Powered By Blogger

الاثنين، 24 ديسمبر 2018

GAFAM


الحكَّام الجدد... والعبيد الجدد غافام هو اختصار أسماء شركات الويب الأميركية العالمية الخمس، وهي غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت، وكلها تأسَّست في الربع الأخير من القرن العشرين، وتطورت وازدهرت في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، ويُطلق عليها تسمية «الخمسة الكبار». ومن المفيد أن نعلم أن غوغل تمتلك شركة يوتيوب، وأن فيسبوك تمتلك شركتي واتساب وإنستاغرام، وأن مايكروسوفت تمتلك شركة سكايب. صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية لقبت هؤلاء الخمسة الكبار مؤخراً بـ «نقابة الجريمة الرقمية المنظمة» بسبب تشكيلهم خطراً كبيراً على الديمقراطية وعلى الحريات الفردية في العالم، نظراً لنشرهم أخباراً ملفقة وبث شائعات مغرضة متى شاؤوا وفي أي بلد من بلدان العالم وبلغة أهل البلد. كما كتبت مجلة «جون أفريك» (أو أفريقيا الشابة) مقالاً مشابهاً يؤكد خطر هذه المجموعة العالمية التي باتت تستحوذ على البيانات الشخصية لجميع مستخدميها وميولهم وسلوكياتهم في كل ما يتعلق بحياتهم العامة والخاصة، ناهيك عن التهرب الضريبي الذي تستفيد منه هذه الشركات الضخمة في كافة أصقاع الأرض، لا سيما بعدما باتت تشكل كتلة مالية ضخمة جداً تقدر بحوالي 4 آلاف مليار دولار أميركي كقيمة سهمية في البورصة. إسرائيل فهمت باكراً لعبة تجميع البيانات الكبرى في الفضاء السيبراني، فبالإضافة لليهود الموزعين في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وروسيا القابضين على المال والسلطة والإعلام، تحولت إسرائيل خلال العقود الأخيرة إلى واحة عالمية لاستقطاب الشركات الناشئة، لا سيما المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات المتطورة، ومنها برامج التجسُّس الإلكترونية، وباتت تبيع منتجاتها بأغلى الأسعار إلى الأنظمة العالمية لمحاربة الإرهاب، وإلى الأنظمة الدكتاتورية لتعقب المعارضين والتخلص منهم. ومن عشرات بل مئات الأمثلة الساطعة شركة إن إس أو الموجودة في مستوطنة هرتزاليا، والتي صنعت برنامجاً تجسسياً اسمه بغاسوس، حيث وصلت كلفة التجسُّس على الضحية الواحدة 25 ألف دولار. ومنذ ثلاثة عقود، يتم توجيه المتفوقين من المجندين الإسرائيليين للعمل في وحدة المخابرات 8200، بحيث يتعلمون تطوير الأسلحة الرقمية وبرمجيات القرصنة الإلكترونية، بعدها يتبوأ خريجو هذه الوحدة مناصب عليا في شركات المراقبة والتجسس بوصفهم أدمغة أمنية عالمية، ومنهم متخصصون في جمع المعلومات الحسَّاسة من شبكات التواصل الاجتماعي العربية وتحليلها والاستفادة من نتائجها. (ولعل الأخطر من هذا كله هو السعي للسيطرة على عقول المليارات في الدول النامية، وتحريكهم وإثارتهم في أية لحظة، عن طريق نشر أكاذيب وترهات دينية بشكل خاص). في كتاب شيق صدر عام 2011، بقلم كل من دان سينور وساول سينجر بعنوان «الأمة الناشئة: قصة المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية»، يجيب الكاتبان على سؤال أساسي: كيف لدولة مثل إسرائيل يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة، وعمرها بالكاد 60 عاماً (70 عاماً الآن)، وهي في حالة حرب دائمة مع أعدائها الكثر منذ إنشائها، وليس لديها موارد طبيعية، أن تتمكن من إنشاء أعداد كبيرة من الشركات تزيد عن دول عريقة مثل اليابان والصين والهند والمملكة المتحدة؟ سؤال لم يخطر يوماً على بال الحكَّام العرب الذين يحكمون 365 مليون إنسان ويملكون ثروات طبيعية ومالية خيالية، ولا على بال الجامعات العربية التي تخرج أعداداً متزايدة من أصحاب الشهادات العالية الذين لا قيمة علمية وازنة لهم في سوق إنتاج المعرفة. منتجو المعرفة ومالكوها سيصبحون قريباً حكام العالم الجدد، أما مستهلكو المعرفة فلن يكون لهم إلا دور العبيد الجدد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق