها ولا بشكلها ولا بمكوناتها المادية، وإنما بالقوانين الفيزيائية التي تحكمها.
ثقب أسود داخل ليف ضوئي:
في عام 1970، توقع ستيفن هوكنغ أن الثقب الأسود، الذي يمتص كل ما يقترب منه، حتى أشعة الضوء، يبث أشعة معينة. لم ننجح في التقاط هذه الأشعة لأن أشعة الخلفية الكونية تغطيها وتخفيها. لكن دانيل فاتشو، من جامعة أدنبرة، التقطها داخل ليف زجاجي ضوئي. وتبرير ذلك هو كما يلي: لا شيء يميز الزمكان (الزمان-المكان) الذي تشوهه جاذبية الثقب الأسود عن المادة الفائقة، أي الألياف الضوئية، التي تشوه انتشار الموجات الضوئية. فالحالتان تخضعان للمعادلات نفسها. وإذا كان الثقب الأسود يصدر موجات هوكنغ، فإن الليف الضوئي يجب أن يصدرها أيضا.
نجم داخل جهاز الطرد المركزي:
توحي المعادلات والنماذج الرياضية بأن البلازما المشحونة كهربائيا في قلب النجم، تولد مجالات مغنطيسية قوية. ولمحاكاة هذا الوضع، استخدم الباحثون الصوديوم المنصهر الخاضع لحركة دورانية عنيفة، اعتمادا على أن قوانين الديناميكا المغنطيسية للموائع تنطبق على الظاهرتين، وأن الصوديوم المنصهر يجب أن يشكل مجالا مغنطيسيا. جرى تحريك هذا المعدن المنصهر بسرعة 1000 دورة في الدقيقة وتجحت التجربة، وتولد مجال مغنطيسي. كان ذلك عام 2006. ومنذ ذلك الوقت تواصلت التجارب. وحين غيرت سرعة الدوران، اضطرب المجال المغنطيسي. وفجأة انعكس اتجاه المجال، وكانت هذه أول محاكاة لظاهرة انعكاس المجال المغنطيسي الشمسي التي تحصل مرة كل 11 سنة.
مستعرّ أعظم في قمع:
المستعر الأعظم، أو المستجدّ الأعظم، أو السوبر نوفا، هو نجم بلغ آخر عمره، وتقلص وانهار على نفسه، لينفجر مطلقا طاقة هائلة.
حين نفكر بالماء وهو يندفع، على شكل دوامة، داخل قمع (محقان) نلاحظ أن المعادلات التي تحكم موجات التضاغط داخل القمع هي نفسها المعادلات التي تصف الموجات التضاغطية التي تنتشر خلال الغاز الذي ينهار نحو المركز بتأثير مجال الجاذبية في قلب النجم المستعر. لا يندفع الغاز بخط مستقيم نحو القلب، وإنما يتبع حركة لولبية، مثل دوامة الماء في القمع أو مصرف الحمام. وهذا يسمح للغاز أن يكتسب طاقة متزايدة مصدرها جسيمات النيوترينو التي ينفثها قلب النجم.
نجم نيوتروني في سحابة من الليثيوم:
تسلط أشعة الليزر على ذرات الليثيوم الباردة، فتنشط وتنطلق في كافة الاتجاهات وتتفاعل فيما بينها. لكن ما علاقة هذه التجربة بالنجم النيوتروني الميت، الذي تبلغ كثافته مليار طن/سم³ ودرجة حرارته عشرة ملايين درجة، في حين أن الليثيوم هنا في درجة تقارب الصفر المطلق؟ التفسير هو أن المعادلات التي تحكم النظامين هي نفسها. فالنيوترونات وذرات الليثيوم تنتميان للعائلة نفسها من الجسيمات الكمومية: الفيرميونات؛ وتفاعلات كل منهما متماثلة.
Science et Vie, 1/2013
عرض كتاب: اكتشاف الجرثومة
<
جون والر. ترجمة حزامة حبايب، مكتبة الأسرة، وزارة الثقافة 11/2012
كتب المحرر العلمي، العرب اليوم، 16/4/2013
أبدأ بشكر وزارة الثقافة على جهودها المتواصلة الرامية إلى تشجيع القراءة، بنشرها كتبا عالية المستوى وبأسعار متدنية للغاية، بل هي تكاد تكون مجانية ( 35 قرشا للكتاب).
كنا قد عرضنا وانتقدنا سابقا في هذه الصفحة كتابا من إصدارات الوزارة، بسبب كثرة الأخطاء الطباعية وضعف اللغة. لكننا اليوم أمام مجموعة متميزة من الكتب التي تضمنتها معارض الوزارة الأخيرة تحت عنوان "مكتبة الأسرة الأردنية/ مهرجان القراءة للجميع". اخترنا كتاب "اكتشاف الجرثومة"، وهو يقع في 224 صفحة من القطع المتوسط، ويعمل مؤلفه منذ عام 2002 مدرّسا لتاريخ الطبّ والعلوم في كلية لندن الجامعية.
كشوف نتيجة تعب وكفاح:
نعلم أن الألماني روبرت كوخ اكتشف جرثومة السل والهيضة (الكوليرا أو الكلرة). ويسود الانطباع لدى الكثيرين بأن مثل هذه الاكتشافات عملية سهلة، ربما وليدة الحظ، مثلما تعثر، وأنت تسير على شاطئ البحر، على صدفة غريبة جميلة. وهكذا قد يعتقد أي منا أن بإمكانه أن يحقق كشوفات مشابهة، فقط لو أنه كان محظوظا، أو لو أنه انتبه قليلا لما يجري حوله.
لكن كتابنا هذا يقدم تصويرا بالغ الروعة للكفاح والمثابرة والإصرار التي تمتع بها كوخ، حتى تمكن من اكتشاف جرثومة السل، واقناع مجتمع العلماء والسياسيين بصحة كشفه.
وما ينطبق على كوخ ينطبق على باستور الذي خاض حربا ضارية مع معارضي نظريته القائلة بأن الميكروبات أو البكتيريا تسبب الأمراض. كما أن ابتكاره لأسلوب التلقيح ضد مرض الكلب (السعار) لم يكن مجرد وليد مصادفة سارة.
أما تأثير المصالح السياسية والتجارية فيتبدى خاصة في قضية كشف سبب مرض الكُلرة. نقرأ في الصفحة 161 ما يلي: بحلول العام 1880 كان ما يقرب من 80% من السفن التي تعبر قناة السويس بريطانية. وكانت السرعة عاملا حاسما في السماح لبريطانيا بأن تحافظ على صدارتها الإقتصادية. لكن، إلى جانب البهارات والحرير والشاي التي تأتي من الشرق، كان المرض أيضا يأتي من هناك.
كانت طواقم السفن تُرغم على الخضوع للحجر الصحي قبل إنزال بضائعهم، لكن هذا كان يكلف بريطانيا الوقت والمال. وفي عام 1882، أصبحت بريطانيا صاحبة السلطة المطلقة في مصر، فعمدت إلى إلغاء أكبر قدر ممكن من إجراءات الحجر الصحي.
كنتيجة لذلك، حين ضربت الكلرة مصر في العام 1883، وقتلت 5000 شخصا كل أسبوع، وجدت الحكومة البريطانية نفسها في مأزق حرج؛ وحاولت أن تثبت أن الكلرة ليست مرضا قابلا للانتقال. أرسلت إلى مصر فريقا طبيا لا يضم أي شخص مؤيد للنظرية القائلة أن الجراثيم تسبب الكلرة. وتوصل الفريق إلى أن هذا الوباء يعزى إلى أنماط طقس غير مألوفة، نشّطت سموم الكلرة التي ظلت خامدة في التربة المصرية منذ اندلاع الوباء آخر مرة عام 1865؛ أي أن الوباء لم يأت من الهند. لكن الفريق الألماني الذي وصل مصر متأخرا نوعا ما، بقيادة روبرت كوخ، تمكن من اقتناص الميكروبات المسببة للمرض، ثم تابع الفريق رحلته إلى الهند للتوصل إلى نتيجة قطعية. ولحسن الحظ أن المانيا لم يكن لها مصالح تجارية في نفي السبب الميكروبي، أو إنكار أن المرض قدم من الهند.
ويصور الكتاب كيف كان الشرق عارفا بفوائد التلقيح ضد الأمراض. نقرأ في الصفحة 37: بحلول العام 1000 م، طور الصينيون وسيلة تطعيم ضد الجدري باستنشاق مسحوق مجفف من قشور بثور المصابين بالمرض. وفي القرون الوسطى راج في الشرق الأوسط وضع قشور بثور الجدري تحت الجلد باستخدام شفرة حادة للحصول على مناعة ضد المرض. ولم تعرف هذه الأساليب في أوربا حتى أوائل القرن الثامن عشر.
أخيرا، لا يفوتنا أن نقدر للمترجمة لغتها المتينة وندرة الأخطاء اللغوية والطباعية، وأيضا جهدها الواضح في وضع هوامش سفلية في معظم الصفحات تعرّف بكل اسم أو مصطلح بحاجة إلى تعريف.
فشكرا للمترجمة وشكرا لوزارة الثقافة على هذا الإصدار القيم، الذي يستحق أن يقرأه الجميع.
br />
تسونامي جنيف عام 563
<
حسام مدانات، العرب اليوم، 16/4/2013
الطوفان البحري، أو التسونامي، ظاهرة أصبحت مشهورة ومعروفة لدى الجميع بعد ما حصل في جنوب شرق آسيا عام 2004 وفي اليابان عام 2011. ونعلم أن الطوفان حصل في الحالتين بعد حدوث زلزال عنيف دفع مياه البحر نحو الشواطيء.
لكن هل يمكن أن تحصل هذه الظاهرة في بلد مثل سويسرا التي تبعد كثيرا عن البحر، كما أنها آمنة نسبيا من الزلازل؟
تشير السجلات التاريخية إلى تعرّض مدينتي لوزان وجنيف في سويسرا قبل 1450 سنة إلى طوفان بحري. وقد توصلت باحثة من جامعة جنيف مؤخرا إلى حل اللغز. فقد عثرت على طبقة صخور رسوبية ضخمة يُقدّر حجمها بربع مليار م³ داخل بحيرة ليمان، وأظهرت التحليلات أن لجميع أجزاء هذه الطبقة العمر نفسه، ما يدل على أنها كانت كتلة ضخمة سقطت فجأة. ويعتقد أن جزءا كبيرا من الجبل قد سقط في نهر الرون الذي حمل الركام إلى بحيرة ليمان، فحصل الطوفان الذي غطى المدينتين. ولا يستبعد أن تتكرر هذه الكارثة، لتهدد حياة مليون نسمة يعيشون قرب البحيرة.
Science et Vie 1/2013
br />
كيف كان أجدادنا يتنبأون بالطقس؟
المحرر العلمي، العرب اليوم، 16/4/2013
لا أحد ينكر التقدم الهائل في توقع الطقس لأسبوع قادم أو أكثر، وبدقة تثير الإعجاب. وتسخّر لهذا الغرض سواتل (أقمار صناعية) متخصصة، ومحطات أرضية مترابطة، وموزعة على أنحاء العالم، تقيس الضغط الجوي ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح ودرجات الحرارة.
لم يمتلك أجدادنا مثل هذه الوسائل، لكنهم كانوا يتوقعون الطقس اعتمادا على خبرات متراكمة عبر آلاف السنين. وقد أعجبني موضوع قرأته في عدد قديم من مجلة Reader’s Digest الأمريكية، يعرض 13 طريقة شعبية لتوقع الطقس، ويناقش مدى صحتها. (فيما يتعلق بأمريكا، وليس بالضرورة لدينا) وقد اخترنا بعضها فيما يلي:
1) حلقة (هالة) حول القمر تنبئ بمطر قادم:
هذا صحيح. تظهر الهالة حين توجد بلورات جليد في طبقة الطخاف (السحاب الصوفي العالي)، وهي تكسر ضوء القمر وتشكل الهالة. تتكوّن هذه السحب حين تلتقي جبهة هواء دافيء مع طبقة هوائية منخفضة باردة. هذا التصادم يسبب العواصف والمطر أو الثلج خلال 36 ساعة.
2- في أمسيات الربيع أو الخريف، ينذر تصاعد البخار من النهر بحدوث الصقيع:
صحيح. الضباب فوق النهر مؤشر على اختلاط هواء رطب دافيء قرب سطح النهر مع هواء أبرد قادم من اليابسة، تواصل هبوب هذا الهواء البارد قد يسبب الصقيع.
3- ظهور غيوم على شكل قشر السمك، ينبيء بمطر خلال 24 ساعة:
صحيح. تظهر هذه الغيوم في مقدمة جبهة دافئة قادمة، ستعلو هواء أرضيا أبرد، فتشكل غيوما ماطرة.
4- يطير الخطاف (السنونو) والخفاش أقرب إلى سطح الأرض قبل العاصفة:
صحيح. أذنا السنونو والخفاش حساستان للغاية لتغيرات الضغط الجوي. وحين يبدأ الضغط بالانخفاض، فإنها تطير أقرب للأرض حيث الهواء أكثف وضغطه أكبر مما هو في الطبقات الأعلى. كما أن الحشرات التي تتغذى عليها تتحرك بدورها في مستويات أدنى حين ينخفض الضغط الجوي، وهذا يحصل عادة قبل قرابة 12 ساعة من حصول العاصفة.
5- الشتاء الأبرد من العادة يعني صيفا أدفأ:
خطأ. أحيانا كانت الفصول الأربعة أبرد من العادة، وأحيانا كانت جميعها أدفأ.
6- ظهور قوس القزح في الغرب صباحا ينبىء بقدوم المطر:
صحيح. نشاهد قوس القزح حين تعبر أشعة الشمس قطرات الماء في الجو، وتكون مواجهة للشمس؛ أي تكون في الغرب حين تشرق الشمس. وبما أن معظم الموجات المطيرة تأتي من الغرب، فإن هذا يعني اقتراب موجة هوائية رطبة.
7- لا تضرب العاصفة المكان نفسه مرتين:
خطأ. لعل هذه الخرافة قد نشأت من الخوف، ومن تصديق الأمنيات. (مَن تعرّضَ لصاعقة يتمنى عدم تكرارها، فيصدق أمنيته). لكن يمكن القول إنه نظرا لكون الصاعقة يمكن أن تحدث في أي مكان، فإن احتمال تكرار ضربها مكانا معينا بذاته يبقى احتمالا ضعيفا.
8- قبل قدوم العاصفة، يزداد ألم العظام والأسنان:
صحيح. حين ينخفض الضغط الجوّيّ فجأة، يصبح ضغط الهواء داخل الجسم، حول المفاصل أو الأسنان، أكبر من الضغط الجوّي. وهذا يفاقم الألم لدى الشخص الذي يعاني أصلا من مفاصله أو أسنانه.
9- يزداد نقيق الضفادع قبل المطر:
صحيح. لا تحتمل الضفادع عادة الطقس الجاف، لأنه يزيد من تبخر الرطوبة من جلدها، لهذا السبب تكون داخل الماء خلال الأيام المنخفضة الرطوبة. لكن قبل العاصفة، تزداد رطوبة الهواء، فتميل للخروج من الماء وتأخذ بالنقيق.
الثلاثاء، 2 أبريل 2013
الفيروسات في 25 معلومة بسيطة
القاموس العلمي ّ (10)
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
1- الفيروس كلمة يونانية تعني "السم". شاعت هذه الكلمة المعرّبة لدينا، وكانت اقترحت تعابير عربية أخرى: الحمّة، الراشح (لأنه يرشح من فلتر يحجز البكتيريا، هل لكلمة "الرشح" علاقة بهذه الكلمة؟).
2- عام 1890 لوحظ أن مرض تبرقش ورق التبع ينتج عن كائن بالغ الصغر (يرشح من الفلتر). وفي عام 1898 أطلق عليه الهولندي بيجرنك اسم الفيروس.
3- لا يعتبر كائنا حيّا بمعنى الكلمة، لأنه لا يتكاثر إلا داخل خلايا حيّة، ويوصف أنه جُسيم متطفل أو مُعدٍ.
4- يتطفل على جميع الكائنات الحية.
5- يتكون من مورث (جين) من الحمض النووي دنا أو رنا، محاطا بغلاف دهنيّ؛ وقد يمتلك معطفا إضافيا أيضا.
6- قطره بين 10 و 300 نانومتر (النانومتر بالمليون من الملمتر).
7- أصغر من البكتيريا بمئة مرة في المعدل (يمكن صفّ 50000 فيروس متجاورة ضمن 1 مم).
8- تنتقل الفيروسات بواسطة رذاذ السعال (كما في الانفلونزا والرشح)، أو تنقلها الحشرات (حمّى الضنك أو الدنغ)، أو عبر الاتصال المباشر (الهيف: فيروس الإيدز).
9- يقاوم جسمنا عادة معظم الفيروسات..
10- يمكن أن يكتسب الجسم مناعة ضدها بفضل التطعيم؛ لكن لا تصلح المضادات الحيوية لمقاومتها.
11- قد تغير تركيبها من وقت لآخر، فتتغلب على مقاومة الجسم. لهذا السبب لا يصلح التطعيم ضد الانفلونزا مثلا إلا لموسم واحد.
12- العاثيات هي فيروسات تهاجم البكتيريا.
13- سعى الروس منذ مئة سنة إلى استغلال العاثيات لمقاومة البكتيريا المسببة للمرض (بدلا من اللجوء للمضادات الحيوية).
14- أول صورة للفيروس كانت عام 1931، بالمجهر الالكتروني.
15- توجد أربعة أشكال رئيسية : حلزونية، كروية ذات عشرين وجه، ثنائية الغلاف، معقدة.
16- تتوزع على 7 مجموعات حسب تركيبها : دنا ، رنا، رنا قهقري (رترو)، ...
17- يتخصص الفيروس في نوع الخلايا التي يصيبها.
18- بعد أن يرتبط بالخلية المناسبة، يخترقها، ثم يتحلل معطفه (وغلافه، إذا وجد) لتنطلق جيناته.
19- بعد تحرر الجينات، تنسخ نفسها داخل الخلية، ثم تنفجر الخلية المنهكة لتنتقل الفيروسات لخلايا مجاورة.
20- قد يبقى ساكنا داخل الخلية لأشهر أو سنوات (مثل فيروس الإيدز)
21- نعرف حتى الآن 5000 نوع منها.
22- من الأمراض الفيروسية البشرية: الرشح، الانفلونزا بأنواعها، السارس، الهربس (ثآليل البرد)، الإيدز، حمى ايبولا، حمّى الضنك، التهاب الكبد الوبائي، شلل الأطفال، الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية، الجدري.
23- يعتقد أن الفيروسات تسبب عدة أنواع من السرطان. التهاب الكبد الفيروسي، مثلا، قد يتطور إلى سرطان.
24- يوجد 250 مليون فيروس في كل مليلتر (سم3) من ماء البحر.
25- الفيروسات أداة أساسية في هندسة الجينات، إذ تستخدم لإدخال جينات معينة في الخلايا.
بماذا يتميز الحاسوب غير الدقيق؟
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
لو أننا سمحنا للحاسوب بارتكاب بعض الأخطاء، فإننا سنكسب استقلالية وسرعة أكبر. هذه هي الفكرة التي جاء بها افيناش لنغامنيني، وهو من أصل هندي، ويعمل في جامعة رايس في هيوستن / أمريكا.
ظهرت هذه الفكرة عام 2003، حين لوحظ أن قانون مور (ينصّ على أن قدرة المعالجة للحواسيب ستتضاعف كل سنتين) لم يعد قابلا للتطبيق أكثر من ذلك، لأن تصغير مكونات الدارة الالكترونية قد بلغ حدا يصعب تجاوزه؛ فالكثافة العالية للمكونات البالغة الدقة تحدث "ضجيجا خلفيا". وهذا يسبب الأخطاء. نعلم أن القاعدة الأساسية المتفق عليها حتى الآن هي رفض أية أخطاء؛ لكن المشكلة هي أن تقنيات تصحيح الأخطاء مكلفة، وتستهلك الكثير من الطاقة، وتحتل حيزا كبيرا، وتبطىء العمليات. من هنا ولدت فكرة ثورية: السماح للحاسوب بارتكاب بضعة أخطاء. ويتمثل التطبيق العملي لهذه الفكرة بإلغاء بعض أجزاء الدارة الإلكترونية التي تتدخل عادة في الحسابات لتضمن صحتها ودقتها. استهدفت أولا الأجزاء التي يندر استخدامها في العملية، خاصة فيما يتعلق بعمليات روتينية بسيطة. وكانت النتائج حتى الآن باهرة. فقد أمكن تخفيض استهلاك الطاقة إلى الخمس حين سمح للمعالج بارتكاب أخطاء بنسبة 8%.
بالطبع لن تطبق هذه التقنية في مجالات تتطلب دقة عالية، كالطيران أو الحاسبات العلمية الفائقة الدقة، وإنما في تطبيقات أخرى يومية مثل الصور وأفلام الفيديو والبرامح الصوتية. وقد لوحظ أن الصورة التي خفضت جودتها بنسبة 8% تبقى جيدة.
ولعل أهم التطبيقات المستهدفة للحوسبة غير الدقيقة هي في مجال الأجهزة الالكترونية المحمولة التي تستهلك طاقتها المخزونة بسرعة. وهذا يعني أن تخفيض استهلاكها من الطاقة إلى الخمس مثلا يعتبر إنجازا باهرا، يبرر انخفاض جودة المخرجات قليلا.
Science et Vie Sept 2012
ماذا جرى عام 775؟ (لماذا زاد الكربون 14؟)
حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
فوجئ باحثون يابانيون حين حللوا ساقي شجرتي أرز عمرهما نحو الفي سنة، بوجود مؤشرات على ارتفاع غير متوقع في تركيز نظير الكربون 14 في عام 774 – 775. ونعلم أن حلقات ساق الشجرة تدلّ على عمرها. كل حلقة تمثل سنة واحدة.
تلقف المختصون في العالم نبأ هذا الكشف باهتمام بالغ، وسعوا للتحقق من صحته عن طريق فحص حلقات سيقان اشجار معمرة تعود للفترة نفسها، فثبتت لهم صحته.
فما سر هذه الظاهرة الغريبة؟ لعلّ الإجابة عن هذا السؤال تدخل ضمن مجال الفيزياء الفلكية أكثر مما هي ضمن علم الأحياء. بحث العلماء، عبثا، عن مؤشرات وأدلة فلكية في بطون كتب التاريخ التي تغطي تلك الفترة، باستثناء إشارة إلى ظهور صليب أحمر في السماء حسب السجلات البريطانية لتلك السنة.
ما هو نظير الكربون 14؟
99% من الكربون الموجود على كوكب الأرض هو النظير 12، والباقي هو النظير 13، باستثناء نسبة ضئيلة للغاية، لا تتعدى جزءا من ترليون (مليون مليون) مكونة من النظير 14. وهو نظير مُشع، يتحلل إلى نيتروجين وجسيم بيتا (الكترون). وحياة النصف للكربون 14 هي قرابة 5750 سنة. أي لو كان لديك مليون ذرة منه، فإن نصفها يتحلل ويتحول إلى نيتروجين خلال 5750. وهكذا إذا وجدنا أن نسبة هذا النظير في هيكل عظمي قديم هي نصف نسبته المعتادة، فهذا يعني أن هذا الهيكل يعود لحيوان عاش قبل 5750 سنة، وهكذا.
يتكون الكربون 14 في الغلاف الجوي بتاثير الأشعة الكونية على النيتروجين الموجود في الجو. وهذا التأثير ثابت دائما، إلا حين تحصل حوادث فلكية استثنائية. كما أن التجارب النووية التي أجريت بكثافة فوق سطح الأرض خلال الفترة 1955 – 1980 قد زادت نسبة الكربون 14 في الجو.
لغز محير وتفسيرات عجيبة:
لنعد إلى لغز ارتفاع نسبة هذا النظير في شجرتي الأرز اليابانيتين. تبين أن المحتوى من الكربون 14 في حلقة الساق التي تعود لسنة 775 قد ارتفع بنسبة 1,2% وهذا يعادل عشرين ضعف نسبة التغير الطبيعية. ثم انخفض المحتوى تدريجيا خلال السنوات العشرين التالية ليعود إلى مستواه الطبيعي. وبما أننا نستبعد أي تفجير نووي على سطح الأرض في تلك الحقبة، فإن التفسير الوحيد المتبقي هو حصول حادثة فلكية استثنائية.
نشير أولا إلى أن كتب التاريخ لا تقدم مؤشرات ذات دلالة على ملاحظة أية حادثة فلكية استثنائية في تلك الفترة. في بلادنا، كانت الخلافة العباسية في طور التأسيس (750: انتصارهم على الأمويين في معركة الزاب الكبير) وفي عام 775 أصبحت بغداد أكبر مدينة في العالم، لكن مراصدها الفلكية لم تكن قد أنشئت بعد. وفي الغرب كان شارلمان يعمل على احتلال أجزاء من ايطاليا والمانيا، لكن لا أحد في أوروبا كان يهتم برصد السماء حينئذ. وكانت حضارة المايا في أمريكيا الجنوبية في أوجها أيضا، لكن فلكييها لم يسجلوا اية ظواهر غير عادية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن باحثينا يجدون أنفسهم مدفوعين للتفكير في كافة الاحتمالات الكونية الممكنة. ومن هذه الاحتمالات:
انفجار سوبرنوفا قريب: السوبرنوفا، أو النجم المتجدد، أو المستعرّ الأعظم، هو نجم يصل نهاية عمره، وينفجر مطلقا طاقة تفوق الطاقة التي تطلقها الشمس بمئة مليون مرة. ويبث حينئذ طوفانا من أشعة غاما. فيصل بعضها جو الأرض وينتج الكربون 14.
لكن مثل هذا الانفجار، لو أنه حصل، لسجّلته كتب التاريخ، مثلما سجلت ظهور مستعرات عظمى أخرى كانت تظهر واضحة للعين المجردة، مثل ذلك الذي ظهر عام 1006 وكان قرصه أكبر بثلاث مرات من قرص كوكب الزهرة.
ثقب أسود: الاحتمال الثاني هو أن نجما أثقل من الشمس 30 – 100 مرة قد انهار وتحول إلى ثقب أسود خلال بضع ثوان. لكن هذه الثواني كافية لإطلاق نفثات هائلة من أشعة غاما. وهنا أيضا يعترض فلكيون قائلين إن هذه الظاهرة نادرة للغاية، وتدلّ حساباتهم على أنها تحصل مرة كل 100000 – 1000000 سنة.
انفجار شمسي فائق: يحصل انفجار غير عادي في الشمس، وتنطلق منها بروتونات ذات طاقة عالية، فتصل جو الأرض وتنتج الكربون 14.
المصدر الرابع المحتمل هو انفجار مغنِتار Magnetar أو النجم المغنطيسي. وهو نجم نيوتروني وله أعظم مجال مغنطيسي في الكون، فتنطلق طاقة تعادل ما تطلقه الشمس خلال مئة الف سنة، على شكل أشعة إكس وأشعة غاما. لكن هذا التفسير غريب. ولم نكتشف حتى الآن سوى عشرين نجما من هذا النوع في مجرتنا. وجميعها أبعد من أن تحدث تأثيرا واضحا على سطح الأرض.
ويقدم آخرون تفسيرات غريبة أخرى، مثل توقف الرياح الشمسية خلال بضعة اشهر في ذلك العام. هذه الرياح تحرف الأشعة الكونية وتبعدها عن الأرض؛ أي أن توقفها يعرّض الأرض لطوفان من الأشعة الكونية التي تنتج الكربون 14. أو أن الدرع المغنطيسي الذي يحمي الأرض قد ضعف في تلك الفترة، فأتاح للأشعة الكونية والشمسية أن تغزو جو الأرض بكثافة.
وعلى أية حال، فإن الباحثين ما زالوا يكدون ويُعملون عقولهم لحلّ هذا اللغز غير المتوقع.
Science et Vie Sep 2012
P 92-98
لْوِي دو بْرُوي: من التّاريخ إلى الفيزياء (جائزة نوبل 1929)
شخصيّات علميّة (12)
م. سائد مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
Louis de Broglie (1892 – 1987(، (هذا هو لفظه الصحيح بالفرنسيّة، ويلفظ "دي برولي" في الإنجليزية، لكنه يكتب بالعربيّة أحيانا "لويس دي بروغلي").
لعالمنا الجليل هذا قصة حياة بسيطة وهادئة، لكنها طريفة أيضا. وُلِد لعائلة من النبلاء، في مدينة دْييب في فرنسا. كان والده دوقا، وأصبح هو كذلك عام 1960. حصل على شهادته الجامعية في التاريخ. ثم وجه اهتمامه إلى الرياضيات والفيزياء.
أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، عرض على الجيش خدماته لتطوير الاتصالات بواسطة اللاسلكي (الراديو). في عام 1924 قدّم رسالته لنيل الدكتوراه في الفيزياء، بعنوان: بحوث في النظرية الكمومية. وقدم فيها نظريته الثورية عن موجات الالكترونات، وتضمنت الطبيعة المزدوجة للإلكترونات: موجات – دقائق مادية. ثم وضع فرضية تنص على أن لأي جسيم متحرك موجات مرافقة. وهكذا يكون قد أوجد فرعا جديدا في الفيزياء، هو الميكانيكا الموجية التي وحدت فيزياء الطاقة (الأمواج) مع المادة (الجسيمات). توّجت إنجازاته هذه بجائزة نوبل للفيزياء عام 1929.
واصل دو بروي أبحاثه ساعيا لتطوير "تفسير سببي" للميكانيكا الموجيّة، مقارنة مع النماذج الاحتماليّة التي تسود الميكانيكا الكموميّة. وقد ألف أيضا في فلسفة العلم، وفي التثقيف العلمي.
اختير عضوا في أكاديميّة العلوم الفرنسية عام 1933، ثم أصبح أمين سرّها اعتبارا من عام 1942 وحتى وفاته. رفض أن ينضم لعضوية الاتحاد الكاثوليكي للعلماء الفرنسيين لأنه لم يكن متديّنا. انتخب عام 1944 عضوا في الأكاديمية الفرنسية، وكان شقيقه الأكبر، موريس، وهو فيزيائي أيضا، قد سبقه لعضوية الأكاديميّة.
في عام 1952 منحته اليونسكو جائزة كلنغا تقديرا لجهوده في نشر الثقافة العلميّة.
عاش دو بروي أعزبا. وتوفي عن 94 سنة حافلة بالعطاء العلمي (هل من علاقة بين العزوبية وطول العمر، أو بين البحث العلمي وطول العمر؟). ويروى عنه أنه لم يكن محاضرا ناجحا، ولم يكن ماهرا في توصيل المعلومات إلى الطلبة. وهكذا اتفق طلابه في الجامعة على أن يتناوبوا حضور محاضراته، بحيث يتواجد نصفهم في كل مرة، مراعاة لشعوره حتى لا يكون وحده في غرفة الصف.
أخبار علمية : الغرافين لتحلية الماء، إسفنجة تستخلص اليورانيوم من المحيط
حسام مدانات، العرب اليوم، 2/4/2013
الغرافين هو الأفضل لتحلية الماء
إنها تقنية جديدة لتحلية ماء البحر؛ وهي أسرع مئة - الف مرة من تقنية التناضح العكسي الشائعة حاليا. تعتمد هذه التقنية على استخدام غشاء من الغرافين الذي يحتوي على ثقوب نانوية، أي ذات قطر يقاس بالنانومتر (جزء من مليون من الملمتر).
أقدم أثر لنيزك عمره 3 مليارت سنة
تظهر منطقة مانستوك في غرينلند كافة المؤشرات على تعرضها لسقوط نيزك في القدم: شذوذ مغنطيسي، معلم دائري مميز، صخور تحمل آثار التشققات، صخور كوارتز وفلدزبات منصهرة. ويقدر أن نيزكا قد سقط هنا قبل 3 مليارات سنة، ليكون بذلك اقدم أثر نيزك يكتشف حتى الآن. وأقدم بكثير من الفوهة النيزكية في فردنورت في جنوب افريقيا، وعمره مليارا سنة.
لكن هذا الكشف لم يكن سهلا. فالصخور السطحية قد تآكلت وجرفت خلال هذه الحقبة الطويلة. توقع الجيولوجي آدم غارد عام 2009 أن المؤشرات التي لاحظها في الموقع ناتجة عن نيزك قديم، لكنه احتاج 3 سنوات حتى اقتنع المجتمع العلمي بنظريته.
وقد عثر على صخور تحمل آثار موجات صدمة النيزك على عمق 25 كم. ويقدر أن قطر الحفرة التي سببها النيزك حينئذ بلغ 500 كم.
دورة الماء تتسارع
نعني بدورة الماء تبخره من المحيطات والبحار ثم تساقطه مطرا وثلجا. يقدر أن معدل التبخر والتساقط قد ازداد بنسبة 4% منذ عام 1950، بفضل احترار الأرض.
لكن زيادة التساقط المطري لم تتوزع بالتساوي؛ فالواقع أن المناطق الجافة قد ازدادت جفافا، والمناطق الرطبة تلقت أمطارا أكثر. ويتوقع أن ارتفاعا قدره 4 درجات سلسيوس على معدل درجة حرارة الأرض سيزيد كمية التبخر والتساقط بنسبة الربع!
يعمل الاسترالي بول دوراك على قياس الهطول المطري على المحيطات قياسا غير مباشر. فهو يقيس درجة ملوحة المياه السطحية فيها. فالماء الأكثر ملوحة يدل على قلة المطر في تلك المنطقة.
اسفنج يستخلص اليورانيوم من المحيط
يحتوي ماء البحر على نسبة ضئيلة للغاية من اليورانيوم: 2,2 ميكروغرام/لتر، أي أنه يلزم 3000 م³ من ماء البحر للحصول على غرام واحد من هذا المعدن المشع. لكن باعتبار كمية الماء الهائلة في المحيطات والبحار، فإنه يقدر أنها تحتوي إجمالا على 4,5 مليار طن من اليورانيوم.
وقد توصل مختبر اوك رج الوطني الأمريكي ORNL إلى ابتكار مادة اسفنجية قادرة على التقاط اليورانيوم من ماء البحر، وأطلق عليها اسم HiCap وهي مصنوعة من الياف من اللدائن (البوليثلين) المغطاة بمواد تجذب اليورانيوم. ثم تغسل بالحمض لنزع المعدن عنها، ليعاد استخدامها مرة بعد أخرى.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)