Powered By Blogger

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

ورود وأشواك – بمناسبة بدء العام الدراسي


المحرر العلمي، العرب اليوم، 11 أيلول 2012
 نطلب العلم في المدرسة، وبالطبع فهذا العلم لا يقتصر على العلوم الطبيعية، بل يشمل كافة المواضيع التي تتضمنها المناهج الدراسية فهي جميعها من العلم.
 رغم المتعة التي يجدها الطفل مع أقرانه، إلا أن المدرسة لا تمثل لمعظم أطفالنا مكانا ممتعا يتشوقون للذهاب إليه. فما الذي يمنع ذلك؟
 ولنتطرق مباشرة إلى العلوم الطبيعية. نعلم أن التجارب المخبرية جزء أساسي من تدريس هذه المواد. ونعلم أيضا أن مختبرات الكثير من المدارس الحكومية والخاصة مغلقة يكسو الغبار محتوياتها. فما الذي يمنع من تفعيلها؟ ومتى يحصل ذلك؟
 ممارسة غريبة، بل خطيرة، لاحظتها منذ سنوات عديدة في مدارس خاصة عريقة، وأخشى أن تكون ظاهرة عامة في المدارس الخاصة كافة، وهي منع الطلبة من استخدام الكتاب المدرسي المقرر والاقتصار على المادة الملخصة التي ينسخها الطفل عن اللوح، مع ما قد يكتنف كتابته من أخطاء. وهذا يذكرني بممارسة الدولة العثمانية خلال بضعة قرون حين حظرت المطابع ومنعت حيازة الكتب المطبوعة تحت طائلة الإعدام.
 معظم أهالي الطلبة يمضون معهم ساعات طوالا في حل الواجبات المدرسية والاستعداد للامتحانات. وقد يستعينون بمدرسين خصوصيين لمعظم المواد؛ وحتى أوائل الطلبة أصبحوا يعتمدون على المدرّس الخصوصي. ونتساءل هنا ماذا يفعل الطفل في الصف، بل ماذا يفعل المعلم؟ ولماذا يذهب أطفالنا للمدارس أساسا إذا كان عبء تدريسهم يقع علينا؟ لا نميل إلى تصديق التهمة القائلة أن معلم المدرسة الخاصة يعمل ما في وسعه حتى لا يفهم الطفل الدرس، وحتى يضطر للاستعانة بمدرس خصوصي. لكن انتشار ظاهرة التدريس الخصوصي، حتى لدى أوائل الطلبة، تجعلنا نشك بالأمر.
 تمتد المرحلة الالزامية لدينا حاليا حتى الصف العاشر. وهذا يعني التزام الدولة بتوفير متطلبات الدراسة في هذه الصفوف وعدم تحميل أهل الطالب كلفة مالية. وهذا أمر رائع ويحمد للدولة في بلد نام كالأردن. فالطالب لا يدفع رسوما بل حتى أن طلبة المدارس الحكومية قد أعفوا من التبرعات المدرسية الرمزية.
لكن هل تحققت متطلبات هذا الالتزام الحكومي حقا. خاصة في عمان والمدن الكبيرة؟
المدارس الحكومية العامة في الدول الغربية هي السائدة. وهي موجودة في كل حي حتى لا يضطر الطفل وأهله إلى تحمل مشقة المواصلات إلى مدرسة بعيدة.
وفي الولايات المتحدة، توفر المدارس الحكومية باصات مجانية لنقل طلبتها. وإذا كان سكن الطفل أبعد من أن يصله الباص المدرسي فإن ولي أمره يوصله إلى أقرب نقطة لمرور الباص، وتعوضه الدولة عن التكلفة التي تحملها في سبيل ذلك.
الواقع أن المدارس الحكومية في عمان غير كافية وغير موزعة توزيعا ملائما في الأحياء السكنية. كما أنها لا توفر باصات لنقل طلبتها البعيدين. ولعل هذا هو أحد أسباب توجه معظم أهالي عمان، خاصة عمان الغربية، نحو المدارس الخاصة ذات الرسوم الباهظة للغاية.
 لا شك أن المدارس الخاصة قد سدت ثغرة كبيرة وحملت عبئا ضخما نيابة عن وزارة التربية، رغم أن البعض يشكك في مدى مصداقية مؤسسة ربحية تجارية في تقديم العلم بتجرد وإخلاص.
 ترضي الرسوم العالية في المدارس الخاصة الرغبة بالمباهاة السائدة لدينا. ونميل عادة إلى الانتقاص من مستوى المدارس الحكومية، رغم أن معلميها لديهم مؤهلات عالية ويشاركون في دورات تدريبية صيفية لا يحظى بمثلها معلموا المدارس الخاصة.
 ولنحاول بحسبة بسيطة تقييم مدى معقولية أقساط المدارس الخاصة. إذا فرضنا أن الطالب يدفع 2000 دينار رسما سنويا. فإن صفا مكونا من 20 طالبا يدفع 000 40 دينار. ويتلقى الصف ما مجموعه 36 حصة اسبوعيا أي ما يعادل النصاب المقرر لمعلمين اثنين، فإذا كان راتب المعلم 500 دينار شهريا، فإن راتبهما الشهري يكون ألف دينار، والراتب السنوي 000 12 دينار. وبطرح 12000 من 40000 يكون نصيب الإدارة من صف واحد 28000 دينار!
ولا ننسى أن رسوم الأنظمة غير الأردنية كالنظام الدولي أو برنامج كمبرج هي رسوم عالية وقد تصل 4000 أو 5000 دينار للطفل .

 وأخيرا نشير إلى مادة تدرّسها عدة مدارس خاصة وتشكل معاناة للطفل ومعلّمه وللأهل وللمعلم الخاص الذي قد يساعد الطفل. إنها اللغة الفرنسية التي تحظى بحصة واحدة أو حصتين اسبوعيا دون أية جدوى إطلاقا. لأن اللغة يجب أن تأخذ حقها بست حصص أو سبع أسبوعيا، وإلا فلا مبرر لها. (أنظر عدد شهر أيلول من ملحق الناشئة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق