Powered By Blogger

السبت، 10 ديسمبر 2011

هل تتخلي فرنسا عن طاقة الريح ؟

لأول وهلة، يبدو أن مصادر الطاقة المتجددة، كالريح والشمس، هي الأفضل والأرخص والأنظف. فهي متوفرة في كل مكان ، وتبدو جاهزة للاستخدام ، وهي لا تضر بالبيئة ولا تصدر غازات ملوثة للجو، بينما النفط والغاز والفحم تتطلب بذل مجهودات كبيرة في الاستكشاف ثم حفر الآبار أو المناجم ثم النقل والمعالجة والتكرير والتوزيع على محطات الوقود – وهي سلسلة طويلة ومعقدة ومكلفة . أما محطات توليد الكهرباء من الطاقة النووية فهي بدورها لا تخلو من سلبيات مثل مخاطرها العالية وتقنيتها المعقدة وكلفتها الباهظة.

فلماذا إذن لا نتخلص من كل هذه التعقيدات والكلف، ولماذا هذا التأخير في إحلال الطاقة المتجددة النظيفة محل النفط والفحم ؟

قد يخطر بذهنك نظرية المؤامرة، أي سعي شركات النفط العالمية الجبارة إلى محاربة مصادر الطاقة المنافسة حتى تبقى هذه الشركات متحكمة بالطاقة العالمية، فتحدد أسعارها كما ترغب. لا شك أن في هذا الرأي بعض الصحة، فرأس المال يضع مصلحته الخاصة قبل كل شيء. لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فاستغلال طاقة الريح مثلا يتضمن سلبيات عديدة نعرض بعضها فيما يلي ، وهي سلبيات تعاني منها فرنسا وغيرها من الدول فيما يتعلق بالطاقة الريحية.

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !
لا تمتلك فرنسا آبارا للنفط ، ويكاد احتياطيها من الفحم الحجري ينضب . وحتى اليورانيوم اللازم لمحطاتها النووية الكثيرة تضطر لاستيراده من الخارج . لكنها تملك الريح، الكثير منها. والريح يمكن أن تولد الكهرباء. ورغم هذا ، فإن نصيب الريح من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة يبلغ 1,5 % فقط ، مقابل 14% في اسبانيا و 8% في المانيا.


ورغم أن الحكومة الفرنسية تدافع عن برنامجها الهادف لتطوير مشاريع توليد الكهرباء من طاقة الريح، إلا أن الشكوك تحوم حول مدى فاعلية هذا القطاع. وتقدم مجلة العلم والحياة الفرنسية في عددها لشهر أيلول 2010 عدة أسباب تدعم هذه الشكوك.
.

 إن محطات توليد طاقة الريح تتطلب إنشاءات هندسية كبيرة ومكلفة لربطها مع شبكة الكهرباء الرئيسية، وطرقا خاصة من أجل بنائها ثم متابعة صيانتها. تستهلك أساسات المروحة 300 م³ من الباطون و 40 طنا من الحديد ، إضافة إلى 200 طن حديد للعمود الذي يحمل الشفرات التي يبلغ طول كل منها 50 مترا. وهي تصدر ضجيجا مميزا إذا اشتدت الريح.

 يبدي عدد من السكان المجاورين للمحطات الريحية معارضتهم لوجودها بسبب الضوضاء وما يعتبرونه تشويها للطبيعة وإساءة للمنظر العام .

 لا يتفق حجم الطاقة المنتجة مع الحاجة اللحظية، فقد يكون الطقس باردا جدا والحاجة للطاقة كبيرة، لكن الريح ساكنة والمراوح لا تنتج أي طاقة. كما أنه يصعب التحكم بالطاقة الناتجة نظرا لتذبذبها، مما يمثل كابوسا لمهندسي الشبكة الكهربائية عند ربط مراوح توليد الطاقة مع الشبكة.

 الجدوى الاقتصادية للمحطات الريحية مشكوك فيها. تتلقى منشآت طاقة الريح دعما ماليا من الحكومات الأوروبية، ففي فرنسا مثلا تلزم الحكومة شركة كهرباء فرنسا (EDF) بشراء إنتاج المحطات الريحية بسعر 86 يورو للميغاواط ساعة، ولمدة عشر سنوات على الأقل. في حين أن سعر السوق يتراوح حاليا بين 40 و 60 يورو (الميغاواط يساوي ألف كيلوواط) ويبلغ إجمالي هذه الكلفة الإضافية التي تسببها المحطات الريحية نحو ملياري يورو. وبالطبع فإن الشركة تحمل هذا الفرق للمستهلكين. وهذا يعني أن التوسع في إنشاء محطات توليد الكهرباء من الريح قد يرفع كلفة الطاقة الكهربائية التي يتحملها المستهلك.

Science et Vie 9/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق