Powered By Blogger

الاثنين، 24 ديسمبر 2018

مدننا سجن للأطفال: عمان نموذجا!


هل تحبني حقا يا أبي؟ (عمّان: سجن الأطفال الكبير) - هل يجب أن تكون الحياة مليئة بالتوتر هكذا؟ - وهل السعادة أن أعيش في سجن من ذهب؟ - وهل ما أحتاجه منك هو فقط النقود لدفع أقساط المدرسة الخاصة الغالية، ووسائل الرفاهية، دون أن أحظى بفرصة للعب معك أو حتى برؤيتك إلا لماما؟ وحتى والدتي لا أكاد أعرفها. فأمي الحقيقية كانت دائما خادمة وافدة. أستمع أحيانا إلى جدي وأصدقائه يتحدثون عن حياتهم في عمان في الأربعينيات والخمسينيات، وكيف كانت الشوارع الترابية مملكتهم المطلقة، ولا خوف على حياتهم من سيارة طائشة. وكيف كانوا يمشون ويركضون من جبل إلى جبل عبر السيل واسماكه. وأسمع عن عطلة الربيع التي كانت تمنح للمدارس ليتمتع الأطفال بربيع بلادنا القصير. فلماذا حرمنا من هذه العطلة؟ أنظر إلى العصافير تغرد مرحة على الأشجار القليلة الباقية حولنا، ولا أملك إلا أن أحسدها يا أبي. إنها تملك الحرية التي لا يتمتع بها أي طفل في أية مدينة أردنية حاليا. أكاد أختنق داخل شقتنا الواسعة، فهي مكتظة بالأثاث والتحف التي أخشى أن أحطم واحدة منها إذا لم أكن حذرا. أتساءل: ألم يذهب اصحاب القرار لدينا إلى الدول الراقية ويشاهدوا مئات المتنزهات الكبيرة والملاعب والحدائق حول المباني السكنية الكبيرة، ليلعب الأطفال ويجلس الكبار فيها، وتمنع السيارات من دخولها. سامحني يا أبي، لكني لا أعتقد أني سأنجب ابنا ليعيش في هذا المخيم الكبير، المكرهة البيئية وبؤرة التلوّث الكبيرة، الكراج الكبير، السجن الكبير الذي يدعى عمان. أدركت الآن مغزى ما قاله أبو علاء المعري: هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق